ينال ملف المعتقلين العرب، خصوصاً السعوديين، في السجون العراقية حيزاً واسعاً من الغموض منذ سنوات. وأصبح أشد غموضاً بعد انتقالهم من سلطة القوات الأميركية التي كانت تعتقلهم في سجنين أساسيين («كروبر» غرب بغداد و»بوكا» في محافظة البصرة جنوباً)، إلى السلطة العراقية التي تعتقد بأن عمليات إرهابية تتم في شكل دائم لمحاولة تهريبهم. وإضافة إلى حصر ملف المعتقلين العرب تحت سلطة مكتب القائد العام للقوات المسلحة في العراق، فإن أحداثاً بعضها داخلي والآخر خارجي يتحكم في طبيعة المعلومات المتعلقة بهؤلاء المعتقلين. ففي الشأن الداخلي يعتقد قادة أمنيون عراقيون بأن معظم عمليات اقتحام السجون التي حدثت خلال الشهور الماضية كانت تهدف إلى تحرير عناصر قيادية في تنظيم «القاعدة»، معظمهم يحملون جنسيات عربية. ويقول مصدر أمني عراقي إن التحقيقات في اقتحام مديرية مكافحة الإرهاب في بغداد، منتصف العام الحالي، كانت تهدف في الأساس إلى تحرير معتقلين سعوديي الجنسية كانا داخل المديرية لأغراض التحقيق. ويؤكد المصدر أنه فور تأكد القوى الأمنية من وجود خرق كبير في المعلومات عن أماكن وجود المعتقلين، وتكرر المحاولات لإطلاقهم، لجأت السلطات إلى خطط جديدة للتمويه عليهم، بينها تغيير أماكن وجودهم خلال مدد قصيرة بين سجون مختلفة، أبرزها سجن التسفيرات في بغداد وسجن مطار بغداد، وبعضهم يتم نقله إلى سجن سوسة الذي يتبع وزارة العدل العراقية في محافظة السليمانية شمال البلاد. وفي إجراءات أخرى تم تغيير الأسماء الحقيقية لمعظم المعتقلين برموز رقمية أو أسماء أخرى لمنع إمكانات تعقبهم. وفي الجانب الآخر من الملف، تؤثر طبيعة العلاقات بين الحكومة العراقية ودولة المعتقل في المعلومات المعلنة عن أعداد المعتقلين وأسمائهم وتهمهم. ونظراً إلى العلاقات المتوترة بين بغداد والرياض، بات ملف المعتقلين السعوديين أكثر تعقيداً وغموضا، سواء بالنسبة إلى أعدادهم أو المعلومات المتوافرة عنهم. حتى أن الهلال الأحمر يمتنع عن تقديم المعلومات المطلوبة عن هؤلاء المعتقلين وأعدادهم والتهم المنسوبة إليهم وأماكن وجودهم وإمكان ملاحقة قضاياهم قانونياً من ذويهم. والملاحظ أن عمليات الإعدام لمتهمين بقضايا إرهاب كانت غالباً تطاول عراقيين، في ما عدا استثناءات محدودة، منها إعلان إعدام المعتقل التونسي يسري فاخر قبل أسبوعين، وسبقه في أيلول (سبتمبر) الماضي إعلان المؤبد لسيف الإسلام السعودي الذي رمزت إليه المحكمة بالحروف (م.أ). وتؤكد المعلومات الحكومية أن الحكومة العراقية تحتجز نحو 500 معتقل، عربي وأجنبي الجنسية، وأن هؤلاء معتقلون بتهم تنفيذ عمليات إرهابية عبر تنظيم «القاعدة» ومجموعات مسلحة أخرى. وكان المدير العام لمكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية اللواء ضياء الكناني أكد أن آخر دفعة من المعتقلين العرب الذين تسلمتهم الحكومة العراقية من القوات الأميركية بلغت 204 معتقلين، بعضهم مسجلون على أنهم عراقيون لكنهم في الأساس يحملون جنسيات عربية أخرى. وتشير معلومات غير مؤكدة إلى أن عدد المعتقلين السعوديين في العراق يبلغ نحو 95 معتقلاً معظمهم دخل إلى الأراضي العراقية عبر سورية في مراحل سابقة، لكن الحكومة العراقية كانت أكدت على لسان مستشار الأمن القومي السابق موفق الربيعي نهاية عام 2008 أن عدد المعتقلين في السجون العراقية لا يتجاوز 64 معتقلاً يضاف إليهم نحو 30 معتقلاً لدى القوات الأميركية، وأشار حينها إلى أن السلطات السعودية سلمت العراق قائمة ب 116 شخصاً سعودياً تعتقد أنهم معتقلون داخل العراق.