استغل الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة العطلة الصيفية لاحداث سلسلة من التغييرات، مست حتى الآن قطاعي العدالة والتعليم العالي وسلك الولاة، في انتظار أن تشمل قريباً السلك الديبلوماسي وحكومة بن بيتور التي تتوقع أوساط سياسية ان "يجدد" الرئيس ثلث أعضائها. وإذا كانت حركة التغيير تبدو مهمة من حيث عدد الأشخاص الذين تم نقلهم من منصب الى آخر، فانها ليست كذلك من حيث التجديد الفعلي، باستثناء سلك الولاة الذي عرف هزتين خلال سنة واحدة. ويحاول الرئيس بوتفليقة من خلال هذه التغييرات المتتالية - الثانوية في جوهرها - ان يحقق أشياء ثلاثة على الأقل هي: 1- ممارسة صلاحياته في التعيين، تلك الصلاحيات التي وزعت في السابق - بالتفويض - على مراكز قوى من بينها رئاسة الحكومة. 2- زرع بعض رجاله في مختلف الدوائر التنفيذية، بأمل استعادة التحكم في شؤون التسيير التي كانت تبدو الى عهد قريب وكأنها قد أفلتت من قبضة رئاسة الجمهورية. 3- "التدريب على التغيير" استعداداً لتغييرات أعمق، علماً أن الانظار معلقة على المؤسسة العسكرية كمؤشر "للتغيير الحقيقي" في نظر الرأي العام. يذكر أن غالبية هؤلاء تعاني منذ منتصف الثمانينات اختلالاً خطيراً يتمثل في انهيار العلاقة بين الأسعار الطليقة والأجور الحبيسة، وازداد هذا الاختلال عمقاً وخطورة منذ مطلع التسعينات في اطار التحول الجاري نحو اقتصاد السوق. ويرجع ذوو الاختصاص الى هذا الاختلال ما يعيشه الواقع الجزائري من الفساد والرشوة وهي ظاهرة مستفحلة أصبحت بمثابة "العصيان المدني" الذي ينبغي معالجته بالأولوية. ويضاعف من حدة هذه الظاهرة ووقعها في الوقت نفسه، تزايد عدد "أثرياء المضاربة والاحتكار واستغلال النفوذ". وقد أصبح لهؤلاء رجالهم أيضاً في بعض المواقع الاستراتيجية، يستميتون في الدفاع عنهم تصدياً لأي مشروع تغيير جدي.