هل بدأ العد العكسي لتراجع اليمين العنصري المتطرف في فرنسا؟ هذا السؤال يستأثر باهتمام واسع في الاوساط السياسية الفرنسية عشية الانتخابات الاوروبية التي ستتم في حزيران يونيو المقبل. ويأتي طرح السؤال حول مصير اليمين المتطرف المعادي للمهاجرين العرب والاجانب بعد الانشقاق الذي شهدته "الجبهة الوطنية" بين تيار يؤيد مؤسسها التاريخي جان ماري لوبن وتيار شبابي يقوده برونو فيغريه الرجل الثاني في "الجبهة"، وتنازع الفريقين حتى وقت قريب اسم "الجبهة" والادعاء بأحقية كل منهما في الافادة من المساعدات المالية المخصصة لها من الدولة الفرنسية التي تمنح الاحزاب الشرعية مبالغ متناسبة مع حجم الاصوات التي تحصل عليها في الانتخابات. غير ان احدى المحاكم الفرنسية اصدرت حكماً قاطعاً يقضي بأن ينحصر اسم الجبهة بالسيد جان ماري لوبن بوصفه قائدها ومؤسسها، ويتضمن الحكم ايضاً أن يستفيد لوبن من مالية "الجبهة" المجمّدة بسبب الانشقاق والبالغة حوالى 41 مليون فرنك فرنسي. وفي رده على الحكم ذكر برونو ميغريه ان تياره سيعمل مستقلاً وتحت يافطة جديدة ان اقتضى الامر، لكنه لفت الى انه قدم طعناً استند اليه وزير الداخلية جان بيار شوفينمان ووزير المالية دومينيك ستراوس - كان من اجل حجب الاموال المذكورة عن لوبن. وللمزيد من تثبيت مواقع الطرفين وتحسين صورتهما عمد ميغريه الى ضم احدى بنات لوبن الثلاث الى قيادة تياره ليثبت ان دفاع لوبن عن العائلة هزيل الى درجة ان اسرته الشخصية لا تؤيده. وفي المقابل عمد لوبن الى استدراج احد احفاد الجنرال شارل ديغول الى لائحته وراح يظهر معه في المناسبات الانتخابية. وعلى رغم هذه المناورات تظهر استطلاعات الرأي ان اياً من الفريقين لن يتمكن من استعادة النسبة الانتخابية التي حصل عليها اليمين المتطرف في رئاسيات العام 1995 والبالغة 5 في المئة من الاصوات مع ارجحية واضحة للوبن. ويرى المحللون ان مجرد هبوط اسهم التيار اليميني المتطرف مؤشر على بداية النهاية لانحداره وعودته الى الحيز الهامشي الذي كان يحتله قبل العام 1984 والذي لا يتجاوز الواحد في المئة من الاصوات.