عندما تصدى منظمو "المنتدى الاقتصادي العالمي" بقوة، منذ مطلع العقد الماضي، لمناقشة مسألة العولمة كانوا يعتقدون بأن دورهم هو توجيه العالم عبر مئات الندوات التي تعقد كل سنة في منتجع دافوس السويسري ويحضرها عاماً بعد عام الرؤساء التنفيذيون لأكبر ألف شركة في العالم وكبار صناع القرار في الساحة السياسية الدولية. إلا أن الانغماس في الجدل الدائر حول العولمة ترك مضاعفاته على المنتدى، بقدر ما خلّف بصماته الصاخبة والعنيفة من قبل في سياتل وبراغ ونيس وغيرها من أماكن عقد المؤتمرات الدولية التي يتطرق المشاركون فيها الى العولمة والانفتاح الاقتصادي العالمي. وفرضت قوات الشرطة والجيش والميليشيا المحلية في دافوس اجراءات أمنية مشددة، ونصبت حواجز تولت التدقيق في هويات القادمين الى البلدة الجبلية، التي لم تعتد اجراءات من هذا القبيل منذ بدء تنظيم المنتدى السنوي عام 1970. وكانت مواجهات جرت العام الماضي بين المتظاهرين وقوات الأمن في دافوس أتاحت للمتظاهرين تخريب أجواء المنتدى نظراً الى ارتفاع عددهم، الأمر الذي دفع قوات الأمن السويسرية هذه المرة الى تنظيم أوسع عملية أمنية تشهدها البلاد منذ 20 عاماً واستقدام أعداد كبيرة من الجنود المحترفين ورجال الأمن لمواجهة أي أحداث عنف. وأعدت السلطات السويسرية لائحة باسماء 300 مناهض للعولمة، يعتبرون من المتشددين المعتادين إثارة أعمال الشغب. وحظر دخول هؤلاء الأشخاص الذين اعتبروا "أشخاصاً غير مرغوب فيهم" الى سويسرا. وسعت حواجز الجيش والشرطة في محيط دافوس الى التحقق من عدم تسربهم عبر الطرق البرية الى البلدة التي يقطنها 12.5 ألف نسمة، في حين كلفت طائرات هليكوبتر تابعة للجيش القيام بأعمال دورية ليل نهار لرصد مناطق الجبال المحيطة بالبلدة تحسباً لتسلل أي من هؤلاء المتشددين عبر الغابات الكثيفة. وبلغ من حدة الشعور بالتوتر ان وزارة الخارجية الأميركية نصحت رعاياها بعدم التوجه الى دافوس، واعتبرتها خطرة، على قدم المساواة مع مناطق المواجهات الساخنة في العالم. وركز منظمو المنتدى في صورة خاصة على قضايا التنمية وارتباط التطور الاجتماعي والاقتصادي بالتحديات التي تفرضها العولمة واستشراء تكنولوجيا المعلومات التي غيرت وجه الحياة اليومية للانسان، في وقت لا يزال ثلاثة بلايين شخص يفتقدون الى خدمة الهاتف. وكانت مصر والأدن وقطر والسعودية صاحبة أكبر حضور عربي في هذا المنتدى، الذي شهد سخونة مفاجئة في اجوائه منذ طرحت فكرة انضمام ايهود باراك الى لقاء يجمع بين الرئيس ياسر عرفات ووزير التعاون الاقليمي الاسرائيلي شمعون بيريز.