منذ ما قبل انطلاق فعاليات المؤتمر العام السادس لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، في الرابع من الشهر الجاري، وحتى هذه الأيام، يتصدر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات المعروف بألقاب عدة من بينها «الختيار»، شاشة الفضائية الفلسطينية، عبر سلسلة من الأفلام الوثائقية والأغنيات الوطنية الخاصة به، وتجسد مراحل من نضالاته في الثورة الفلسطينية، في حين تتغنى بعض الأغنيات بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، «صاحب أبو عمار»، كما تقول إحداها. ومن بين الأفلام الوثائقية المهمة التي عرضتها الفضائية الفلسطينية، في الوقت الذي كانت المعركة الانتخابية الفتحاوية على أشدها، فيلم «العاصفة مرت من هنا»، للمخرج الفلسطيني الشاب طارق يخلف، والذي وثق خلال أكثر من ساعة لزيارات عرفات السرية إلى الأراضي الفلسطينية، عقب احتلالها، بهدف تشكيل الخلايا المسلحة المقاومة للاحتلال الإسرائيلي، حيث تنكر في شخصية «أبو محمد». وتحدثت في الفيلم قيادات فتحاوية بارزة شاركت في تأسيس هذه الخلايا وقيادتها، وبعضهم شارك في المؤتمر، مثل «أبو علي شاهين» الذي كانت مهمته قيادة هذه الخلايا في قطاع غزة، ومن بينهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس نفسه، والذي تحدث باقتضاب عن ذكرياته في خصوص التخطيط لهذه الزيارات السرية لسلفه عرفات. وعرضت مجموعة من المشاهد التي يمكن إدراجها في إطار ما يعرف باسم «سينما الثورة الفلسطينية»، والتي توثق للمراحل النضالية التي قاد فيها عرفات حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية نحو المقاومة، انطلاقاً من الأردن، فبيروت، قبل مغادرته والمقاتلين الفلسطينيين إلى تونس، ومن ثم العودة إلى الأراضي الفلسطينية، وتأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية، إثر اتفاقات أوسلو بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، في حين وثقت مشاهد أخرى لحظاته الأخيرة في رام الله... لحظات الوداع قبل السفر إلى باريس في رحلة العلاج الأخيرة، ومشاهد استقبال جثمان الرئيس الشهيد في مقره في رام الله، والمعروف باسم «المقاطعة»، والذي حوصر لأعوام من جانب جيش الاحتلال. وعرضت الفضائية الفلسطينية أكثر من فيلم وثائقي حول حصار عرفات ورحيله. ومن بين الأغنيات التي تكرر عرضها في الأيام الأخيرة، عبر الفضائية الفلسطينية، أغنية «على الكوفية»، والتي يظهر فيها عرفات وهو «يدبك» ويلوّح بكوفيته المرقطة التي باتت رمزاً لأحرار العالم، والمتضامنين مع الفلسطينيين والساعين إلى التحرر، وكذلك أغنيات خاصة بحركة فتح رافقتها مشاهد لعرفات وعباس، في حين تم تكثيف الأغنيات الخاصة بعباس بعد انتخاب المؤتمر له قائداً عاماً ل «فتح»، مع أن هذا لم يلغ استمرار بث المواد الخاصة بعرفات. ويرى مراقبون أن تركيز الفضائية الفلسطينية على التغني بياسر عرفات، وسيرته، يأتي لأكثر من سبب، من بينها التذكير بأن حركة فتح، التي عقدت مؤتمرها السادس، وانتخبت الرئيس الفلسطيني محمود عباس قائداً عاماً لها، هي تلك الحركة النضالية التحررية التي أسسها عرفات، والتي ارتبط اسمها به، وذلك من باب إضفاء مزيد من الشرعية على الحركة في سياق الترويج بأنها، وفي حلتها الجديدة، تشكل امتداداً لخط «الختيار»، الذي لم يسقط خيار المقاومة، على رغم تمسكه بالسلام خياراً استراتيجياً. فهو صاحب المقولة في مبنى الأممالمتحدة في نيويورك «لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي»، وهي المقولة التي لطالما عرضها التلفزيون الفلسطيني مصورة في الأيام الماضية، وكان عرفات، الذي بات رمزاً للقضية الفلسطينية، لا يزال في شبابه حينها، وبالتالي فإن الرسالة الكامنة وراء عرض الكم الهائل من المواد التلفزيونية ما بين مشاهد، وأفلام، وأغنيات عن الرئيس الراحل ياسر عرفات في الفضائية الفلسطينية الرسمية، هو الربط بين نهج عرفات وخلفه عباس، كقائد منتخب لحركة فتح. ويبرر المراقبون تواصل تصدر «الختيار» الشاشة الفلسطينية، بإعلان عباس اجتماعاً طارئاً للمجلس الوطني الفلسطيني في السادس والعشرين والسابع والعشرين من الشهر الجاري، وذلك لانتخاب لجنة تنفيذية جديدة لمنظمة التحرير الفلسطينية التي كان عرفات رئيسها أيضاً قبل رحيله.