يسعى منتخب الجزائر لكرة القدم إلى مواصلة سلسلة عروضه الإيجابية بمونديال البرازيل، ودخول التاريخ مجدداً عندما يواجه اليوم نظيره الألماني في مباراة يعود فيها طيف مؤامرة الألمان والنمسا ضد الجزائر في مونديال 1982، ويأتي الاختلاف في مواجهة اليوم كونها تأتي في ثاني أيام الشهر الفضيل، ما ربما يشكل عبئاً حقيقياً على «محاربي الصحراء»، خصوصاً في ظل رفض بعضهم الاستجابة لنداء مدربهم بالإفطار يوم المباراة استناداً لفتوى خاصة. وكانت منتخبات بلدان إسلامية عدة أقصيت من الدور الأول للمونديال قبل شهر رمضان، مثل إيران والبوسنة وساحل العاج، ما أخرجهم من النقاش حول الأمر. وكان لاعبو المنتخب الجزائري أعلنوا في وقت سابق بأنهم سيلتزمون جميعاً بالصيام في حال تأهلهم إلى الدور الثاني، مع ما ينطوي عليه الأمر من صعوبات لتزامنه مع أوقات اللعب. والأمر لا يقتصر على لاعبي «الخضر» إذ يبرز من بين لاعبي المنتخب الألماني اللاعب المسلم مسعود أوزيل الذي اختار عدم الصوم في رمضان، مبرراً قراره بالقول: «أنا أعمل وسأواصل عملي، لذا لن أصوم رمضان في عام المونديال هذا لأني أعمل، ومن المستحيل بالنسبة لي أن ألتزم بالصوم هذا العام». أما على صعيد الفتاوى، فقد تفاوتت بين من يبيح الإفطار ومن يرفضه، إذ أكد رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الدكتور عبدالرزق قسّوم وجوب صيام اللاعبين، مرجعاً ذلك إلى «انعدام الضرر»، فيما ذهب الشيخ محمد مكركب إلى أنه «لا يجوز للاعبين الإفطار في نهار رمضان لأجل اللعب»، ودعا الشيخ مكركب اللاعبين إلى «الحفاظ على صيامهم ذلك أنّ الله مع الصائمين»، مشدداً على «أن السفر في سبيل اللعب لا يبيح الإفطار». وفي المقابل كان هناك آراء أخرى تجيز للاعبين الإفطار كونهم مسافرين، ومن بين من يرى ذلك رئيس لجنة الإفتاء بالمجلس الإسلامي الأعلى الشيخ محمد شريف قاهر. وبعيداً من الفتاوى الدينية فإن المدربون أيضاً اختلفوا في الرأي، ففي الوقت الذي لم يبدِ فيه مدرب المنتخب الفرنسي ديدييه ديشان قلقه إزاء صيام بعض لاعبيه، قائلاً: «نحترم كل الديانات، واللاعبون معتادون على الصوم واللعب، وليس هذا الوضع جديداً، كما لست قلقاً لأن الجميع سيتأقلم مع الأمر»، يري الفرنسي كلود لوروا، الذي سبق وأن درب لاعبي منتخب عُمان خلال فترة رمضان، أن «الالتزام التام بصيام رمضان خلال كأس العالم يبدو أمراً صعباً للغاية. ويتساءل: «كيف سيتصرف اللاعبون في مباراة الساعة الواحدة بعد الظهر، أو حتى مباراة الساعة الخامسة عصراً؟ وكيف سيتعاملون مع النقص في المياه؟» مضيفاً: «الأمر مستحيل وخطر». ولم يترك مسيرو المنتخب الجزائري الأمر من دون رقابة طبية، ولأجل ذلك استعانوا بالدكتور حكيم شلبي الذي يعد مرجعاً للاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» في موضوع صوم اللاعبين. ويوضح شلبي أن الصيام يشكل «مرحلة يزداد فيها خطر الإصابة، خصوصاً على مستوى أسفل الظهر والمفاصل والعضلات»، وهذا يعود تحديداً إلى عامل جفاف الجسم وليس النقص في الغذاء. ويضيف الطبيب المختص: «يجب تغيير مستوى التغذية، ويجب أيضاً تعديل كمية الغذاء بما يسمح بالتأقلم مع التمارين، وعلى اللاعبين أيضاً أن يشربوا الكثير من السوائل، وأنصحهم بتمديد فترة القيلولة بعد الظهر لتعويض جزء من الوقت المخصص للنوم». من جانبه، ترك قائد منتخب الجزائر مجيد بوقرة الأمر لحاله البدنية، قائلاً: «أصعب ما في الأمر مسألة الجفاف، ولكن لا بأس، فالطقس جيد، وبعض اللاعبين يمكنهم إرجاء صيامهم، أما أنا، فسأقرر بناء على حالي البدنية، لكن أظن أني سأصوم». وبعيداً من الحال البدنية التي من الممكن أن تتأثر بسبب الصيام فإن اللاعبين يحصلون على دافع معنوي كبير وهو ما يؤكده الدكتور شلبي الذي يستدرك، قائلاً: «الغريب أن هناك رياضيين يسجلون نتائج أفضل خلال رمضان بسبب رغبتهم في الالتزام بالصوم، وهو ما يشكل عاملاً مساعداً في الصعيد النفسي». يذكر أن درجات الحرارة خلال مباريات المونديال كانت بمعدل 30 درجة مئوية، لكن المعاناة كانت بسبب الرطوبة المرتفعة التي تزيد من مشقة اللعب.