بأنظار تتجه إلى الأمام وتخطيط في سن باكرة من أعمارهما، يحيطهما يقين بمصداقية المثل القائل (ألف ميل تبدأ بخطوة)، شرع اثنان من شبان حي النكاسة بمكة المكرمة في وضع اللبنات الأولى لبناء مستقبلهما الذي يتطلعان إلى تحقيقه من طريق ممارسة عمليات البيع والشراء وانتهاز فرصة المواسم لجني الأرباح. وعلى رغم بساطة معروضاتهما على قارعة الطرقات إلا أن طموحهما لبلوغ الهدف يفوق بكثير توقعات من يصادفهما. وبكل ثقة من نفسه التي ارتسمت على تضاريس ملامحها علامات العزيمة، يقول أسامة الأحمدي: «انطلقت الفكرة من أزقة الحي الذي نقطنه وأسهم في جديتنا لتبنيها وجود أعداد كبيرة من الوافدين تشاطرنا السكن في الحي ذاته، ونلحظهم خلال تنقلاتنا وهم يمارسون النشاط التجاري، مع اختلاف الإمكانات»، مبيناً أن تجارتهم موسعة وبطرق نظامية تتطلب بعض الدعم المالي وتوافر الأوراق الرسمية التي تخولهم لممارسة النشاط، أما أنا وزميلي محمد المولد فقد أخضعنا توجهنا في هذا الجانب للدرس والتفكير كثيراً، وكان موسم حج العام الماضي بداية خوض التجربة. وأضاف: «وفرنا مبلغاً في حدود 100 ريال فقط بغية استثماره، ونجحنا من طريق توفير المستلزمات التي يحتاجها الحجاج من مساويك وأمواس حلاقة وغيرهما من أغراض بسيطة جداً، و لم نتناس ما يهم الأطفال، إذ قمنا بتوفير بعض الألعاب»، لافتاً إلى أن الإقبال على هذه النوعية من البضائع ملاحظ في صفوف الحجاج ومن خلال قراءة أفكارهم، مرجعاً أسباب هذه القوة الشرائية إلى عدم قدرة الحاج على الحصول على بعض أموره حتى لو كانت قريبة منه نوعاً ما ناهيك عن كونها لا تتواجد إلا في أماكن بعيدة لاسيما وأنه يكون منهكاً من أداء الفريضة. وأخذ في سرد تفاصيل بعض المواقف التي عايشها ميدانياً «اكتسبت التعرف إلى الكثير من مصطلحات اللغات الأخرى التي ساعدتني في الترويج لبضاعتي وتصريفها»، مؤكداً حرصه وزميله على جودة المعروض والبعد عن المغالاة في الأسعار، مشيراً إلى عزمهما على التطوير في المواسم المقبلة، كاشفاً وجود صورة ذهنية يطمح إلى الوصول إليها في المستقبل.