لماذا أنا وحدي يصيبني الفتور تجاه الجوائز وأسخر منها، بينما العالم يفرح ويفخر؟ أتظن أنه نوع من الحسد والغيرة، وغيرة النسوان مرة وقاتمة؟ أم أنه عدم التصديق والشك دائماً في الأهداف؟ ألا تذكر أنني ابنة أهل الظن والمؤامرة؟ أم أن السبب الوحيد والأقرب للحقيقة أنه مثل ما أنشدت إحداهن: وحدي قاعدة في البيت، فكرت في حالي وبكيت؟ فلا أستحق جائزة نوبل للمعاناة على صبري ووحدتي وطول بالي؟ وجائزة كان للسينما في أدوار الدراما التي تلازمني حتى أصبحت ومن دون شعور مني أفوق ممثلات العالم براعة في أداء أدوار الغم والهم؟ أفلا أستحق جائزة في تسلية النفس والترويح والترويع والتخويف عنها، حيث لا أجد متنفساً أمامي سوى البقالة أو الشاشة؟ أحياناً أقول لنفسي التهي يا أختي وابحثي لك عن هواية أو رواية، ومن ثم لا أجد شيئاً أمامي سوى هذه العزلة التي يفرضها الرجل علي! ما رأيكم إذاً أن أكتب كتاباً واسميه الدليل إلى المتاهة؟ مؤكد أنني سأنال جائزة عليه لتسببي في ضياعكم وتيهكم معي. أين أنا اليوم من أمسي؟ فأين حماستي وتألقي واندفاعي لما عرفت مثلاً أن نجيب محفوظ نال جائزة نوبل للسلام؟ يا سلام علي حينها، تعالى وتفرج، هللت من الفرحة وكتبت وسطرت وشعرت بالعز العربي والفخر الأدبي، وهذه السنة تفوز السيدة اليمنية بجائزة نوبل ولا يهز الخبر الجميل في شعرة واحدة! لم يا ترى؟ سألت نفسي. هل لأنني مهزوزة ومضطربة وخائفة؟ أم لأن أي عمل أقوم به ما هو سوى عمل هواة؟ أم لأنني أشعر بأنها جائزة ترضية؟ أم لأنني واثقة بأن كل امرأة عربية تستحق جوائز، لأنها تتحمل ما تحمل من مرارة وخيبة وظلم وعبودية؟ ماذا عن بقية السيدات العربيات؟ ولن أسأل عن رجال العرب، خصوصاً الفلسطينيين الذين يستعطون على أبواب الأممالمتحدة ورقة اعتراف بدولة لهم ولنسائهم وأطفالهم، فإن هم حاربوا ولو بالحجارة قالوا عنهم إرهابيين، ولو استعطوا قالوا عنهم شحاذين، أفلا يستحقون جائزة نوبل للمعاناة؟ أو دعنا نغير اسم الجائزة، أقترح أن تكون جائزة الخاسرين المحتملين للسلام، فمن في هذا العالم يعمل للسلام أو حتى رائحته، وكل يوم هناك إراقة للدماء ودق لطبول الحرب. وبالمناسبة فإنني أطالب بجائزة أخرى لترويض نفسي على البلادة لمشاهدة كل هذه الصور البصرية المؤلمة عن القتلى والجرحى ومقطوعي الرأس من دون أن ينقطع قلبي، ومن دون أن أصاب بالجنون والعقد النفسية. حتى الطغاة كيف في إمكاني أن أرى مشاهدتهم، واحد في المشنقة وآخر مضرج بدمائه وآخر موضوع في قفص من دون أن اشعر بالشفقة والأسى؟ نعم كانوا طغاة! لكن ماذا أفعل بقلبي الرقيق وبمبادئي القائمة بامتثال كل مجرم أمام المحكمة العادلة والقاضي المنصف، فلست من مؤيدي القتل إطلاقاً! وما زلت أرى مسلسل القتل متواصلاً، مات الطاغية أو عاش! ما زلنا نقتل بعضنا وما زلنا نقول ثورة والثورة الحقيقية هي في أن يرتفع مستوى المعيشة للفرد ويقل الفساد وينتصر العدل، فأعطوني جائزة لأنني ما زلت أؤمن بالقيم وبالمحبة، والجائزة الكبرى التي أستحقها أنني ما زلت أحب هذا العالم بكل قلبي على رغم أنني أراه يصطف ضدي أحياناً من دون حق أو عدل أو منطق ولا ينصفني، ويتهمني بأنني إرهابية وكل مرة كل مرة أبرئ نفسي من التهم وأحبه. فيا هذا العالم أعطني جائزة، مكافأة أو كلمة ترحيبية أو عبارة تشجيع، لأشعر بأن الدنيا لسة بخيرها وسلامها وأنه ما زال مرغوباً في على هذه الكرة الدائرة بنا. [email protected]