رغم اختفاء الحزب الوطني الحاكم سابقاً عن المشهد الانتخابي أمس اثر قرار حله، للمرة الأولى منذ تأسيسه العام 1978، إلا أنه كان حاضراً من خلال العشرات من أعضائه السابقين الذي تحدوا الحملات الشعبية التي تواجههم، وخاضوا المنافسة على مقاعد «برلمان الثورة». وكثفت قوى شبابية خلال الأيام الماضية حملاتها في مواجهة هؤلاء المرشحين الذين يُنعتون ب «الفلول» في مسعى أخير لإقصائهم عن البرلمان الذي طالما سيطروا على مفاصله. ووقفت مجموعات من الشباب أمام لجان الاقتراع، ليس بغرض الحض على التصويت لمصلحة مرشح بعينه، وإنما للطلب من الناخبين عدم التصويت ل «الفلول». وارتدى بعض الشباب سترات فسفورية اللون كتب عليها «اللجان الشعبية»، ورفعوا لافتات كتب عليها شعار حملاتهم المسماة ب «امسك فلول»، ونشروا على الجدران القريبة من لجان الاقتراع الملصقات التي حددوا فيها أسماء مرشحي النظام السابق، مذيلة بعبارة: «صوتك أمانة... لا تصوِّت للفلول». ومنذ إطاحة الرئيس المخلوع حسني مبارك، لم تتوقف مطالبة القوى السياسية بإصدار قانون العزل السياسي لمن أفسدوا الحياة السياسية من أعضاء الحزب الوطني المنحل وغيرهم، لكن على ما يبدو أن تأخر القانون الذي صدر الثلثاء الماضي ويحتاج إلى فترة زمنية طويلة لتطبيقه، مكَّن المئات من فلول الحزب المنحل من الترشح في الدوائر المختلفة، وتأسيس أكثر من عشرة أحزاب. ووفق «مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار» التابع لمجلس الوزراء، فإن 36 حزباً ينافسون في الانتخابات البرلمانية المقبلة، بينهم 11 حزباً يقول ناشطون إنهم دفعوا ب «الفلول» ضمن قوائمهم. وأشار المركز إلى أن 3809 مرشحين على النظام الفردي ونظام القوائم في انتخابات مجلس الشعب يتنافسون على 168 مقعداً في محافظات المرحلة الأولى، منهم 2357 مرشحاً يتنافسون وفقاً للنظام الفردي على 56 مقعداً. وأعلنت حملة «امسك فلول» أن بين هؤلاء 41 عضواً في الحزب المنحل. وجاء حزب «الوفد» كأبرز الأحزاب التي قالت الحملات الشعبية إنه «رشَّح الفلول على قوائمه»، فيما برزت أحزاب «فلول» جديدة من رحم الثورة في مقدمها «حزب المحافظين»، و «الحرية»، و «المواطن المصري»، و «الإصلاح والتنمية». وجاءت الإسكندرية والفيوم بين أكبر المحافظات التي ترشح عليها الفلول في المرحلة الأولى على المقاعد المتنافس عليها بالنظام الفردي، وأبرز هؤلاء المرشحين طارق طلعت مصطفى الذي كان يشغل منصب رئيس لجنة الإسكان في مجلس الشعب السابق، فيما كانت القاهرة الأكبر من حيث مرشحي القوائم. وقلل الخبير في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور حسن أبو طالب من فرص نجاح الفلول في الوصول إلى البرلمان، وإن انتقد تراخي القوى السياسية في تبني حملات لتوعية الناخبين. وأوضح ل «الحياة» أن أعضاء الحزب المنحل منقسمون إلى ثلاثة أقسام: منخرطون ضمن قوائم أحزاب سياسية، ومن يخوضون الانتخابات على المقاعد الفردية مستقلين، أما القسم الثالث فهم الذين شكلوا أحزاباً جديدة. وأضاف: «بهذا التقسيم، سنجد أن هؤلاء سينافسون بعضهم بعضاً، وهو ما يقلل من فرصهم، خصوصاً أن هؤلاء الأكثر تعرضاً لحملات مضادة»، متوقعاً بألا يدخل أكثر من 5 في المئة من الفلول إلى البرلمان.