اتخذ انشقاق الجبهة الوطنية الفرنسية اليمين المتطرّف الى تيارين أحدهما مؤيد للزعيم المؤسس جان ماري لوبن والثاني مؤيد لمعاونه برونو ميغريه، شكل المسرحية التي دُعي الصحافيون والمراسلون لمشاهدتها وتسجيل وقائعها. وفي وقت كان لوبن يترأس اجتماعا للموالين له من أعضاء المكتب السياسي في مقر الجبهة الوطنية في باريس لإقرار فصل ميغريه ومؤيديه من عضوية الجبهة، قرّرت مجموعة من هؤلاء القيام بعملية اقتحام اعلامية للمقر. فتوجهوا إليه برفقة حشد من الصحافيين ووكيل محلّف تولى التحقق من هوية كل منهم وتسجيلها في محضر رسمي. ثم انتقل الجميع الى مدخل المقر حيث كان في انتظارهم اثنان من المسؤولين عن الأمن في الجبهة منعاهم من دخوله، باعتبار أنه غير مرغوب فيهم. وتسلّم المقتحمون مذكرة تدعوهم للمثول في 23 كانون الاولديسمبر الحالي امام المكتب التنفيذي للجبهة لإتمام الاجراءات المتعلقة بفصلهم، فسارعوا للتعبير عن رفضهم لهذه الدعوة. وفيما كان الوكيل المحلّف يسجّل الوقائع التي تكرّس القطيعة بين من هم داخل المقرّ ومن هم خارجه، كان لوبن يحض المكتب السياسي على المضيّ "في ضرب رأس المؤامرة" و"احياء ديناميكية وفاء" داخل الجبهة. ومعروف ان العامل المفجّر لهذا الانشقاق في الجبهة الوطنية مردّه الى اصرار ميغريه على ترؤس لائحة مرشحي الجبهة للانتخابات الاوروبية في حين ان لوبن فضّل ان ترأس اللائحة زوجته جاني. وابدت الطبقة السياسية الفرنسية ارتياحا بالغا ازاء الصراع الدائر بين لوبن وميغريه على اساس انه يزيل عن كاهلها مهمة الحد من تنامي شعبية الجبهة الوطنية. وعبّر رئيس الحكومة الفرنسية الاشتراكي ليونيل جوسبان عن هذا الارتياح بالقول ان الصراع الدائر في صفوف الجبهة الوطنية "أمر جيّد لمصلحة الديمقراطية الفرنسية". والارتياح نفسه، أبداه المسؤولون في حزبي "التجمع من اجل الجمهورية" و"الاتحاد من اجل الديموقراطية الفرنسية" اليمين، خصوصا وأن النمو الذي سجلته الجبهة الوطنية، جاء على حساب الحزبين اللذين نجح اليمين المتطرّف في قضم اجزاء من قاعدتيهما الشعبيتين