إنه ليس مثل أي مكتب جوازات على وجه الأرض.. فليس هناك موظف عابس وراء حاجز زجاجي، ولا فحص لوثائق السفر، ولا أسئلة مقتضبة عن وجهتك.. بل هناك فنان يستقبل الزوّار القادمين، ويسألهم بلطف عمّا إذا كانوا يحتاجون لختم دخول. فالفلسطينيون الذين يعيشون في أرض محتلة ليس من حقّهم وضع قيود لدى عبور حدود أراضيهم.. وكل مَن يعبر نقاط التفتيش الإسرائيلية يذوب بسرعة في شوارع مدن الضفة الغربية المزدحمة مثل رام الله. لكن خالد جرار الذي يدرس الفن، قرر سد الفراغ المؤسسي بختم دخول فني من تصميمه، يقدّمه للأجانب لدى نزولهم من الحافلات. يقول جرار «أنا أؤمن بالفن اللي بيعمل تغيير.. اللي بيحكي عن التغيير. وفني بيعبر عن رسالة سياسية». ولكن رغم ما بدا من حماس السيّاح الواصلين من القدس القريبة للفكرة لم يُبدِ كثيرون منهم استعدادًا لتقديم جوازات سفرهم الغالية من أجل الفن. استمع جيف رينولدز القادم من كندا باهتمام لشرح جرار للفكرة وراء الختم غير الرسمي، ثم رفض بلطف خوفًا من أن يواجه أسئلة طويلة من السلطات الإسرائيلية عندما يقرر العودة لدياره. وقال مشيرًا إلى حرّاس الأمن الذين يفحصون جوازات السفر بدقة قبل المغادرة، ويسألون أين ذهبت؟ ومن قابلت «أنا فقط قلق من أن تفوتني طائرتي في مطار تل أبيب إذا استجوبوني لفترة طويلة بشأن هذا». ويريد الفلسطينيون إقامة دولة مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة تكون القدسالشرقية عاصمة لها على أراضٍ احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967. وعلى مدى نحو 20 عامًا لم تنجح عملية السلام المتقطعة في التوصل إلى اتفاق. ويقول الفلسطينيون إنهم سيسعون الآن إلى موافقة الأممالمتحدة على إعلان دولة ذات سيادة في سبتمبر المقبل. يقول دبلوماسيون إن من المستبعد أن تنجح هذه الخطوة ما يعني أن جرار البالغ من العمر 35 عامًا قد يظل موظف الجوازات الوحيد في الضفة الغربية لفترة. وختمه الصغير المستدير تحوطه عبارة «دولة فلسطين» مكتوبة بالعربية والإنجليزية. وفي الوسط رسم لعصفور الشمس الفلسطيني يطير قرب زهور. يقول جرار الذي فتح صفحة على «فيسبوك» للترويج لختمه «بالنسبة لقضية الدولة أنا بفكر أبعت رسالة، وعملت اللي عليّ وبنشوف شو بيصير». وأضاف «أنا لاحظت أن في فلسطين ما بتنختم الجوازات، وبدأت أختم جوازات الأجانب». وبعد أن واجه رفضًَا رقيقًا مرات عديدة، وجد جرار أخيرًا مجموعة من الأجانب المتحمسين لتقديم جوازاتهم لختمها. وقالت مرجانا بنيديتي التي تزور رام الله قادمة من إيطاليا «أنا مؤيدة بشدة للقضية الفلسطينية، وأعتقد أن هذا احتلال. لذلك أجد من المثير للغضب أن لا يكون لهم الحق في وجود سلطة خاصة بهم». وطلبت من جرار وضع الختم على الصفحة رقم تسعة من جواز سفرها، قائلة إنه «رقمها المفضل، وإن من المهم بالنسبة لها أن يكون على جواز سفرها الختمان الإسرائيلي والفلسطيني».