عزز جنود كينيون وطائرات هليكوبتر الدفاعات على الحدود الصومالية أمس الأربعاء بعدما هاجمت مقاتلات اثيوبية وقوات برية إسلاميين يفرون على الجانب الآخر من الحدود. وتعهد الإسلاميون الذين انسحبوا من آخر معاقلهم يوم الاثنين بعد أسبوعين من الحرب مع قوات حكومية صومالية تدعمها مدرعات اثيوبية، مواصلة القتال بعد الاختباء وسط التلال بين ميناء كيسمايو على المحيط الهندي والحدود الطويلة مع كينيا. وتسعى الحكومة الصومالية الموقتة الى تنصيب نفسها في العاصمة والخروج من معقل بيداوة الإقليمي الذي تهدد عندما سيطر الإسلاميون على معظم جنوبالصومال في حزيران يونيو الماضي. وقال سكان ليبوي على الحدود الكينية انهم شاهدوا مقاتلات اثيوبية وطائرات هليكوبتر حربية تحلق فوق بلدة دوبلي الصومالية الواقعة على بعد 25 كيلومتراً في وقت متقدم مساء الثلثاء. وسمعوا بعد ذلك صوت اطلاق نيران تلاشى بعد منتصف الليل. وقال رجل الأعمال عبدي ريج من ليبوي في حديث هاتفي:"عندما سمعنا صوت اطلاق نيران أصبنا بالذعر على رغم أننا كنا نعلم أنها يمكن أن تكون هذه الجماعات التي تقاتل عبر الحدود". وأضاف:"قوات الامن كثيرة هنا ويبدو كما لو أننا منغمسون أيضاً في هذا القتال. المركبات تتحرك صعوداً ونزولاً عبر الحدود. هذا يسبب توتراً لكن على الأقل نشعر بالأمن". ووضعت تعزيزات كينية تتحرك في شاحنات ومركبات مدرعة وطائرات هليكوبتر في حال تأهب قصوى. وقال جوزف امبواجا مفتش الشرطة المحلي ل"رويترز":"اُخطرنا أن الاسلاميين يفرون باتجاه هذا الجانب". وأغلقت نيروبي الحدود بعدما حضتها الحكومة الصومالية على منع زعماء مجلس المحاكم الاسلامية أو المقاتلين الأجانب الذين يساندونهم من الفرار. وقال جونستون ليمو قائد الشرطة الكينية المحلية ل"رويترز"في حديث هاتفي:"لا يمكن لأي مسلح أو جماعة مسلحة دخول بلادنا أو المساس بأمنها. سنمنعهم ونلقي القبض عليهم واذا لزم الامر نقاتلهم". ويجري استجواب ثمانية يشتبه في كونهم من المقاتلين بعدما قُبض عليهم وهم يحاولون دخول كينيا قرب ليبوي الأحد. وأقر وزير الاعلام الصومالي علي جامع لوكالة"فرانس برس"التي اتصلت به في بيداوة 250 كيلومتراً شمال غربي مقديشو بأن عمليات المطاردة لم تؤد الى القبض على زعماء المحاكم الاسلامية الذين فروا من آخر معاقلهم في كيسمايو. وقال:"لم نلق القبض على أي منهم .. ما نزال نطاردهم". وأضاف أن قادة الإسلاميين وعناصرهم فرّوا من كيسمايو إلى اقصى جنوب البلاد في غابة عند الحدود مع كينيا. وأضاف:"لا نعرف موقعهم بالتحديد لكن نظن انهم يختبئون في الغابة عند الحدود"الصومالية - الكينية. وأوضح الناطق باسم الحكومة عبدالرحمن ديناري ان العفو الذي اقترحته الحكومة على المقاتلين الذين يسلمون اسلحتهم لا يشمل القادة الاسلاميين الذين يشتبه انهم على علاقة بتنظيم"القاعدة". وقال:"لن نمنح العفو الى القادة الإسلاميين .. انهم متهمون بالارهاب وهذه جريمة دولية". وفي اشارة الى حدة التوتر عند الحدود، ابعدت كينيا نحو 400 لاجىء صومالي كانوا يحاولون الهرب من المعارك في الصومال. وهي المرة الأولى التي ترفض فيها كينيا، التي لجأ اليها 160 الف صومالي يقيمون في مخيمات شمال شرقي البلاد، استقبال لاجئين منذ بداية الحرب الأهلية في الصومال في العام 1991. وأبعدت الشرطة الكينية لاجئين عند نقطة ليبوي الحدودية على بعد 550 كلم شرق نيروبي. وقال مسؤول كبير في الشرطة ل"فرانس برس"طالباً عدم كشف اسمه:"لقد ابعدناهم الى الصومال ولا نسمح لأي شخص بعبور الحدود". وأفاد مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للأمم المتحدة أن أربعة آلاف صومالي ما زالوا عالقين في الجانب الاخر من ليبوي بانتظار العبور الى كينيا. وذكرت مصادر في الأممالمتحدة ان نيروبي منعت ايضاً الصليب الأحمر الكيني من الوصول الى مركز ليبوي للاجئين. واجتمع وزراء خارجية أوروبيون وديبلوماسيون كبار في بروكسيل أمس للدفع باتجاه محادثات سلام. وصرح كارل بيلدت وزير خارجية السويد إلى"رويترز":"نحن حريصون على رؤية عملية سياسية شاملة في الصومال... من دون هذا سيكون من الصعب تحقيق الأمن". ويقول رئيس الوزراء الاثيوبي مليس زيناوي ان قواته ستبقى في الصومال بضعة أسابيع أخرى لمساعدة الحكومة الموقتة في تهدئة الاوضاع في البلاد. لكن رئيس الوزراء الصومالي علي محمد جيدي قال ان الاثيوبيين قد يبقون لشهور. ودعا الرجلان إلى نشر قوات حفظ سلام دولية من دون تأخير. وكانت اوغندا عرضت في شكل مشروط ارسال كتيبة، وسيسافر الرئيس الأوغندي يوويري موسيفيني الى أديس أبابا لاجراء محادثات في شأن الصومال مع مليس. وقالت اوغندا انها ستنشر قواتها فقط عندما تكون هناك مهمة واضحة ولها استراتيجية محددة للخروج. وقد تساهم نيجيريا أيضاً بقوات. ويقول محللون ان الاسلاميين الذين انضم اليهم بعض المقاتلين الأجانب، قد يشنون هجمات على غرار ما يحدث في العراق ضد الحكومة التي يعتبرونها مدعومة من قوة أجنبية مكروهة يقودها مسيحيون. ويقول جيدي ان الحكومة أسرت مقاتلين عرباً ومتمردين اثيوبيين وقوات أرسلتها اريتريا خصم اثيوبيا اللدود خلال المعارك الأخيرة. وقال ديبلوماسيون ان سفناً حربية أميركية تقوم بدوريات قبالة الصومال لمنع زعماء مجلس"المحاكم"أو مؤيديهم من المقاتلين الأجانب من الفرار. وطالب جيدي الميليشيات وسكان العاصمة مقديشو بتسليم أسلحتهم بحلول اليوم الخميس في محاولة لنزع سلاح واحدة من أخطر المدن في العالم. لكن لم يتم تسليم الا القليل من البنادق. وفي أسمرا، اعتبرت الحكومة الاريترية ان الصومال سيصبح بمثابة"مستنقع"لرئيس الوزراء الاثيوبي مليس زيناوي الذي وصفته بأنه"مرتزقة يعمل لحساب الولاياتالمتحدة". وقال وزير الاعلام الاريتري علي عبده لوكالة"فرانس برس"في أسمرا:"ما سنشهده في الصومال سيكون مستنقعاً"، علماً بان اريتريا تقيم علاقات شديدة التوتر مع اثيوبيا منذ الحرب الحدودية التي وقعت بين البلدين بين العامين 1998 و2000. ووصفت أسمرا زيناوي بأنه"كاذب مهووس"وقالت انه لا يسيطر على التدخل العسكري في الصومال لأنه تحرك بأمر من القوى العظمى وخصوصاً الولاياتالمتحدة. وأضاف وزير الاعلام"انه يتصرف كمرتزق للولايات المتحدة. ولا يعلم ما هي التعليمات التي سيتلقاها من مرؤوسيه". ونفى مرة جديدة اي تدخل اريتري في الصومال وان يكون اريتريون قتلوا أو وقعوا في الأسر في هذا البلد. وكان تقرير لخبراء في الأممالمتحدة اشار في تشرين الثاني نوفمبر الماضي الى ارسال أسمرا ألفي مقاتل الى الصومال ليقفوا الى جانب"المحاكم الاسلامية". لكن وزير الإعلام قال:"مليس زيناوي قال انه كان هناك الفا جندي اريتري... هذا مثل أسلحة الدمار الشامل في العراق: اكاذيب". واتهمت اريتريا الأحد اثيوبيا بتزوير جنسية المقاتلين في الصومال بتقديمهم على انهم اريتريون بغية تبرير الاتهامات التي تقول إن أسمرا تدخلت الى جانب الاسلاميين الصوماليين.