تحت عنوان «عش في فلسطين»، يجوب الفنان والمخرج الفلسطيني خالد جرار، دولَ العالم لتنفيذ مشروع فني ذي رسائل عدة وأبعاد رمزية، ومن خلاله يدمغ جوازات سفر عربية وأجنبية، للراغبين من أصحابها بختم يحمل عبارة «دولة فلسطين» مع رسم لطائر الشمس الفلسطيني. بل إن الأمر بلغ درجة دمغ جوازات سفر لنشطاء سلام إسرائيليين، ما دفع سلطات الاحتلال إلى إلغاء جوازات سفرهم، بل ومنع بعض الأجانب من دخول الأراضي الفلسطينيةالمحتلة بسبب الختم الذي أثار غضب رجال الأمن الإسرائيليين. يُخبر جرار حكاية المشروع الذي «بدأ في غاليري المحطة بمدينة رام الله، وتحول نقطة جذب للكثيرين، معظمهم من حَمَلة جوازات السفر الأجنبية». ويقول: «المشروع رمزي، انحصر في البداية في تعبئة طلب رمزي للإقامة في فلسطين، مختوماً بختم دولة فلسطين الفنّي والمشتهى، في إشارة إلى السيادة المنقوصة والحلم بدولة فلسطينية متكاملة العناصر. وقبل قرابة العام، بدأت أفكر في تطوير المشروع بحيث يحظى بتأثير أكبر، فخرجت بختم طائر الشمس الفلسطيني (هو الاسم العلمي له عالمياً، وتسعى إسرائيل إلى سرقته، لا سيما حين أصدرت صورته على طابع بريدي في ستينات القرن الماضي) كما يحمل الختم كلمتي دولة فلسطين بالعربية والإنكليزية». وكي يضفي جرار حياة على مشروعه، قرر أن يحول الختم إلى واقع، عبر طبعه على جوازات سفر رسمية متعددة الجنسيات. وبدأ الأمر، وفق جرار، مع أجانب مقيمين في فلسطين، يدخلونها بختم إسرائيلي، إذ لا سيطرة فلسطينية على المعابر. ويقول: «المشروع عبارة عن تدخّل فني ذي رسالة سياسية تتعلق بالحق الفلسطيني، وبالحلم بدولة مستقلة لها رموزها السيادية... ردود الفعل في مجملها إيجابية، ومَن رفض الختم كان يخشى ردود فعل سلطات الاحتلال الإسرائيلية». ويؤكد: «في البداية أثار الختم فضول رجال الأمن الإسرائيليين على المعابر البرية والجوية، ومع الوقت بدأت الإجراءات الإسرائيلية تتخذ طابعاً متشدداً مع أصحاب الجوازات المدموغة بختم طائر الشمس الفلسطيني، حتى أنها تعاملت بشكل مسيء مع ناشطة هولندية تدعى موندولين، بسبب الختم، في حين ألغت جواز سفر من بين ثمانية جوازات سفر لنشطاء سلام إسرائيليين ختمت بالختم الفلسطيني، ومن بينهم المخرج الإسرائيلي إيال سيغال الذي نفّذ فيلماً مشتركاً مع المخرج الفلسطيني ميشيل خليفي بعنوان «الطريق 181»... وذلك بذريعة أن الختم «غير شرعي»، وأنه «لا يوجد شيء اسمه دولة فلسطين». يخبر جرار أنه، حتى الآن، ختم حوالى مئتي جواز سفر عربي وأجنبي، لفنانين ومفكرين وحتى دبلوماسيين حاليين وسابقين. ختمت جوازات سفر أجنبية في فلسطين، وعربية وأجنبية في برلين وباريس. وأعرب عن أمله في أن يتحول مشروعه وطنياً، يدعمه قرار فلسطيني باعتماد الختم، على الأقل مع الواصلين والمغادرين عبر استراحة أريحا، وهو المعبر الفلسطيني الأخير باتجاه معبر الكرامة الفاصل بين الأراضي الفلسطينيةالمحتلة والأردن، وتسيطر عليه سلطات الاحتلال الإسرائيلي. وشدد على أن أياً من رجال الأمن والسلطات الرسمية، في الولاياتالمتحدة وأوروبا وعدد من الدول العربية، لم يتعامل مع الختم في شكل غير اعتيادي، باستثناء سلطات الاحتلال. وقال: «وحدها إسرائيل استفزّها ختم طائر الشمس الفلسطيني، الذي طبعته الفنان أيضاً على قمصان وحقائب قماشية، من باب الترويج للفكرة». ومثّل جرار فلسطين، في مهرجان الفن المعاصر في باريس، عبر مشاريع فنية عدة، من بينها مشروع «طائر الشمس الفلسطيني»، الذي غنى له الفنان الفلسطيني الشاب شادي زقطان، لافتاً الى أن رسالته تشدد على أنه «بصرف النظر عن المتداول من حلول سياسية تبدو معطّلة هذه الأيام، لا بد أن ندرك جيداً أن فلسطين احتُلّت العام 1947، وهو المثبت دولياً عبر قرار التقسيم في ذلك العام، ما بين دولتين: إسرائيل وفلسطين». وشدّد على أن المشروع ساهم في تثبيت اسم فلسطين كدولة لم تكن مدرجة قبل المشروع ضمن قائمة الدول التي يمكنها المشاركة في المهرجان، «ما يجعلني أشعر بفخر شديد». وسيتجول العمل في عواصم عالمية، إذ من المقرر أن يطير إلى بينالي برلين في نيسان (أبريل) المقبل، وهو من أهم البيناليات، ليس فقط في أوروبا، بل في العالم. إضافة إلى تطوير المشروع لكل مشاركة، عبر وسائط مختلفة، كالكتب والوثائق والأفلام وغيرها. كما سيحوّل، على هامش مهرجان باريس، طابعاً يحمل اسم دولة فلسطين، وستستضيفه مهرجانات أوروبية خلال الأشهر المقبلة.