شهدت صناديق الاقتراع إقبالاً كبيراً في اليوم الأول من التصويت في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس الشعب المصري، فيما خفت انتهاكات المرشحين لقواعد الصمت الانتخابي، بعدما أبدى الجيش إصراراً على وقف أي دعاية انتخابية أمام اللجان، وأعلن توقيف 9 أشخاص كانوا يوزعون منشورات علي الناخبين. وشهدت العملية الانتخابية حضوراً لافتاً لعناصر الشرطة في الانتخابات التي أجريت في عدد من محافظات الصعيد التي تشتهر بالعصبيات وانتشار السلاح. لكن العملية لم تخل من بعض الاشتباكات المحدودة في بعض المحافظات توقف على إثرها الاقتراع في بعض المراكز الانتخابية قبل ان يتدخل الجيش ويحسم الأمور. وجرى الاقتراع أمس في محافظات الجيزة، بني سويف، المنوفية، الشرقية، الإسماعيلية، السويس، البحيرة، سوهاج، وأسوان، أمس ويستمر اليوم. ويبلغ عدد الناخبين في المرحلة الثانية أكثر من 18 مليوناً، وتأتي الجيزة في المقدمة ب4.2 مليون ناخب، تليها الشرقية ب3.5 مليون فالبحيرة 3.2 مليون، ثم المنوفية والإسماعيليةوبني سويفوالسويسوسوهاج وأسوان. وتدور المنافسة في هذه المرحلة بين 3387 مرشحاً بنظامي الفردي والقوائم، إذ يبلغ عدد المرشحين بالنظام الفردي 2271 مرشحاً يتنافسون على 60 مقعداً، في حين يتنافس 1116 مرشحاً وفقاً لنظام القائمة الحزبية على 120 مقعداً. وتضم المحافظات التسع 15 دائرة انتخابية بنظام القوائم و30 دائرة بالنظام الفردي. وأشعل التنسيق بين القوى الليبرالية، المنافَسةَ بينها وبين الإسلاميين، خصوصاً بعد أن أعلنت الأولى دعم قائمة تضم 51 مرشحاً للمقاعد الفردية ضمن المرحلة الثانية. وكان الإسلاميون فازوا ب 42 مقعداً فردياً في المرحلة الأولى، فيما لم يحسم مصير مقعدين فرديين بسبب إعادة الانتخابات في الدائرة الأولى في القاهرة بعد إلغاء نتائجها. وحصدت قوائمهم أكثر من 60 في المئة من أصوات المقترعين. وتدخل الأحزاب المختلفة هذه الجولة بأقوى رموزها، وتُعد دوائر محافظة الجيزة الأكثر سخونة، فقد دفع حزب «الحرية والعدالة» بنائب رئيس الحزب عصام العريان على رأس قائمته في الدائرة الأولى، كما دفع بالقيادي الإخواني البارز جمال حشمت على إحدى دوائر البحيرة، في حين دفع حزب «الوسط» بحارس مرمى المنتخب الوطني السابق نادر السيد على رأس قائمته في الدائرة الثانية، كما دفعت قائمة الكتلة المصرية بالقيادي في حركة «9 مارس» أيمن أبو العلا على رأس إحدى قوائمها، ودفع «حزب الوفد» باللواءين سفير نور وعبد الوهاب خليل في مقدم قائمتين له. ومع فتح اللجان أمام المقترعين في الثامنة صباحاً، اصطف المواطنون في طوابير طويلة أمام مقراتها انتظاراً للإدلاء بأصواتهم. ورصدت «الحياة» إقبالاً كبيراً على التصويت خصوصاً مع انتهاء ساعات العمل في منتصف النهار، ولوحظ حرص عدد من الشخصايت العامة والمسؤولين الوقوف في الطوابير انتظاراً لدورهم في الإدلاء بأصواتهم، بينهم رئيس الوزراء السابق عصام شرف، والقيادي الإخواني عصام العريان والأمين العام للمجلس القومي لحقوق الإنسان بطرس غالي. ولوحظ حرص عدد كبير من المسنين والمعاقين على الإدلاء بأصواتهم. وأمنت أعداد كبيرة من القوات المسلحة لجان الاقتراع ورابطت آليات للجيش أمام أبواب اللجان الانتخابية، فيما رصد وجود عناصر الشرطة بأعداد أكبر عن المرحلة الأولى، في ما بدا أنه رسالة من وزير الداخلية الجديد محمد إبراهيم مفادها عودة الشرطة إلى الشارع. وشكلت القوات المسلحة ووزارة الداخلية واللجنة القضائية العليا المشرفة على الانتخابات والمجلس القومي لحقوق الإنسان، غرفَ عمليات لمتابعة سير عملية التصويت، فيما جال رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي على دوائر في محافظة المنوفية للاطمئنان على سير العملية الانتخابية. وأفيد أن طنطاوي تابع سير العملية الانتخابية من غرفة عمليات القوات المسلحة. فيما أكد مدير إدارة الشرطة العسكرية اللواء حمدي بدين وقوف المؤسسة العسكرية على مسافة واحدة من القوى والتيارات والائتلافات والأحزاب السياسية خلال المراحل الانتخابية، وقال: «لا توجد مصلحة للجيش في الوقوف مع الليبراليين أو الاخوان أو اليسار أو غيرهم»، فهي أمانة للقوات المسلحة، حتى لا يحسب علينا أحد». وشدد على «مواجهة أي أخطاء أو تجاوزات بالحسم ضد أي فرد مهما كان موقعه، وسيتم اتخاذ الإجراء القانوني ضد كل من يحاول القيام بأعمال دعاية داخل أو خارج اللجنة خلال العملية الانتخابية نفسها». وأعلن في هذا الصدد توقيف 9 أشخاص تم تحويلهم إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية، وأشار الى تعزيز الإجراءات الأمنية خلال المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية. وخفت التجاوزات الانتخابية من المرشحين، وإن كان بدا لافتاً أن الإسلاميين بادروا في هذه المرحلة إلى الشكوى من تجاوزات مرشحي القوى المدنية، فأكدوا أنهم يسعون إلى السيطرة على إرادة الناخبين من خلال وسائل الإعلام والفضائيات واستمرار الدعاية في اللجان الانتخابية و»تسويد» البطاقات، حتى أن حزب «الحرية والعدالة» وصل إلى حد التبرؤ من سيارات تجوب شوارع عدة أمام اللجان الانتخابية للدعاية للحزب واتهم المنافسين بتدبير هذا الأمر. واشتكى حزب «الحرية والعدالة» من إغلاق المرشح على قائمة «الوفد» في دائرة جنوبالجيزة اللواء عبدالوهاب خليل لجنتين انتخابيتين في بلدته ومنع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم فيهما. واتهم الحزب أنصار خليل بإرهاب المواطنين بالسلاح ومنعهم من الإدلاء بأصواتهم. كما اشتكى من خرق تحالف «الكتلة المصرية» فترة الصمت الانتخابي، واتهمه بالحشد على أساس طائفي. وقال القيادي في «الحرية والعدالة» علي عبدالفتاح ل «الحياة»، إن هناك حشداً منظماً للأقباط في البحيرة من أجل التصويت لمصلحة الكتلة. ورصدت تقارير حقوقية استمرار أنصار حزب «النور» السلفي في الدعاية الانتخابية في بعض الدوائر مخالفاً قواعد الصمت الانتخابي واستغلال صور الداعية محمد حسان للتأثير في الناخبين، فضلاً عن انتشار أنصار الحزب بين الناخبين من أجل التأثير في اتجاهاتهم التصويتية. وأشار «مركز سواسية» لحقوق الإنسان إلى تأخر التصويت في بعض اللجان بسبب تأخر وصول القضاة أو إصرارهم على إخلاء مراكز الاقتراع من مندوبي المرشحين أو لاستمرار الدعاية الانتخابية أمام اللجان أو اندلاع اشتباكات أمام بعض اللجان وفي حالات محدودة بسبب شكاوى من «تسويد» بطاقات الاقتراع لمصلحة مرشحين بعينهم من جانب أنصارهم أو مندوبيهم وحتى القضاة أنفسهم. واشتكى حزب «الوسط» الإسلامي من استمرار حزبي «الوفد» و»النور» في الدعاية الانتخابية أمام بعض اللجان. وقال رئيس المكتب الفني للجنة العليا للانتخابات المستشار يسري عبدالكريم، إن عملية التصويت بدأت هادئة ومنتظمة على نحو كبير في أعقاب التدابير التي اتخذتها اللجنة. وأشار إلى انحسار ظاهرة الدعاية الانتخابية إلى حد كبير أمام لجان الاقتراع عن المرحلة الأولى للانتخابات، نتيجة التعليمات المشددة لقوات الأمن بأن دورهم لا يقتصر على حماية اللجان، وإنما يتضمن بموجب قانون الإجراءات الجنائية، سلطةَ تنفيذ بنود قانون مباشرة الحقوق السياسية في ما يتعلق بالمخالفات الانتخابية، علاوة على توزيع الموظفات السيدات على لجان الاقتراع للتأكد من هوية الناخبات المنتقبات. من جانبه، قال مصدر قضائي رفيع المستوى باللجنة العليا للانتخابات إنه تم احتواء غضب قضاة مجلس الدولة المشرفين على الانتخابات، بعدما اشتكى بعضهم من سوء توزيعهم على المقرات الانتخابية.