كان أجدادهم يدفنون بطريقة جماعية في غرف مغطاة بالحجر تسمى اللحود، رغم أنهم لا يضعون لها لحوداً، وربما اضطرتهم عوامل الحروب والأمراض التي كانت تقضي على رجالهم، والجهل بتعاليم الإسلام لهذا العمل، لكن اليوم وبعد تعري تلك القبور، ونبش جثثها من الحيوانات، يطالب عدد من أفراد قبيلة ربيعة في تهامة عسير بحماية مقابر شاسعة ومتفرقة تضم رفات أقربائهم، وعمل دراسة تاريخية لها. وقال المواطن سعد بن محمد الربعي: «أتمنى من الجهات المعنية سواء أمانة أو أوقاف إسلامية أو غيرها بسرعة التحرك في تسوير مقابر المسلمين في هذه المنطقة، والعمل على تحصينها بعد أن أصبحت في العراء ومكاناً للنبش، خصوصاً من الحيوانات والزواحف وغيرها، بل إن بعض الغرف باتت مفتوحة ومسكناً للحيوانات، وأرجو من الجهات المعنية حفظ حق أموات المسلمين في كل شبر في وطننا الغالي، فيما قال علي بن ناصر الربعي: «أعلم أن المسؤولين سيكونون في حجم المسؤولية تجاه حفظ حق هؤلاء الأموات من المسلمين والحرص على تسوير تلك المقابر وعمل دراسات حول تلك الحقبة الزمنية، وأسباب عمل تلك الغرف واللحود والدفن الجماعي بهذه الطريقة، رغم أن هناك من يشير إلى أن أموات تلك المرحلة يدفنون بحسب الطريقة الإسلامية». وأشار أحد كبار السن في قبيلة الربعي العم عيسى بن سعيد إلى أن هذه المقابر الجماعية كانت تقام لأموات القبيلة في معارك شرسة كانت تقوم بين القبائل حين ذاك وقبل الحكم السعودي، أثناء حكم الأتراك للمنطقة واشتعال الجوع والفوضى والجهل، إذ كان أفراد القبيلة يدافعون عن مواقعهم وأوديتهم فيموت البعض إثرها أو بمرض فيتم دفنهم في تلك الغرف المحصنة التي تسمى «لحداً»، لافتاً إلى أن بعضها في الجبال وبعضها في «الحضن» وهي الهضبة الصغيرة التي يودع الميت فيها بعد الصلاة عليه ناحية القبلة، ومن ثم يدفن أقاربه معه بحسب وصيتهم، وأنه بمرور السنين ولعوامل الطبيعة بدأت اللحود تتآكل وتتهدم، وأصبحت الجثث مهددة بنبش الحيوانات، ما يتطلب من الحكومة إنهاء الضرر، وعن حجر المرو التي تزين به الغرف التي تضم قبور مجموعة من الأقارب، قال: «هذه العلامات أعتقد أنها ترمز للعائلة، فكل عائلة لها رمز خاص». وقال الشيخ سعد العسيري: «لا شك أن هذه القبور تم إنشاؤها بطريقة تنم عن جهل، وأن من أقامها لم يكن يعي أن طريقة الإسلام في دفن الأموات بالطريقة المتعارف عليها حالياً، ويبدو أنه كان لديهم قصور في طريقة الدفن، ولا سيما أن الدفن الجماعي خطأ وأن الغرف معرضة للهدم أي ليست في مكاناً حصيناً وقابلة للنبش، لكن الدفن تحت الأرض وتمكينه من الدفن الصحيح يحمي الأموات من نبش الدواب والحيوانات وغيرها، ونتمنى من الجهات المختصة أن تبادر بسرعة للاهتمام بهذه الناحية الخطيرة في حفظ المقابر، وأعتقد أن المقصرين في هذا الشأن آثمون ومحاسبون». يذكر أن قبيلة ربيعه ترجع إلى قبيلة بني مغيد وهي إحدى أكبر قبائل عسير، وأن عدداً من قبائل عنز التي تعود إلى قبيلة ربيعة القبيلة العربية الشهيرة والكبيرة سكنت المنطقة، وربما تكون قبيلة ربيعة الحالية في تهامة عسير من نسل تلك القبيلة الشهيرة، فيكون ربيعة بن عمر بن عامر جدها.