وكأن المجلس العسكري كان ينتظر الانتخابات النيابية بفارغ الصبر ليستعيد مكانته في الشارع من جديد، فإذا كان للمرحلة الأولى التي انتهت أمس فوائد عدة على صعيد الحضور غير المتوقع ومرور العملية الانتخابية بسلام، فإن ثمة مكاسب عدة حصدها جنرالات الجيش بحجر واحد. فمن جهة، حصلت خريطة الطريق التي وضعها الجيش على شرعية من خلال الإقبال الجماهيري على صناديق الاقتراع. ومن جهة أخرى، خففت الانتخابات من حدة الضغوط التي كان يمثلها ميدان التحرير، كما أن الجيش استعاد نسبياً بعض الثقة في الشارع في إدارته للمرحلة الانتقالية بعد انتقادات لاذعة تعرض لها خلال الأشهر الماضية. وروج الجيش على نطاق واسع عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي صوراً لجنود يحملون عجوزاً أو معاقاً للوصول إلى لجنة الاقتراع، كما أظهرت محاولات الضباط المستميتة لتهدئة الناخبين الغاضبين من تأخر دخولهم إلى لجان الاقتراع سعياً حثيثاً إلى ضبط النفس لدى قوات الجيش. وبدت المؤسسة العسكرية منتشية بما حققته من نتائج في المرحة الأولى، فخرج جنرالات المجلس العسكري بكثافة في وسائل الإعلام يشيدون ب «العرس الديموقراطي»، ويؤكدون أن «المصريين جديرون بالديموقراطية»، ويقرون بوقوع أخطاء، لكنهم يتعهدون في الوقت نفسه «تدارك أخطاء التجربة الأولى». وتجول قادة عسكريون بين الناخبين في لجان الاقتراع، من دون حراسات قد تعوق عملية التصويت، على عكس ما كان يحدث في أيام النظام السابق. ميدانياً، كان لقوات الجيش «اليد الطولى» في السيطرة على اللجان وضبط الأمور، وتوارت الشرطة عن المشهد، ما رفع الثقة في قدرتهم على السيطرة على الأمور. فأمام إحدى لجان وسط القاهرة، اصطف جنود الجيش بزيهم المعروف منذ الساعات الأولى لصباح أمس قبل افتتاح اللجنة أمام المقترعين، بعضهم يحمل السلاح وآخرون يتسلحون بالعصي والدروع، فيما كان ضابط برتبة رائد يوجههم بكلمات حاسمة: «لا حديث مع الناخبين... يجب أن يمر اليوم بسلام... من يحمل بطاقة (هوية) يدخل إلى لجنة الاقتراع، ومن لا يحملها نوجهه باللين».