رفضت المحكمة الإسرائيلية العليا أمس طعن الرئيس الإسرائيلي السابق موشيه كتساف في الحكم الذي أصدرته بحقه المحكمة المركزية (الابتدائية) في تل أبيب قبل أقل من عام بالسجن لسبع سنوات بعد إدانته بتهمة الاغتصاب والقيام بأعمال مشينة والتحرش الجنسي ضد ثلاث نساء عملن في مكتبه عندما كان وزيراً في تسعينات القرن الماضي ثم رئيساً بعد عام 2000. ورأى قضاة المحكمة العليا الثلاثة أن القرائن التي اعتمدتها المحكمة المركزية في حكمها تثبت فعلاً ارتكاب كتساف المخالفات الجنائية المنسوبة إليه. ورفضت المحكمة العليا ادعاءات كتساف (66 سنة) ببراءة ساحته، وأكدت ما قالته المحكمة المركزية من أن أقواله «محشوة بالأكاذيب». وأكد القضاة الثلاثة، بينهم القاضي العربي سليم جبران، أن إفادات المشتكيات تتمتع بالصدقية «أكثر بكثير من صدقية إفادة كتساف». ورفض القضاة ادعاء محامي كتساف بأن قرار المحكمة تأثر من الحملة ضده في وسائل الإعلام العبرية. وشددوا على أن استغلال كتساف مكانته الرفيعة لتنفيذ جرائمه يؤكد فداحة المخالفات التي ارتكبها. وهاجم القضاة سلوك كتساف منذ الكشف عن فضائحه، ورأوا أنه «شوّه سمعة المشتكيات وانتقدهن بشدة وشهّر بهن في استوديوات التلفزيون، ويؤسفنا أن الطاعن في قرار المحكمة المركزية (كتساف) لم يقم بالأفعال المنسوبة إليه فحسب وإنما اختار أيضاً مواصلة إهانة المشتكيات والاستخفاف بمشاعرهن والمس بكرامتهن». وأضافوا انه «وحيال روايته غير الموثوقة في شكل قاطع يستحق عقاباً ذا مفعول رادع». وكتب القضاة: «سقط كتساف من أعلى شرفٍ إلى أسفل درَك... بمقدار ارتفاع مكانته، كان ارتفاع سقوطه... بالذات من شخصية مرموقة توقعنا أن يكون مثالاً يُحتذى في التعامل مع مرؤوسيه ومرؤوساته... لكل سيدة الحق في جسدها، الحق بالاحترام... الحق بالحرية. ويحظر على أي كان أن يسلبها هذه الحقوق. الاغتصاب ينتهك احترام الإنسان ويحقّره». وتابعوا أن «حزناً عميقاً يخيم على إسرائيل حين يتقرر أن من كان وزيراً ونائباً لرئيس الحكومة ورئيس دولة يقوم بمثل هذه الأعمال... إنه لمشهدٌ صعب للغاية رؤية من كان رمزاً رسمياً في الدولة يدخل أبواب السجن». وأعلن القضاة أن تنفيذ محكومية السجن سيبدأ في السابع من الشهر المقبل. وقام العديد من جيران كتساف بزيارته مع عودته من المحكمة تضامناً، وقال أحد جيرانه إن قرار المحكمة لن يكسر إرادة كتساف، مضيفاً أنه رأى جاره غاضباً على المحكمة لكنه قوي الشكيمة وأنه «لا يشعر بمشاعر الذنب أو أنه اقترف جريمة، بل يأسف على أن قضاة المحكمة لم يصغوا جيداً لدفوعه». ودعا الرئيس الإسرائيلي الحالي شمعون بيريز إلى العفو عن كتساف «لأنه لا يليق بنا أن يقبع رئيس دولة سابق وراء القضبان». في المقابل، أعرب آخرون عن قلقهم على سلامة كتساف النفسية، مثل أن يقدم على الانتحار. ورحبت منظمات نسائية بالقرار وأشادت باستقلالية الجهاز القضائي «الذي يجسد مبدأ مساواة الجميع أمام القانون». ورأت المنظمات أن قرار المحكمة يشجع ضحايا الاغتصاب والتحرش الجنسي على التوجه إلى القضاء ضد من يحاول استغلالهن. وذكّر الأستاذ في القانون عمانوئيل غروس بحقيقة انه لم يسبق في تاريخ دول الغرب أن دين رئيس دولة بالاغتصاب. يذكر أن كتساف هو أول «رئيس دولة» في تاريخ إسرائيل من أصول شرقية (ولد في إيران). وأشار عند اضطراره للاستقالة من منصبه قبل أربعة أعوام بعد الكشف عن فضائحه، إلى أنه «ضحية للاستغلال ولعملية اصطياد لها دوافع عرقية». وطالما شكا الشرقيون في الدولة العبرية من التمييز ضدهم، ليس في المناصب الرفيعة فحسب وإنما أيضاً في مجالات الحياة المختلفة، متهمين الجهاز القضائي بأنه يتعامل معهم في شكل متشدد أكثر من تعامله مع الغربيين «الأشكناز». وقبل أيام، علت على السطح مسألة عدم وجود أي قاض من أصول شرقية، بين القضاة ال 15 في المحكمة العليا. وسبق لشخصيات إسرائيلية أن دينت بالسجن في قضايا فساد ورشوة، أبرزها وزير المال السابق افراهام هرشزون الذي حكم عليه قبل عامين بالسجن لخمسة أعوام ونصف العام، وهي أكبر مدة عقوبة بالسجن تفرض على شخصية رفيعة، لكن العقوبة على كتساف هي الأشد.