أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمس اعتقال 615 قيادياً في حزب البعث، معظمهم من محافظات الوسط والجنوب، مؤكداً محاولتهم تحويل محافظة صلاح الدين ملاذاً آمناً لهم. وسجل فرار عشرات البعثيين من النجف، هرباً من حملة الإعتقالات. وقال المالكي خلال لقاء مع قناة «العراقية» الحكومية: «لا بد من الفرز بين البعثيين الذين يعملون في دوائر الدولة ومؤسساتها، وانسجموا مع العملية السياسية وتصدوا للارهاب، والبعثيين الصداميين الذين يتعاونون مع القاعدة ويعملون على اسقاط العملية السياسية». واشار الى ان «الاعتقالات التي نفذتها الاجهزة الامنية تمت بناء على معلومات وأدلة كثيرة، وشملت الذين يستهدفون امن الدولة واستقرارها وقد وصل عددهم الى 615 شخصاً، من كل المحافظات، ومعظمهم من محافظات الوسط والجنوب». واضاف ان «حزب البعث محظور بموجب الدستور، لانه حزب مجرم أسقط السيادة الوطنية واستهدف عموم ابناء الشعب العراقي من خلال المقابر الجماعية والاسلحة الكيماوية وغيرها». وزاد ان «عقلية البعث عقلية المؤامرة والانقلابات وليس له طريق غير ذلك»، مؤكداً ان «هذا ما لا يمكن تحقيقه في ظل النظام الجديد الذي اصبح قوياً ومدعوماً من الشعب». ونبّه الى ان «حزب البعث يريد ان تكون محافظة صلاح الدين ملاذاً آمناً ولكن هذا لن يحصل بوعي أهالي المحافظة». وعن اعلان صلاح الدين اقليماً، اقر المالكي بأن «الفيديرالية قضية دستورية». ولكنه اكد ان «مجلس محافظة صلاح الدين ليس من حقه ان يعلن هذا الأمر انما هو يطلب ذلك ويقدمه إلى مجلس الوزراء ومن ثم الى مجلس النواب وغيرها من الاجراءات الدستورية». ودعا أهالي المحافظة الى ان «لا يصابوا بالذعر والخوف من هذا الأمر، لان لا يمكن تحقيقه ما دام قائماً على أسس غير صحيحة. ولو انه تم من دون ضوضاء وضجة اعلامية ودعوات تمردية من البعض لكان طبيعياً، ولكنا معهم فيه». وصوّت مجلس محافظة صلاح الدين ذات الغالبية السنّية الخميس بالغالبية على اعلان المحافظة اقليماً مستقلاً «ادارياً واقتصادياً» احتجاجاً على «الاعتقالات» و»الاقصاء» ضد ابنائها. ولا يشكل قرار مجلس المحافظة امراً نهائياً، لان الاجراءات التنفيذية المتعلقة بتكوين الاقاليم تنص على تسلم عريضة تحمل تواقيع اثنين في المئة على الاقل من الناخبين لتنظيم استفتاء. والاقليم كيان قانوني يتكون من محافظة او اكثر وفقاً للدستور الذي ينص على حرية تشكيل الاقاليم. إلى ذلك، اكد مسؤول محلي في النجف (160 كم جنوب بغداد) ان عشرات البعثيين السابقين في المدينة فروا الى خارجها خلال الايام الماضية تزامناً مع حملة اعتقالات واسعة طاولت المئات منهم. وقال النجل الاكبر لأحد المعتقلين احمد المجتومي ل «الحياة» ان « اشخاصاً طرقوا باب دارنا في ساعة متاخرة قبل يومين وكانت سيارة اجرة يستقلها اربعة اشخاص وطلبوا رؤية والدي واشهروا أسلحتهم حال خروجه وألقي القبض عليه»، مشيراً الى ان والده «امي لا يقرأ ولا يكتب ، وكان انتسب للبعث في العقود السابقة ولا يفقه شيئاً من افكار هذا التنظيم». وتكثر الاعتقالات في المناطق الريفية في النجف، خصوصاً في منطقة العباسية والحرية لان الكثير من سكان تلك المناطق منتم الى حزب البعث. وأعلن المجلس الاستشاري في قضاء الكوفة ان «الاعتقالات التي تطاول البعثيين تتم من دون علمه». واضاف: «يفترض عند اعتقال أي فرد ان يكون احد اعضاء المجلس او المختار حاضراً مع القوة الامنية، وعند اتصالنا بالجهات الامنية أكدت ان الاعتقالات الجارية الان تقوم بها قوة استخباراتية قدمت من بغداد». وشدد احد مختاري ناحية الحرية في النجف قيس علوان على ان «مناطقنا شبه خالية من الرجال كبار السن لان معظمهم منتم إلى البعث». واضاف ان «الظروف المعيشية ادت بالكثير من سكان الارياف الى الانتماء إلى الحزب»، مشيراً الى ان «بعد اعتقال العشرات فر المئات إلى جهات مجهولة مخلفين وراءهم عائلات من دون معيل». وكان مدير الإعلام في قيادة شرطة النجف النقيب مقداد الموسوي قال إن «قوات مشتركة من الشرطة والجيش نفذت عمليات دهم لأوكار مشبوهة لحزب البعث المنحل في عدد من مناطق النجف واعتقلت 50 عضواً». واضاف إنهم «كانوا يرومون زعزعة الأمن في المحافظة». واوضح أن «عملية الاعتقال تمت وفق معلومات استخباراتية دقيقة اشارت الى مكان وجود البعثيين. والعمليات ما زالت مستمرة لتطهير المحافظة بالكامل من تلك العناصر». من جانبه، قال مصدر مسؤول في جهاز الاستخبارات ان عملية الاعتقال كانت بادارة وتنفيذ الاستخبارات والمعتقلون يخضعون الان للتحقيق.