يبدو أن حلف الناتو بدأ يستشعر الخطر الذي يتربص بالسواحل الأوروبية جراء تحكم مجموعات أصولية مقاتلة في الساحل المقابل من البحر الأبيض المتوسط، فقائد المجلس العسكري في العاصمة الليبية حالياً، وقائد الجماعية الليبية المقاتلة «الإرهابية سابقاً» عبدالحكيم بلحاج، لن يكون هو ورفاقه الحلفاء الذين تطمئن لهم أوروبا، التي حرصت طوال قرن كامل من الزمن على تأمين السواحل الأفريقية للبحر الأبيض المتوسط بحكومات «علمانية»، لا أطماع سياسية أو دوافع دينية لديها لمعاداة المنظومة الأوروبية... حرصت أوروبا على ذلك باستمرار وبشكل منهجي غير قابل للتفاوض، حتى وإن استدعتها الظروف السياسية والعسكرية للاستعانة بأطراف أصولية بين فترة وأخرى لتنفيذ أجندات طارئة في السواحل العربية قبل أن تتم إزاحتها بشكل سريع عن المشهدين السياسي والدولي. ويمكن القول إن تسارع أحداث «الربيع العربي» وما آلت إليه الأمور في الشمال الأفريقي مسألة خلقت أزمة طارئة للقوى الأوروبية التي سيتحتم عليها اللجوء لأكثر من سيناريو للتخلص من القوى الأصولية في السواحل الشمالية للقارة الأفريقية، ولعل من أكثر هذه السيناريوهات رجوحاً في الوقت الحالي هو تصدير تلك القوى إلى بقعة أخرى من العالم بطريقة ذكية للتخلص منها، وهذا ما تشير إليه بعض التسريبات عن توجه مجموعات ليبية مقاتلة إلى تركيا تمهيداً لانضمامها إلى ما يُسمى «الجيش السوري الحر»، الذي يعمل على إسقاط النظام الديكتاتوري في دمشق عسكرياً، بالطريقة نفسها التي أُسقط بها نظام القذافي. صحيفة «كراسنايا زفيزدا» الروسية كشفت في تقرير مثير لها أن الضربة الأولى التي ستوجه لنظام الأسد ستكون بقيادة عبدالحكيم بلحاج، الذي قالت الصحيفة إنه وُجِد أخيراً في تركيا باسم سليم العلواني ومعه كتيبة من المقاتلين الليبيين. أيضاً أكد وليد أحمد الفرجاني، وهو قائد فرقة للقوات الخاصة تعمل في العاصمة الليبية في تصريحات لصحيفة «الشروق اليومي» بالعاصمة تونس، أن الثوار الليبيين تحركوا بالفعل للقتال مع إخوانهم السوريين ضد النظام السوري الحالي. وعن طريقة تنقل مقاتلي المجلس الانتقالي من ليبيا إلى الأراضي السورية، تحفظ الفرجاني عن الإدلاء بأي تفاصيل بسبب ما وصفه بالدواعي الأمنية، ولأجل حماية الثوار من أي أذى قد يحصل لهم إذا تسربت معطيات عن هذا العمل العسكري للنظام السوري. أما صحيفة «سيدني مورنينغ هيرالد» الاسترالية فذكرت أن المجلس الانتقالي الليبي عقد اجتماعات مع ممثلين عن الثوار السوريين في مدينتي أنقرة واسطنبول خلال الفترة الماضية بهدف الاتفاق على دعم الثورة السورية بالسلاح والمقاتلين، وهو الأمر الذي أشارت إليه تسريبات إعلامية أخرى بشكل أوضح، حين ذكرت أن أكثر من 2000 مقاتل ليبي أصبحوا بالفعل داخل الحدود السورية. كل ما سبق لا يمكن أن يتم بعيداً من توجيهات الناتو، وهو ما يعني «إن صحت التسريبات» أن موسم التخلص من بلحاج ورفاقه قد حل، فالقوة العسكرية لنظام البعث الديكتاتوري في دمشق ليست شبيهة بقوة كتائب مرتزقة القذافي المهلهلة، وهي كفيلة، إن لم تتدخل قوى دولية عسكرياً في سورية، بتحويل جثث إسلاميي ليبيا إلى قطع صغيرة يستخدمها شبيحة الأسد كشعارات على ستراتهم في هذا الشتاء، الذي لن يكون شديد البرودة في ذاكرة السوريين، كما هو معتاد. [email protected] Twitter | @Hani_AlDhahiry