بعيداً من مسار الميادين الملتهبة، تخطو مصر غداً (الأحد) خطوة جديدة في اتجاه نقل السلطة، حين يتوافد الناخبون على لجان الاقتراع لانتخاب مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) الذي أكسبه الإعلان الدستوري ميزة اشتراك أعضائه في اختيار اللجنة التأسيسية التي سيوكل لها وضع دستور جديد للبلاد. وحض المجلس العسكري واللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات المصريين على النزول إلى لجان الانتخاب والتصويت، وسعى الجيش إلى طمأنة المقترعين بخصوص وضع خطط محكمة لتأمين مقارّ الاقتراع، على غرار ما حصل في انتخابات مجلس الشعب، فيما يراهن التيار الإسلامي على مشاركة واسعة في عملية التصويت «ترسّخ تبني غالبية الشعب مسار الانتخابات ونقل السلطة عبر الصناديق». ومثلما كان الحال في انتخابات مجلس الشعب، تجري انتخابات الشورى في مصر بالنظام المختلط (يقضي بانتخاب ثلثي المقاعد بنظام القوائم والثلث بنظام الفردي) على مرحلتين تشمل مرحلتها الأولى التي تنطلق غداً محافظات القاهرة والإسكندرية وأسيوط والبحر الأحمر والدقهلية والغربية والفيوم والمنوفية والوادي الجديد وشمال سيناء وجنوب سيناء ودمياط وقنا. ويستمر الاقتراع في كل مرحلة يومين من الثامنة صباحاً وحتى السابعة مساء. وتجرى الانتخابات تحت إشراف نحو 10 آلاف قاض، في 15 دائرة على نظام القوائم ومثلها على المقاعد الفردية. ويبلغ عدد الناخبين في تلك المرحلة نحو 25 مليون ناخب. وتكتسب انتخابات مجلس الشورى أهمية خاصة، فرغم أن المجلس ليس له صلاحيات في سن القوانين وإنما يقتصر دوره على «الاستشارة»، غير أن الإعلان الدستوري أعطى للمجلس الذي كان يسيطر عليه بشكل كامل حزب السلطة في العهود السابقة، ميزة الاشتراك مع مجلس الشعب في اختيار اللجنة التأسيسية التي سيخول لها وضع الدستور. وفيما يتحفز التيار الإسلامي، وفي القلب منه حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، لاكتساح الانتخابات وترسيخ هيمنة الإسلاميين على المشهد، كون نتائجهم في انتخابات مجلس الشعب لم تأت صدفة، لوحظ حضور كبير لأعضاء سابقين في الحزب الوطني «المنحل» آثروا الترشح على مقاعد الشورى، أملاً منهم في «موطئ قدم» في النظام السياسي لما بعد الثورة، ما أظهر الانتخابات وكأنها «معركة الإسلاميين والفلول» خصوصاً مع غياب القوى المدنية -باستثناء حزب الوفد- عن الترشح. ويتألف مجلس الشورى من 270 نائباً، يتم انتخاب ثلثيهم (180) بالاقتراع السري، على أن يكون نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين، ويتم تعيين الثلث الآخر (90) من رئيس الجمهورية. وأكد مصدر عسكري مسؤول التزام المؤسسة العسكرية بإجراء انتخابات مجلس الشورى في موعدها، مشيراً إلى أن القوات المسلحة انتهت من وضع خطة تأمين انتخابات المرحلة الأولى لانتخابات «الشورى»، والتي تبدأ مرحلتها الأولى في 13 محافظة، موضحاً أن عناصر القوات المسلحة والشرطة المدنية ستتسلم مقار الجان الانتخابية مساء اليوم (السبت)، ولفت إلى أنه سبق لهذه العناصر معاينة المقار الانتخابية. وأعلن المصدر أن اللجان ستشهد تكثيفاً للانتشار الأمني بحيث سيتولى تأمين كل لجنة ما يقرب من 10 ضباط وجنود مسلحين بأدوات فض الشغب، علاوة على وجود دوريات مستمرة من قبل رجال الشرطة العسكرية على اللجان لمتابعة سير العملية التأمينية بها، مشيراً إلى أن غرفة عمليات القوات المسلحة ستكون في حالة طوارئ طوال فترة التصويت لتلقّي أي شكاوى وتذليل العقبات أمام الناخبين والمرشحين والقضاه المشرفين على العملية الانتخابية. وأوضح أن قيادة الجيش ستقوم بجولات مفاجئة على اللجان الانتخابية للتأكد من عمليات التأمين. ودعا المصدر جموع الناخبين ممن لهم حق التصويت في انتخابات مجلس الشورى إلى الحرص على التوجه إلى صناديق الاقتراع تفعيلاً لحقوقهم الدستورية والقانونية و «حتى تأتي نتيجة الانتخابات معبّرة تعبيراً حقيقياً عن إرادتهم».