أصواتهم البريئة تصدح في المشاعر المقدسة شوارع وأزقة مكةالمكرمة وهي تنادي: شاي.. حليب.. سبح.. خردوات، أطفال صغار يحملون بضائعهم من هنا إلى هناك يعرضونها على جموع حجاج بيت الله الحرام، دون أن يمنعهم صغر السن عن العمل الموسمي مكتسبين من ذلك الخبرات في التجارة وتوفير المال لشراء احتياجاتهم وتعلم كثير من لغات ولهجات ضيوف الرحمن. رياض العتيبي ونواف القرشي يؤكدان أن «موسم الحج ذهبي للعمل في مكةالمكرمة، فالوضع الاقتصادي المنتعش يدفع الجميع إلى العمل بجد واجتهاد، سواء الصغار أو الكبار، وهي فرصة حقيقية يجب ألا تفوت على أهل مكةالمكرمة»، مضيفين «قديما كان أجدادنا يتركون أعمالهم الأساسية ويتجهون للعمل مع الحجيج سواء في البيع والشراء أو تقديم الخدمات الأخرى، فموسم الحج من أهم المواسم التي ننتظرها من عام إلى آخر لكي نجني العائد المالي من خلال العمل من عرق جبيننا، ولا نأبه في ذلك بأي مصاعب أو أي وقت سواء ليلا أو نهارا». ويوضح عبدالمقصود محمد، 12 عاما «إننا من خلال بيع أكواب الشاي والحليب على حجاج بيت الله الحرام أو بيع الخردوات والسبح وصور الحرمين الشريفين نجني أرباحا كبيرة تعيننا في مساعدة أهالينا، كما أننا نستفيد من المردود المالي في شراء الألعاب أو البلاي ستيشن وغيرها، وإضافة إلى ذلك أتعلم كل يوم شيئا جديدا فأستطيع قراءة الأعداد بجميع اللغات الأخرى، كما تعلمت أيضا كثيرا من الكلمات نتيجة احتكاكي المباشر مع ضيوف الرحمن». ومن جانبه، يؤكد الباحث والمحلل الاجتماعي والصحي جمعة الخياط أن مزاولة الطفل العمل في سن مبكرة تشكل تهديدا مباشرا لسلامته وصحته ورفاهيته وتقف حجر عثرة أمام تلقيه التعليم المدرسي الذي من شأنه أن يوفر له مستقبلا أفضل، ويشير إلى أن «هناك ما يزيد على 80 % من الأطفال بين سن 10 و15 يعملون لدينا ولكن أعمالا موسمية فقط في موسمي رمضان والحج، حيث يتعلم الطفل مهنة والده، ويعتبر عملهم في هذه الحالة تطوعيا أو تدريبيا أو عملا داخل نطاق الأسرة، ولا أراه انتهاكا لحقوق الإنسان، لأنه يخضع للعلاقات الأسرية وليس هناك إجبار للطفل على ممارسة العمل وتكون طبيعة العمل اختيارية، ويستطيع الطفل بعد انتهاء الموسم قضاء بعض احتياجاته الشخصية دون الحاجة لطلبها من والديه».