أكد الرئيس اللبناني ميشال سليمان أن «من أبرز شروط الاستقلال التحرّر من أيّ احتلال أو انتداب أو وصاية، وفرض السيادة الشاملة والحصريّة للدولة ومؤسساتها على كامل أراضيها، والالتزام باستقلاليّة القرار السياسي الوطني، بعيداً عن أيّ تدخّل أو ضغط خارجيّ». وقال سليمان، في كلمته إلى اللبنانيين مساء أمس لمناسبة الذكرى ال 68 لاستقلال لبنان، من قلعة راشيا، ان من شروط الاستقلال أيضاً «نجاح الدولة في إدارة الشأن العام بقدراتها الذاتيّة، من خلال مؤسسات ونظام ديموقراطي يحفظ الأمن والحريات وحقوق الإنسان، ويقيم العدل، ويسمح بالتداول الدوري للسلطة كنتيجة حتمية للديموقراطية». واستعاد سليمان الذي زار أمس بلدة راشيا وقلعتها الشهيرة التي اعتقل الانتداب الفرنسي عام 1943 فيها رجال الاستقلال، ولقي استقبالات شعبية في محطات عدة على طريقه نحو البقاع الغربي، تلك المرحلة التاريخية قائلاً: «كانت تبلورت في حينه، سعياً لقيام وطن لبنانيّ مستقلّ، معادلة جديدة قائمة على شعار «لا شرق ولا غرب»، «لا حماية ولا وحدة»؛ وهي معادلة جعلت معظم القوى السياسيّة تجنح نحو الاعتدال ومنطق الحوار السياسي الذي نادى به رجال الاستقلال». وأضاف: «رجال الاستقلال قطعوا العهد على أنفسهم، بالحفاظ على «الميثاق الوطني»، بصفته دعامة رئيسيّة من دعائم هذا الاستقلال، وعنصراً مكوّناً للهويّة اللبنانيّة؛ والرئيس فؤاد شهاب من بعدهم، عاد ليؤكّد في خطاب القسم الذي ألقاه، بتاريخ 23 أيلول (سبتمبر) 1958، بعد نهوض لبنان من كبوته الأولى «إنّ الدعامة الكبرى لاستقلال لبنان تبقى في ميثاقنا الوطني، في وحدة صفوفنا، في اعتمادنا على أنفسنا، وفي ولائنا الكامل غير المشروط ولا المجتزأ لوطننا لبنان». وسأل: «أين نحن اليوم من هذه الروح الميثاقيّة التأسيسيّة، ومن الولاء الكامل وغير المجتزأ للوطن، ومن مسيرة بناء دعائم الاستقلال؟». وتابع: «الواقع الحالي يشير إلى أنّها المرة الأولى منذ العام 1975 التي لم يشهد فيها لبنان، لأكثر من ثلاث سنوات متتالية، حالة اقتتال داخلي، أو حرباً عدوانيّة إسرائيليّة عليه، أو تواجداً لقوات عسكريّة عدوّة أو شقيقة على أراضيه، ما عدا الحاجة التي ما زالت قائمة لوجود قوات الأممالمتحدة الموقتة العاملة في جنوب لبنان، سعياً لتنفيذ كامل مندرجات القرار 1701، بالتنسيق والتعاون مع الجيش اللبناني، الساهر على صيانة السلم الأهلي، ومحاربة الإرهاب، وحماية الديموقراطيّة، وهو المؤسسة التي تنعكس فيها الوحدة الوطنيّة بأبهى صورها». وذكّر الرئيس اللبناني بما تحقق منذ انتخابه مثل إقامة علاقات ديبلوماسيّة بين لبنان وسورية وإجراء انتخابات بلديّة ونيابيّة أتّسمت بالشفافية والهدوء». وقال: «أنتم قلقون من عدم تمكّن الدولة والمؤسسات من الاضطلاع بكامل مسؤوليّاتها على مساحة الوطن؛ ومن أخطار الفتنة والاحتكام إلى السلاح في ظرف من الظروف؛ ومن النوايا الإسرائيليّة المبيّتة؛ ومن صعوبة تنفيذ القانون وفرضه، في ظلّ تسلّط أصحاب النفوذ، واستشراء الفساد وطغيان منطق المحاصصة والمحسوبيّات». ودعا إلى «المضيّ قدماً في تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني في كل بنودها، وصولاً، في ضوء التجربة، إلى الدولة المدنيّة الجامعة، دولة المواطنة التي تطمح إليها أجيالنا الطالعة، من ضمن الروح الميثاقيّة نفسها التي أوجدت الاستقلال»، مشدداً على ضرورة «عدم التباطؤ في تنفيذ ما سبق لنا أن اتفقنا عليه في مؤتمر الحوار الوطني، وبخاصة ما يتعلّق منه بالسلاح الفلسطيني خارج المخيمات وداخلها، تدعيماً للسيادة والاستقلال والاستقرار، إضافةً الى واجب الالتزام بقرارات الشرعيّة الدوليّة، بما فيها تلك المتعلّقة بالمحكمة الدوليّة الخاصة بلبنان وذلك توخياً للحقيقة المجردة والعدالة المجردة وحفاظاً على صدقيتنا وليس خشية من عقوبات يلوّح بها».