كان أمس (الثلثاء) يوماً أسود بحق بالنسبة إلى طالبات المدارس اللاتي تعددت الحوادث التي تعرضن لها في أكثر من مكان. فبعد أقل من أسبوع من مقتل 12 طالبة جامعية في حائل ومعلمتين في جدة من جراء حادثة سير وحريق في مجمع مدارس بنات لقيت ثلاث طالبات مصرعهن أمس في منطقة جازان في حادثة سير، وأصيبت في الحادثة عشر طالبات، حال اثنتين منهن خطرة. وتفشى هلع وسط طالبات متوسطة وثانوية بمحافظة بيشة بعدما انطلق «جرس الإنذار»، ما أدى إلى إخلاء الطالبات. وفي الرياض أخليت طالبات مدرسة ابتدائية جنوب العاصمة أمس في أعقاب تماس كهربائي، وهبوط أرضية إحدى غرف المدرسة. وأعلن وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله – رداً على سؤال من «الحياة» أمس – اتجاهاً لإنشاء هيئة مستقلة لمتابعة المدارس الأهلية. وحذر من أن «المقصّر سينال جزاءه» في ما يتعلق بحادثة حريق مدارس جدة. وقال مدير التربية والتعليم في جدة عبدالله الثقفي أمس إن فرقاً للسلامة تجوب مدارس جدة لرصد أي خلل وإصلاحه. ونجمت عن حادثة طريق بيش – الردحة – الدرب في منطقة جازان أمس وفاة ثلاث طالبات وسائقهن وإصابة 10 طالبات أثناء عودتهن من المدرسة. وأدت الحادثة إلى إغلاق الطريق الدولي لمدة ساعتين، ونقل شهود عيان مناظر محزنة ومؤثرة لجثث الطالبات المتوفيات، وقد تناثرت بعدما انقلبت حافلتهن مرات عدة. وعمت الهيستيريا والبكاء والنشيج أهالي المتوفيات والمصابات في مكان الحادثة والمستشفيات التي نقلن إليها. وقال شاهد إنه تأثر كثيراً بمشاهدة إحدى الضحايا تقول لزميلتها بعد انقلاب السيارة «تشهدي»، وظلت تلقّنها الشهادة حتى لفظت زميلتها أنفاسها الأخيرة. وتشير المعلومات إلى أن الضحايا يدرسن في كلية التربية في صبيا ويقمن في مدينة الدرب. وجاءت أنباء حادثة منطقة جازان ولما تجفُّ مآقي ذوي ضحيتي ومصابات حريق مجمع مدارس «براعم الوطن» في جدة (السبت) وضحايا حافلة طالبات جامعة حائل (الأحد)، وحين يضاف إلى ذلك ما حدث من عمليات إخلاء في جدة (الاثنين) والرياضوبيشة (الثلثاء)، فهو من دون شك أسبوع «كارثي» بالنسبة إلى وزارة التربية والتعليم التي أعلن وزيرها الأمير فيصل بن عبدالله أمس، أن هيئة مستقلة ستقوم بمتابعة المدارس الأهلية، وأن المقصر سيحاسب في حادثة حريق جدة. غير أن الجهات المعنية لم تُبد بعد أي اهتمام عاجل بمعالجة مشكلة نقل الطالبات والمعلمات وحوادث الطرق، التي حصدت عشرات منهن على مدى الأعوام الماضية. وشكا أمس أهالي طالبات جامعة حائل المتوفيات أخيراً تجاهل المسؤولين مطالبهم بسفلتة جزء من الطريق تملؤه الحفر، وهو مكان الحادثة المشؤومة، على رغم أن طوله لا يتجاوز أربعة كيلومترات، وحمّلوا أمانة منطقة حائل المسؤولية. حكايات الموت إلى ذلك، كان الثلثاء من نصيب منطقة جازان، حيث لقيت ثلاث من طالبات كلية التربية في صبيا مصرعهن في حادثة أليمة. ومن المفارقات أن الشاب الذي كان يقود سيارة نصف نقل (هايلوكس) بسرعة شديدة ولا يتعدى عمره 25 عاماً واصطدم بالحافلة المقلّة للطالبات نجا من الحادثة بلا أذى، فيما لقي سائق الحافلة وهو في ال 65 من عمره مصرعه. ومن المشاهد التي كانت أشد إيلاماً لمن تجمهروا، ولمن شارك بعضهم في الإنقاذ، جثة طالبة شقت إحدى قطع حديد الحافلة بطنها نصفين. وعلى رغم الفاجعة، اضطر بعض الأهالي إلى نقل جثث بناتهم بمركباتهم الخصوصية، فيما تولت سيارات الإسعاف التابعة للدفاع المدني والهلال الأحمر نقل المصابات. وفي مدينة الحليفة التي تبعد أكثر من 200 كيلومتر جنوب حائل، لا تزال منازل ذوي المتوفيات في حادثة طالبات جامعة حائل (الأحد) تستقبل المعزين من داخل المملكة والدول المجاورة وتحدث الأهالي الذين تقبلوا قضاء الله وقدره بثبات، وإن لم تجف مآقيهم من الدمع، بنبرة حزن وغضب واستياء عمّا اعتبروه تجاهلاً ورفضاً من أمانة منطقة حائل لردم الحفر التي تنتشر على الطريق، والتي تسببت في ذهاب حياة بناتهم وهن في مقتبل أعمارهن. وهيأت الحادثة منفذاً للأهالي ليعبروا ل«الحياة» عن استيائهم من تجاهل مدينتهم التي يقطنها 33 ألف نسمة، فهي تعاني مشكلات نظافة وطرق ولا توجد فيها محكمة ولا مستشفى... وتأكد مراسل «الحياة» بنفسه من بعض تلك الصعوبات أمس، إذ اكتشف بعد إعداده تحقيقاً ومقابلات مع الأهالي أنه لا توجد خدمة «الإنترنت» في الحليفة، ما اضطره إلى السفر مسافة 80 كيلومتراً ليبعث بمادته الصحافية إلى مقر «الحياة» في الرياض! «تماس كهربائي» يخلي مدرستين في الرياضوجدة دماء 13 طالبة تسيل في «جازان» قبل أن تجف مآقي أهالي «حائل» «حائل»: مكان الحادثة «وصلة» مليئة بالحفر... و «الأمانة» سارعت إلى ردمها بعد «المأساة»