اتخذت القيادة الروسية من 700 شرطي شيشاني معارض، يقودهم بيسلان غانتاميروف محافظ غروزني السابق، "دليلاً" لها في متاهة الدفاعات الاسلامية المتشعبة. وباتت كتيبة غانتاميروف هذه فصيلة "فدائية"، إذ لم يبق أمامها سوى النصر أو الموت. فقد قضت المحكمة الشرعية الشيشانية على أعضائها بالإعدام وقيمت رأس الواحد من أولئك الشرطة، حسب الصحف الروسية، بمبلغ يراوح بين 10 و100 ألف دولار. وكانت القيادة الروسية أرجأت احتلال غروزني خوفاً من الخسائر، ثم حاولت الإيحاء بأنها تقوم بتمشيط المدينة وتطهيرها من الاسلاميين، وان معركة غروزني لم تعد تشغلها استراتيجياً، لأن القوات الروسية تخطتها الى الجبال الجنوبية من زمان، لا سيما ان أبرز القادة الميدانيين، حسب الاعلام الروسي، غادروها هم ايضاً لتوجيه المعركة في الجبال. ويعتبر الروس هذه المعركة المرحلة النهائية من حرب الشيشان. فإذا تمكنت قوات الجنرال فلاديمير شامانوف التي احتلت موقع دبي - يورت في شعاب أرغون وقطعت الطرق المؤدية الى الجبال جنوب غروزني ان تعبر المنطقة الجبلية وتلتقي القوات الحدودية الروسية على حدود جورجيا فإن الحرب تعتبر منتهية. ويؤكد بعض المحللين الروس ان الاسلاميين، في حال انتهاء الحرب على هذه الصورة، لن يتمكنوا من اللجوء الى جورجيا بأعداد كبيرة. ومعروف ان الاسلاميين حافظوا على قواتهم بالانسحاب من معظم الأراضي الشيشانية. ويبدو ان الروس ايضاً كانوا يطبقون تكتيك "طرد" الاسلاميين وليس إبادتهم. وعلى رغم ان الاحصاءات الرسمية للخسائر تعتمد نسبة واحد الى عشرة وتدعي ان عدد القتلى بين الاسلاميين أربعة آلاف و500 بين الروس 400 قتيل ونيف فإن جميع القادة الميدانيين الاسلاميين أحياء يرزقون وتصل أصواتهم الى موسكو عبر التلفزيون. إلا أن جورجيا اتخذت تدابير متشددة حيال الاجانب، ما يعني ان الاسلاميين لن يجدوا أنفسهم في مأمن في هذه البلاد. وسربت الدوائر الأمنية الروسية معلومات تفيد ان مبعوثي شامل باسايف وصلوا الى باكو في محاولة للاتفاق مع القيادة الاذربيجانية لإيواء الاسلاميين في حال اضطرارهم الى مغادرة الشيشان. الا ان المحاولة أخفقت. وتفيد معلومات تلك الدوائر ان الاسلاميين يمكن ان يستخدموا الأراضي الأذربيجانية محطة موقتة في طريقهم الى آسيا الوسطى. وبعد ان يعبروا بحر قزوين وسيهاجمهم بالطبع الأسطول الحربي الروسي الموجود هناك يتوقفون للاستراحة في كازاخستان. وهذا الاحتمال وارد تماماً بسبب وجود جالية شيشانية متمكنة في هذه البلاد، على ان يواصل الاسلاميون طريقهم الى أوزبكستان. وقيل انهم اتفقوا قبل أكثر من شهر مع يولوداشيف، أحد زعماء الحركة الاسلامية الاوزبكية، على تمضية الشتاء في هذه الجمهورية. وفي هذه الحال تندلع الحرب من جديد صيف العام 2000، حيث يعود المجاهدون الاسلاميون الى الشيشان ويلقي أنصارهم المتبقون فيها معاولهم جانباً ويحملون السلاح.