يواجه قرار مجلس محافظة النجف بإبعاد البعثيين من المحافظة انتقادات حزبية ورسمية في ظل أنباء عن شن الأجهزة الأمنية في النجف حملة دهم لمنازل وأماكن وجود البعثيين أسفرت عن اعتقال العديد منهم. وحاول رئيس مجلس محافظة النجف فايد الشمري التخفيف من أهمية الانتقادات التي اعتبرت القرار «مخالفاً للدستور» وشبهته ب «العقاب الجماعي» الذي كان يتبعه نظام الرئيس الراحل صدام حسين. ونفى الشمري تهجير عائلات البعثيين وأكد ان «التوصيات التي خرج بها مجلس محافظة النجف تشدد على خروج البعثيين فقط وليس عائلاتهم من المحافظة وخصوصاً الذين لم يوقعوا استمارة البراءة من البعث المحظور». وأوضح الشمري في تصريح وزعه مكتبه أمس ان «هناك معلومات كاملة عن بعثيين ملطخة ايديهم بدماء العراقيين وهم المشمولون بقرار الخروج من النجف» موضحاً ان «عائلاتهم ليست مشمولة بهذا الإجراء»، مضيفاً انه «تم اتخاذ إجراءات لتفعيل التوصيات التي اقرها المجلس حول وجود البعثيين في المحافظة سيتم كشف تفاصيلها في وقت لاحق مع نتائج تحقيق التفجيرات التي ضربت النجف الخميس الماضي وأسفرت عن مقتل وإصابة 78 مواطناً». وكان مجلس محافظة النجف أصدر أول من أمس قراراً يمهل البعثيين يوماً واحداً فقط للخروج من المحافظة وتوعدهم «بالضرب بيد من حديد» داعياً الى إبعادهم عن العملية السياسية «تحت اي مسميات»، وذلك بعد 3 أيام من قرار مماثل لمجلس محافظة ذي قار (390 كلم جنوب بغداد) إبعاد قادة أمنيين يشغلون مراكز حساسة في المحافظة مشمولين بقانون «المساءلة والعدالة» الذي يخص المنتمين الى «حزب البعث» المحظور. بدوره، نفى علي الموسوي المستشار الإعلامي للمالكي، علمه او علم الحكومة بمثل هذا القرار، متهماً جهات سياسية لم يسمها ب «تضخيم مثل هذه المسائل لدواع انتخابية ومحاولة لكسب بعض التعاطف». وقال الموسوي ل «الحياة» انه «اذا أصدر مجلس محافظة النجف فعلاً مثل هذا القرار فإنه يكون قد تجاوز صلاحياته»، لافتاً الى ان «قانون المساءلة والعدالة هو الذي يحدد طريقة التعامل مع البعثيين، وأي طريقة أخرى غير مقبولة من اي جهة». وأضاف ان «القانون والدستور لا يحاسب الا من ارتكب جريمة. أما من لم يرتكب جريمة فهو مواطن عراقي لا يمكن التجاوز على حقوقه». واستنكر عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية عادل برواري قرار محافظة النجف واعتبره يتنافى مع الدستور. وقال برواري في اتصال مع «الحياة» إن «المادة السابعة من الدستور تحظر رموز البعث الصدامي فقط من المشاركة في العملية السياسية او تبوؤ مناصب مهمة في الدولة». وأضاف ان «العراق الجديد يكفل الحياة الحرة الكريمة لجميع العراقيين بغض النظر عن انتمائهم او مناصبهم السابقة طالما انه لا يوجد ملف قضائي ضدهم». وذكر برواري ان «البعث حكم العراق 35 عاماً أجبر خلالها العراقيون على الانتماء لحزب البعث، فكانوا بعثيين إمّا حباً وإمّا كرهاً. وبالتالي من غير المنطقي ترحيلهم، لأن هذا العمل مشابه لتصرفات النظام البائد ولا يليق بالدولة العراقية الديموقراطية وتضحيات العراقيين الكثيرة من اجل تعزيز هذه الديموقراطية»، مشيراً الى ان «هذا القرار يتنافى مع جوهر الدستور وتوجهات الدولة، ولا يحق لمجلس المحافظة اتخاذ مثل هذا القرار وعليه التراجع عنه». وأوضح انه «حتى إذا ارتكب احد البعثيين جريمة ارهابية او تفجيرات فينبغي محاسبة مرتكب الجريمة بعد ثبوت الأدلة وعدم شمول الجميع لأن العقاب الجماعي كان منهجاً لصدام حسين، ولا يليق بنا اليوم».