صورة بائسة ومخجلة ترميها المنظمات الانسانية الدولية في وجه العالم المتحضر، اواخر هذا العام. صورة بائسة لاطفال البؤس في بلدان كثيرة، تشكل دليلاً على الفشل الذي حققته هذه المنظمات في حماية حقوق الطفل وتنفيذ مبادئ شرعة حقوق الطفل بعد مرور 14 سنة على اعلانها. فمع مطلع كل نهار يموت نحو 49 الف طفل في العالم بسبب قلة التغذية والجوع والمعاملة السيئة والحروب. وفي كل يوم يعاني اطفال البؤس في العالم من آلام ومآس كثيرة في مناطق النزاعات المسلحة، في السجون والاصلاحيات وفي دور الايتام والشوارع وفي كل مجتمعات العالم التي تخل بواجبها وتعهداتها في حماية اضعف افراد المجتمع. فبعد مرور 14 سنة على التعهد الرسمي من قبل الحكومات وعلى رغم الجهد العالمي المبذول لحماية الطفل هناك اكثر من 211 مليون طفل في عمر 5 - 14 سنة يعيشون في حال استغلال كلية. صورة الطفل في اواخر هذا العام ليست سوى نسخة ملونة حضارية لطفل ديكنز وهيغو في القرن التاسع عشر صورة لم تغير فعلاً في عصر العولمة والتقنية والانترنت. ومع حلول الليل ينام حوالي 120 مليون طفل في الشوارع والازقة ومهما كانت حال الطقس. واطفال الشوارع كثيرون في البلدان العربية، فهم يملأون الطرقات في معظم هذه البلدان، ويتعرضون للضرب والاذى على ايدي رجال الشرطة. اضافة الى انواع من الاستغلال التي تؤدي بهم غالباً الى الانحراف وتعاطي المخدرات والموت. فمثلاً لم يستطع المغرب الحد من عمليات تسلل آلاف الاطفال المغاربة الى اسبانيا، من دون مرافقة الاهل وحتى من دون جواز سفر، فيتعرض "اطفال الحدود" للامرين سواء في اسبانيا ام في بلادهم بعدما تطردهم السلطات الاسبانية. وفي اليمن برزت ظاهرة اطفال الشوارع منذ مطلع التسعينات، فهي حديثة على المجتمع اليمني لكنها اليوم تنتشر بسرعة وتبعث على القلق في الاوساط الحكومية والشعبية. وقدرت منظمة اليونيسيف اطفال الشوارع في مدينة صنعاء بحوالى 29 ألفاً لكن السلطات تقول ان العدد اقل بكثير. وغالبية هؤلاء الاطفال من الذكور بنسبة 78 في المئة تقريباً، وهم ينتمون الى عائلات فقيرة يعمل افرادها في المزارع كعمال موسميين او في قطاع الخدمات الموقتة، واكثرها يعاني من البطالة. الموت جوعاً. هذا ما يحدث كل يوم لاطفال الفقر. ففي العام الحالي قضى الجوع على 11 مليون طفل دون سن الخامسة، بمعدل 30 الف طفل في اليوم الواحد. اي كل ثلاث ثواني يموت طفل بسبب الجوع، في الوقت الذي يعاني فيه اطفال العالم المتحضر من التخمة. وهناك اكثر من نصف بليون طفل يعيشون بمبلغ دولار واحد يومياً، وهناك اكثر من مئة مليون طفل لا يذهبون ابداً الى المدرسة. وفي افريقيا الغربية وحدها يعاني اكثر من 35 في المئة من الاطفال دون سن الخامسة من سوء التغذية وفقر الدم. ولم يساعد تطبيق العولمة كل البلدان على تحسين اقتصادها، خصوصاً تلك التي تعتمد على الايدي العاملة في انتاجها. وحفاظاً منها على مركزها في سوق الاستهلاك لم يكن امامها سوى التوفير في كلفة اليد العاملة، اذاً استخدام الاطفال بأجر قليل. وفعلاً فان كبريات الشركات المتعددة الجنسية والتي تنتج وتوزع الموز والكاكاو مثلاً تستخدم الاطفال في القطاف. وهناك آلاف الاطفال يعملون في قطاف وتجفيف اوراق التنباك التبغ. هذه الايدي العاملة الرخيصة التي تعمل احياناً اكثر من 12 ساعة يومياً نجدها في مختلف البلدان، حتى في مزارع الولاياتالمتحدة، كما نجدها في المصانع وفي قطاع الخدمات. ومن اجل العمل وتجارة الجسد، يتم سنوياً اختطاف او شراء آلاف الاطفال في افريقيا وبيعهم. ونجد في العالم الغني والفقير حوالي مليونين ونصف المليون من الاطفال العمال، اضافة الى 11.5 مليون مراهق يعملون في الزراعة واعمال البناء ومصانع النسيج وغيرها، من بينهم نحو 120 الفاً في اميركا و200 الف في اسبانيا و400 الف في ايطاليا واكثر من مليونين في بريطانيا. وكل عام يقع حوالي 700 ألف طفل ضحايا تجارة الايدي العاملة والاستغلال الجنسي. وفي البلدان التي تعاني من حروب ونزاعات مسلحة يتم تجنيد الاطفال. فمع ابتكار اسلحة جديدة وخفيفة وسهلة الاستعمال اصبح تجنيد الصغار امراً سهلاً فهم لا يحتاجون الى فترة تدريب طويلة، وهكذا تم تجنيد اكثر من نصف مليون طفل ما دون الثانية عشرة في حوالي 85 بلداً في شتى انحاء العالم وكل يوم يشارك ما يزيد عن 300 ألف طفل في القتال. وتقوم اكثر الجماعات المسلحة بخطف الذكور لتجنيدهم بالقوة وتدريبهم على القيام باعمال عنف وتعذيب. كما يوجد عدد كبير من الفتيات المجندات خصوصاً في افريقيا وطبعاً عليهن القيام بأعمال اخرى اضافة الى القتال، كالاهتمام براحة المقاتلين خصوصاً القادة منهم. من هذه الصورة البائسة يبقى القليل للفتيات الصغيرات. فبسبب انهن فتيات يوجد حوالي 60 مليون فتاة امية من اصل مئة مليون امي بين الصغار في العالم. وهناك 90 في المئة من نسبة الخدم في العالم من الفتيات، بين 12 - 17 سنة من العمر