قلل وكيل إمارة منطقة مكةالمكرمة رئيس اللجنتين التحضيرية والتنفيذية لأعمال الحج الدكتور عبد العزيز الخضيري من إمكانية لعب «الأمطار» دوراً هاماً في خلط الأوراق المتعلقة بترتيبات الجهات الحكومية في حج هذا العام، وقال في حوار مع «الحياة»: «تم اتخاذ الاحتياطات كافة لاحتمال هطول الأمطار وجريان السيول في المشاعر، خصوصاً «منى»، علاوة على إنجاز وزارة الشؤون البلدية والقروية مشاريع عدة في منطقة المشاعر لتصريفها على مدى الأعوام الماضية، واستعدادات كبيرة للمديرية العامة للدفاع المدني لمواجهة أية حوادث ناتجة عن الأمطار والسيول أو غيرها». وأضاف: «أطمئن الجميع بأن التقارير الواردة إلى لجنة الحج المركزية من جميع الجهات الحكومية المعنية، تؤكد إنجازها مشاريعها المقرر استفادة الحجاج منها هذا العام في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة، واكتمال جاهزيتها لاستقبالهم، مع بدء توافدهم خلال الأسابيع الماضية على أراضي المملكة». وتطرق الخضيري إلى أهداف الحملة التوعوية «الحج عبادة وسلوك حضاري»، مشيراً إلى أنها تركز على زيادة الوعي بأهمية تعظيم قدسية البلد الحرام، وفضيلة احترام الحاج وخدمته ومساعدته في أداء فريضته بيسر وسهولة، وضرورة الالتزام بالأنظمة والتعليمات لضمان موسم آمن وخالٍ من أي حوادث أو سلبيات تعكر صفوه. وفيما يلي نص الحوار: بما أننا على بعد أيام قليلة من بدء فريضة الحج، كيف تقيمون استعدادات الجهات الحكومية لهذا الموسم؟ - تعد الاستعدادات بموسم ناجح، بعون الله أولاً ثم بحرص قيادة هذه البلاد، وتضافر جهود جميع الوزارات وغيرها من الجهات المعنية لتقديم أرقى الخدمات لحجاج بيت الله الحرام، إضافة إلى مبادرات أبناء هذا الوطن، لتقديم كل ما من شأنه التيسير على ضيوف الرحمن في أداء فريضتهم في أجواء روحانية آمنة، وأود أن أطمئن الجميع بأن التقارير الواردة إلى لجنة الحج المركزية من جميع الجهات الحكومية المعنية بالحج تؤكد إنجاز تلك الجهات لمشاريعها المقرر أن يستفيد الحجاج منها هذا العام في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة، وكذلك اكتمال جاهزيتها لاستقبال ضيوف الرحمن، مع بدء توافدهم خلال الأسابيع الماضية على أراضي المملكة براً وبحراً وجواً. كما أود أن أنقل للجميع تأكيدات أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة الحج المركزية الأمير خالد الفيصل المشددة على الجهات العاملة في الحج، على ضرورة تقديم أفضل الخدمات لحجاج بيت الله الحرام منذ لحظة وصولهم حتى مغادرتهم إلى أوطانهم سالمين، ومتابعته لعمل جميع القطاعات المعنية بخدمة الحجاج، وحرصه على أن يكون موسم الحج موسماً حضارياً بحق، يعكس الصورة المشرقة للإسلام كدين، وللمسلمين كأصحاب رسالة سامية ترتقي بالإنسان وتعلي شأنه ومكانته، وتبرز دور المملكة حكومة وشعباً في خدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن. أطلق الأمير خالد الفيصل حملة «الحج عبادة وسلوك حضاري» في عامها الرابع، كيف ستعمل هذه الحملة على تحقيق أهدافها؟ - قبل أن أجيبك على هذا السؤال، دعني أبين مرتكزات هذه الحملة، فهي التي تحدد وجهة فريق العمل، وترسم استراتيجيته، وهي ثلاثة مرتكزات، تشمل احترام المكان والحدث (الحج)، واحترام الإنسان (الحاج)، واحترام النظام (الأنظمة والتعليمات الحكومية)، ولذلك تركز الحملة على زيادة الوعي بأهمية تعظيم قدسية البلد الحرام، وفضيلة احترام الحاج وخدمته ومساعدته في أداء فريضته بيسر وسهولة، وضرورة الالتزام بالأنظمة والتعليمات لضمان موسم حج آمن وخالٍ من أي حوادث أو سلبيات تنتقص منه. وعلى هذا الأساس، تم إعداد خطة توعية إعلامية شاملة للحملة بالتعاون مع الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة، وكذلك وسائل الإعلام الجديدة الفيسبوك والتويتر واليتيوب، وغيرها من وسائل الإعلام المتاحة للتواصل مع المستهدفين بالحملة من الحجاج والمواطنين والمقيمين، وحتى العاملين في الحج من منسوبي الجهات الحكومية والمؤسسات الأهلية. هل يمكن أن تلخص لنا أهداف هذه «الحملة»؟ - للحملة أهداف عدة، أبرزها تمكين القطاعات الحكومية والأهلية من تقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن، تحقيقاً لتطلعات وتوجيه ومتابعة الحكومة السعودية، وتفعيل المرتكز الثاني من استراتيجية تنمية منطقة مكةالمكرمة التي تشدد على التعامل الراقي مع الحاج والمعتمر، والارتقاء ببناء إنسان المنطقة ليتحقق على يديه النهوض بمستوى خدمات ضيوف الرحمن ليبلغ وصف «القوي الأمين». كما تسعى الحملة إلى التأكيد على أهمية الالتزام بالأنظمة والتعليمات الخاصة بالحج، وصولاً إلى تحقيق التوازن بين أعداد الحجاج والطاقة الاستيعابية المكانية للمشاعر المقدسة، والقضاء على ظاهرة الافتراش، وخفض الضغط على المسجد الحرام وجسر الجمرات، وتطبيق استراتيجية تأصيل ثقافة البلد الحرام خلال موسمي الحج والعمرة لكلٍ من ضيوف الرحمن ومقدمي الخدمة والمجتمع كافة. من وجهة نظرك، ما أبرز المشكلات التي تعمل الحملة على القضاء عليها أو الحد منها هذا العام؟ هي المشكلات ذاتها التي تواجهنا «للأسف الشديد» في جميع مواسم الحج، كالحج من دون تصريح، والافتراش في المشاعر المقدسة، وإعاقة حركة الآليات والمشاة، وحملات الحج الوهمية، إضافة إلى التذكير بقرار منع المركبات الصغيرة من دخول المشاعر أثناء موسم الحج لإعاقتها الحركة المرورية في طرقات المشاعر، والدعوة إلى الارتقاء بمستوى النظافة في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة لرفع مستوى صحة البيئة. وللعلم، فإن هذه المشكلات مترابطة بعضها البعض في شكل أو بآخر، فالحج من دون تصريح يؤدي إلى الازدحام الشديد في مكةالمكرمة ومنى وبقية المشاعر المقدسة، وإلى افتراش الشوارع والأرصفة والطرقات وساحات الجمرات في منى، لأن مرتكبي هذه المخالفة لم يتعاقدوا مع أي من مؤسسات حجاج الداخل، ولا يتوافر لهم سكن نظامي في المخيمات، ولذلك يلجأون إلى المبيت في الشوارع. ولعلكم وجميع من أدوا فريضة الحج أو تابعوا مواسم الحج في الأعوام الماضية لمسوا التأثير السلبي لهذه الظواهر على حركة الحجاج وتنقلهم والتضييق عليهم، وإن كانت الجهات الحكومية المعنية سجلت قدراً ملاحظاً من الانخفاض في بعضها، بعد تشديد الإجراءات الحكومية الهادفة إلى التصدي لهذه الظواهر السالبة، وكذلك إطلاق حملة «الحج عبادة وسلوك حضاري» عبر وسائل الإعلام، إذ إن الوعي والالتزام يتزايدان عاماً بعد آخر لدى الراغبين في أداء الفريضة، ونطمع في المزيد هذا العام والأعوام المقبلة، إلى أن يتحقق الالتزام الكامل، وزوال تلك الظواهر، وصولاً إلى حج حضاري يقدم صورة مشرفة عن الإسلام والمسلمين للعالم أجمع، وفي اعتقادي «أن أول محفز ودافع للالتزام، هو الإحساس الذاتي والشعور بالمسؤولية تجاه ضيوف الرحمن، ودور كلٍ منا كمسلمين متحضرين يجعلنا ندرك أن الأنظمة والتعليمات تهدف إلى التيسير على القادمين من بقاع الأرض شتى لا التضييق عليهم». وهل أنتم مطمئنون إلى أن الإجراءات الحكومية كافية للتصدي لهذه الظواهر؟. - كان بودي أن تحدد أي نوع من الإجراءات تقصد، فهي متعددة وتشمل حملات التوعية، والإجراءات النظامية والأمنية الاحترازية، إضافة إلى المشاريع الحكومية الهادفة إلى الحد من جميع هذه الظواهر بلا استثناء، فكل هذه الإجراءات تشكل معاً إطاراً استراتيجياً لجهود الحكومة المتكاملة بهدف إنجاح الموسم، ومثالاً لذلك نجد أن الجهات المختصة أصدرت قراراً حازماً بمنع دخول المركبات التي تقل حمولتها عن 25 راكباً إلى المشاعر «قدرت الدراسات البحثية عددها بنحو 57 ألف مركبة» بهدف تخفيف الزحام في طرقات المشاعر إلى حده الأدنى، وتقليص زمن تنقل الحجاج بينها، فهل هذا الإجراء وحده كافٍ؟ قطعاً لا، لذا كان من الضروري أن تصاحب قرار المنع هذا حملة توعية للتعريف بتطبيقه والبدائل المتاحة للاستفادة منها، كما من الضروري توفير البدائل كإنجاز مشروع قطار المشاعر المقدسة لنقل الحجاج، الذي سيعمل هذه المرة بطاقته الكاملة لينقل نحو نصف مليون حاج بين المشاعر. وأمثلة أخرى، كتوجيه رسائل إعلامية لتوعية المواطنين والمقيمين بضوابط أداء الفريضة لحجاج الداخل من جهة، ومن جهة أخرى تشديد الإجراءات الأمنية على مداخل مكةالمكرمة لضبط المخالفين أو المواطنين المتورطين في نقلهم، وإحالتهم جميعاً إلى الجهات المختصة للنظر في مخالفاتهم، وكذلك التشديد في الإجراءات الهادفة إلى منع تخلف المعتمرين في مكةالمكرمة بعد انتهاء موسم العمرة. والأمر نفسه ينطبق على حملات التوعية التي تنفذها وزارة الصحة لتوعية الحجاج صحياً ويواكبها رفع الجاهزية الطبية وتوفير اللقاحات الخاصة بالأمراض الوبائية المحتملة مثلما حصل أثناء انتشار وباء انفلونزا الخنازير عالمياً العام قبل الماضي، وذات الأمر ينطبق على حملات الدفاع المدني الإعلامية للتحذير من السلوكيات الخاطئة التي تشكل خطراً على سلامة الحجاج، «إننا نقرن التوعية بالعمل الوقائي الهادف إلى منع وقوع أية ظواهر سلبية أو حوادث تؤثر على أداء الحجاج لفريضتهم أو تهدد أمنهم وسلامتهم». ألا ترون أن التعليمات الصادرة قلصت قدرة المواطنين والمقيمين على أداء الحج، بإلزامهم بالحج مرة كل خمسة أعوام، والحصول على تصريح نظامي، والالتحاق بحملات، ما صعّب عليهم أداء النسك؟ - صحيح. إلا أن ما ترتب على هذه التعليمات جعل الحج أكثر يسراً وأماناً من ذي قبل، خصوصاً أن جميعنا يدرك أن الله عز وجل شرع على عباده أداء الحج مرة واحدة في العمر، ومقرونة أيضاً بالاستطاعة. أما بالنسبة لحملات الحج، فإن الحاج الملتحق بحملة نظامية يستفيد من حق السكن في مخيم مجهز، ووسيلة تنقله بين المشاعر المقدسة طوال رحلة الحج، إضافة إلى تقديم خدمات الإعاشة له، وذلك تحت رقابة ومتابعة حكومية صارمة من إمارة منطقة مكةالمكرمة ووزارة الحج، للتأكد من وفاء الحملات بالتزاماتها النظامية والتعاقدية مع الحجاج، ومحاسبة الحملات المقصرة، ولابد من التنويه إلى أن وزارة الحج حرصت على تشجيع الشركات والمؤسسات المرخص لها على المشاركة في برنامج الحج منخفض الكلفة، إذ دشنت الوزارة حملتها لهذا العام بمشاركة 21 شركة ستوفر خدماتها لحجاج الداخل بأسعار تتراوح من 1900 إلى 3900 ريال، تغطي السكن والنقل والإعاشة. ماذا عن ملاحقة المواطنين المتورطين في نقل الحجاج المخالفين؟ - المؤسف أن المتورطين في هذه المخالفة يرتكبونها وهم يدركون جيداً مخالفتهم للنظام، ولذلك يلجأون إلى سلوك طرق بديلة وعرة معرضين أنفسهم ومن ينقلونهم إلى الخطر، وكل ذلك من أجل ربح حفنة من المال، لذلك حرصنا من خلال حملة «الحج عبادة وسلوك حضاري» إلى توعية هؤلاء وتذكيرهم بضرورة الالتزام بالنظام، وفي الوقت نفسه تحذيرهم من العقوبات التي يعرضون أنفسهم لها، التي تشمل الغرامة والسجن ومصادرة المركبة، ومن هنا أناشد جميع هؤلاء الأخوة أن يقدموا المصلحة العامة على الشخصية، في التعاون مع رجال الأمن ومحاربة هذه الظواهر.br / هطلت الأمطار مبكراً هذا العام على مكةالمكرمة، فهل تزيد من قلقلكم حيال تحذيرات «الأرصاد» حول احتمال هطول أخرى غزيرة في موسم الحج الحالي؟ - لا نشعر بالقلق، ولكننا نحتاط لاحتمال هطولها وجريان السيول في المشاعر، خصوصاً «منى» الذي يشكل وادياً تحيطه الجبال من كل جانب، وما يجعلنا مطمئنين هو أننا شهدنا في الأعوام الماضية حالات هطول لأمطار غزيرة خلال الحج ومرت جميعها بسلام، كما أن وزارة الشؤون البلدية والقروية أنجزت على مدى الأعوام الماضية مشاريع عدة لتصريف السيول والأمطار في منطقة المشاعر، واتخذت الاحتياطات اللازمة للتعامل مع هذا الأمر، هذا غير الاستعدادات الكبيرة للمديرية العامة للدفاع المدني بفرقها الميدانية المختصة وتجهيزاتها لمواجهة أية حوادث. ...الاستفادة من قطار المشاعر هذا العام بنسبة 100 في المئة