عمت الفوضى والذعر مناطق واسعة تابعة لمحافظة دهوك (500 كلم شمال بغداد) في اقليم كردستان، عندما خرج مصلون الجمعة وهم يرددون عبارات «الله اكبر» في قضاء زاخو، بتظاهرات حاشدة أحرقوا خلالها محلات بيع المشروبات الحكولية والاندية والفنادق التي تسمح بتناولها وصالونات الحلاقة. وخرج الخلاف بين حزب الاتحاد الاسلامي الكردستاني والحزب الديموقراطي الكردستاني إلى العلن. وتوسعت رقعة تظاهرات جماعات اسلامية صباح امس من زاخو، الى قضاء سميل وقرية شيوز ومجمع المنصورية لتمتد الى محافظة السليمانية، التي شهدت بدورها تظاهرات احتجاج على احراق عدد من مراكز حزب الاتحاد الاسلامي واعتقال عدد من قيادييه. وأفادت الصحافة الكردية، ان التظاهرات التي انتشرت في دهوك الجمعة، كانت بتحريض من احد ائمة الجوامع، الذي تحدث عن المحرَّمات وانتقد وجود محلات بيع الخمور في المنطقة، ما أثار حفيظة المصلين، الذين خرجوا غاضبين وهم يحملون في ايديهم العصي لتكسير ما تقع عليه ايديهم وتحطيمه. وهاجم مئات الأشخاص صالونات التجميل والحلاقة ومحلات بيع المشروبات في زاخو، كما حاولوا مهاجمة مبنى مطرانية المنطقة، الا ان الحراس تمكنوا من صدهم. وفي قضاء سميل الذي يبعد 15 كلم عن محافظة دهوك، هاجم مئات المتظاهرين ليلة الجمعة-السبت، شركة «افس» لاستيراد المشروبات الروحية وتصديرها، بالإضافة الى سبع محلات أخرى لبيع تلك المشروبات، يديرها مسيحيون وأيزيديون. وقال مسؤول اللجنة المحلية في الحركة الديموقراطية الاشورية ديندار وليم ل «الحياة»، إن «أعداد المتظاهرين لم تتجاوز العشرات في البداية، لكنها فاقت ال 3 آلاف بعد وصول مساندين لهم من مناطق المنصورية وزاخو، جلهم من الشباب». وأكد ان تدهور الاوضاع في زاخو، جعله يطلب النجدة قبل انتقالها الى سميل، لذلك اتصل بالجهات الامنية المختصة في دهوك، موضحاً ان قوة من سرية زيرفان، بقوام 300 عنصر وصلت الى المنطقة بعد مضي ساعتين على الاحداث، وبعد ان عمت الفوضى المنطقة. وفي مجمع المنصورية الذي يبعد 15 كلم عن محافظة دهوك، هاجم ما يزيد عن 100 شخص صباحَ امس كنيسة مار دانيال للأشوريين، ومنازل عدد من المسيحيين بالحجارة. وقال مختار المجمع شموئيل كوركيس ل «الحياة»، إن «غالبية المهاجمين كانوا من الشباب والاحداث»، مشيراً الى ان «الشرطة أحاطت بالكنيسة تحسباً لأي شغب». ومع احتدام الاوضاع، التي مازالت قوى الشرطة والأمن «الاسايش» تحاول السيطرة عليها بصعوبة، تصاعدت الأزمة بين الحزب الديموقراطي الكردستاني الحاكم والاتحاد الإسلامي الكردستاني، إثر عمليات حرق طاولت عدداً من مراكز «الاسلامي» في دهوك وزاخو، فيما دعا رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني الى رباطة الجأش واحترام التعايش السلمي الذي عرفت به كردستان. وقال بارزاني في «بيان»، ان ما جرى من «اعمال تخريبية كانت نتيجة تحريض بعض اساتذة الدين»، مشيراً الى ان «اعمال العنف التي صبغت المنطقة في اليومين الماضيين تمت وفق برنامج معَدّ مسبقاً». واوضح ان «قوات الداخلية بذلت وسعها للسيطرة على الفوضى، لكنها لم تتمكن من ذلك، وفيما أدين كل هذه الاعمال غير الانسانية واللاقانونية، أطالب اهالي كردستان بأن يلتزموا التعايش السلمي». واعلن بارزاني «تشكيله لجنة خاصة للتحقيق في الحادث واتخاذ السبل القانونية لمعاقبة الذين نفذوا الاعتداء وإنزال اشد القصاص بهم». في سياق متصل، نفى الاتحاد الاسلامي الكردستاني مسؤوليته عن احداث العنف، وأكد «أن اعضاء الاتحاد ومناصريه بعيدون كل البعد عن الاحداث التي وقعت وتطورت الى اعمال عنف، لتكون ذريعة اقتنصتها عناصر مسلحة لمهاجمة مقراتنا ومراكزنا الحزبية وإحراقها». وكان الاتحاد الذي يختلف مع الاحزاب الرئيسية في حكومة اقليم كردستان، اوضح في «البيان»، ان من اطلق عليهم «عناصر مسلحة تتمتع بسلطة في منطقة بهدينان، أحرقوا مبنى المركز الثالث في دهوك، ومبنى المركز الثالث عشر في قضاء زاخو، ومقرَّ فرع سميل في محافظة دهوك، ومكتب قناة سبيدة الفضائية، والراديو والتلفزيون المحليين في المحافظة». وتظاهر العشرات من انصار الاتحاد الاسلامي الكردستاني في محافظة السليمانية امس، احتجاجاً على إحراق مقراتهم، مطالبين بإسقاط حكومة الاقليم، وتجمهر عشرات آخرون من انصار الاتحاد امام مقراته في أربيل، منددين بالاعتداءات التي طاولتهم.