سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الوسط" زارت مخيماتهم ورصدت مشكلاتهم ورد فعلهم على السياسة اللبنانية الجديدة تجاههم . الفلسطينيون في لبنان : غداً عائدون لكننا اليوم نريد العمل والعيش والكرامة !
لم تمض ساعات على إصدار الحكومة اللبنانية قراراً بالسماح للفلسطينيين بالسفر إلى الخارج أو العودة إلى لبنان، بعد سنوات من إلزامهم الحصول على تأشيرة مسبقة نتيجة لإبعاد الفلسطينيين من ليبيا، حتى سارع سكان المخيمات الفلسطينية إلى ابداء ارتياحهم للخطوة التي أقدمت عليها حكومة الرئيس سليم الحص بمعاملة حملة وثائق السفر الفلسطينية كحملة جوازات السفر اللبنانية. ومع أن قراراً من هذا النوع اتخذ بحقهم في السابق وتسبب في تشتيت آلاف العائلات الفلسطينية وحال دون اجتماعها تحت سقف واحد جديد بالمقارنة مع تاريخ الوجود الفلسطيني في لبنان ومشاكله، إلا أن الفلسطينيين لم يخفوا تمنياتهم وأملهم بأن يلجأ العهد الجديد إلى اتخاذ قرارات تبطل مفعول قرارات سابقة حظرت على الفلسطينيين ممارسة 80 مهنة، منها الطب والمحاماة والهندسة والتعليم وغير ذلك حتى لو كان أصحابها من حملة أهم الشهادات. ويدعو معظم الذين تحدثت إليهم "الوسط" في المخيمات التي تجولت فيها إلى معاملة الفلسطيني كنظيره في دول عربية مثل سورية والأردن، ويقولون إن ذلك لن يمنع الفلسطينيين من العمل بشكل جاد للعودة إلى بلادهم. وتكفي زيارة لمخيمات الفلسطينيين التي تتراوح تقديرات عدد سكانها بين ثلاثمئة ألف وأكثر من نصف مليون بقليل، تبعاً للجهة التي تشرف على اعطاء الأرقام وتوجهاتها، لاعطاء صورة شاملة لمعاناة بقية المخيمات ومشاكلها الصحية والاجتماعية التي أخذت صوراً جديدة مع بروز ظواهر مثل انتشار أمراض خطيرة كمرض التلاسيما أو حتى تسجيل اصابات بمرض نقص المناعة الايدز أو تزايد حالات الطلاق. وإذا كانت مخيمات جنوبلبنان، خصوصاً مخيمات برج الشمالي والرشيدية والبص وعين الحلوة، تخضع لمراقبة دائمة من قبل وحدات من الجيش اللبناني تتمركز على مداخلها، وتمنع دخول مواد البناء إليها، إلا أن ما تشهده هذه المخيمات من عمران أدى إلى تشييد مبان يتراوح معدل ارتفاعها بين طبقتين وثلاث طبقات، مما أثار السؤال عن جدوى هذه الاجراءات، في وقت يجمع فيه معظم سكان المخيمات، بل غالبيتهم الساحقة، على أن عهد "الدولة داخل الدولة" قد ولى، وان للدولة اللبنانية حق التصرف في أراضيها. يقول عبد مقدح، أمين سر اللجان الشعبية في مخيمات صيدا وجنوبلبنان، إن أهم المشاكل التي تواجهها مخيمات الجنوب بشكل عام، والرشيدية والبرج الشمالي بشكل خاص، الأوضاع الاقتصادية الصعبة وشبه الحصار المضروب على هذه المخيمات الذي يزيد البطالة التي تصل نسبتها في بعض الأحيان إلى أكثر من 80 في المئة. واعتبر ان إعادة النظر في اجراءات السفر المتعلقة بالفلسطينيين بادرة تسجل للعهد الجديد "إذ اعطت الأمل لشعبنا في المخيمات بإمكان إعادة النظر في قوانين العمل التي تحظر عمل الفلسطينيين المقيمين في لبنان". ورفض ما يتردد عن تحول المخيمات الى "سلطة داخل السلطة". وقال: "نحن جزء من السلطة التابعة للدولة اللبنانية، وهي لها حق دخول مخيماتنا ساعة تشاء. والواقع ان قوى الأمن الداخلي تدخل المخيم يومياً وتبلغ المطلوبين في قضايا أمنية وغير أمنية". وأوضح ان اللجان الشعبية تتعاون مع الدولة وأجهزتها المختلفة. وقدر عدد المطلوبين الذين سلمتهم اللجنة الشعبية في مخيم عين الحلوة للدولة بأكثر من 70 شخصاً. وشدد على رفض وجود "جزر أمنية" في لبنان. ولفت إلى الواقع الاجتماعي والمأسوي، قائلاً: "إن السلاح الفلسطيني في لبنان تحت تصرف الجيشين اللبناني والسوري". وعن الاتصالات الجارية للسماح بإدخال مواد البناء إلى المخيمات الفلسطينية، قال عبد مقدح إن الاتصالات السياسية تستهدف حل هذا الموضوع "لأنه لا يجوز تحت شعار التوطين أو اتفاق أوسلو أن تحاصر مخيماتنا من هناك وهناك". واعتبر ان بعض السياسيين اللبنانيين يتعاطون بايجابية وموضوعية، وأعرب عن أمله في أن يعطي العهد الجديد الفلسطينيين ما حرمتهم منه عهود سابقة. وينفي أمين سر اللجان الشعبية في مخيمات الجنوب أن يكون مخيم عين الحلوة تحول ملجأ للمطلوبين، وقال: سلمنا عشرات المطلوبين وأبو محجن ليس موجوداً في المخيم وكل أجهزة الدولة اللبنانية تعرف ذلك. لا يوجد متطرفون في مخيم عين الحلوة، بل هناك فصائل وتنظيمات إسلامية ووطنية ولجان وهيئات تلتقي على مبدأ واحد هو عدم المساس بالأمن الداخلي اللبناني ونتعاون مع كل مؤسساتها بانفتاح. وذكر ان الحوادث التي شهدتها منطقة صيدا أخيراً حدت بالفلسطينيين في المخيم إلى إعلان تعاونهم غير المحدود مع الدولة للكشف عن مدبري الحوادث الأمنية، و"بالفعل ثبت أن متعاونين مع إسرائيل هم وراء ما حصل". وعزا مقدح التناحر وعمليات الاغتيال والاقتتال الداخلي التي شهدها مخيم عين الحلوة في الماضي إلى خلافات بين حركة "فتح" وتنظيم "المجلس الثوري". وقال إن المخيم تجاوز مرحلة الاغتيالات والمواجهات في المرحلة الحاضرة بعدما لعبت اللجان الشعبية دوراً أساسياً في اقناع كل الفصائل والفعاليات الوطنية ولجان الاحياء في المخيم بتجريم الاقتتال الفلسطيني مهما كلف الثمن. واعترف بأن الصراع السياسي مستمر، "لكن أمن المخيمات واستقرارها ومعالجة مشاكلها تحظى باتفاق كل الأطراف ودعمها". وذكر احد وجهاء مخيم عين الحلوة ان عدد سكان المخيم الاصليين، بمن فيهم الموجودون في الخارج، يصل الى 70 ألف نسمة، يضاف اليهم ما يراوح بين 20 و30 ألفاً لجأوا الى المخيم من أماكن أخرى بفعل الظروف الماضية وما شهدته المخيمات من محن وعمليات تهجير. وأشار مقدح إلى ما يتردد عن ظواهر غريبة على طبيعة المخيمات الفلسطينية كالمخدرات والطلاق، وخلص الى انه "كلام حق يُراد به باطل". واوضح ان بعض الذين أتوا الى المخيمات عُرف عنهم بعض هذه الظواهر، اما ابناء عائلات المخيم فهم معروفون، وهناك من الضوابط والروادع الاخلاقية والعائلية ما يمنعهم عن ذلك. واشار الى ان الهيئات المسؤولة في عين الحلوة تنبذ تلك الظواهر تماماً، وقال ان من يثبت عليه الاتجار بالمخدرات او تعاطيها سيتم تسليمه الى أجهزة الدولة اللبنانية. اما ظاهرة الطلاق فقال انها ظاهرة عامة ولا تقتصر على المخيمات. وكشف احد اعضاء اللجنة الشعبية في مخيم عين الحلوة عن تسليم الدولة اللبنانية مطلوبين من مناطق لبنانية مثل بعلبك وغيرها، لجأوا الى المخيم. وتعتبر مشاكل المخيمات في ما يتعلق بالخدمات المختلفة متشابهة الى حد كبير. ولعل حصة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا هي الابرز في مجال الانتقادات التي يطلقها ابناء المخيمات. ويقول محمود الحاج احد النشطاء في مخيم برج الشمالي ان وكالة الغوث المسؤولة عن احوال الفلسطينيين الصحية والاجتماعية والتعليمية، لا تفي بتقديم الخدمات التي تعهدت بتقديمها. فعلى صعيد القضايا الصحية يعاني الفلسطينيون من متاعب كبيرة، فعملية القلب المفتوح تكلف حوالي 8 آلاف دولار لا تغطي "أونروا" منها سوى 1800 دولار، وعلى المريض تأمين بقية المبلغ، الامر الذي يدفع معظم المرضى لترك اقدارهم بيد رب العالمين. وفي مجال التعليم يجمع معظم الذين تحدثت اليهم "الوسط" في المخيمات الفلسطينية على الحاجة الماسة لتشييد ابنية مدرسية جديدة لاستيعاب الطلاب الجدد والحد من مشكلة الصفوف المكتظة، التي يبلغ عدد الطلاب في كل منها حوالي 40 طالباً على الاقل، إضافة الى ان المدارس تدرّس دفعتين من الطلاب الامر الذي يعني ان الطلاب يتلقون قدراً اقل من العلم ينعكس سلباً على مستواهم التعليمي. ويوجد في مخيم عين الحلوة 7 مدارس بينها ثانوية واحدة، كما ان تقديم المواد القرطاسية للطلاب توقف منذ فترة، فيما لم تحل مشكلة عدم توفير الكتب بشكل كامل للطلاب. وقال حسن حمزة ان بعض سكان المخيمات لا يتوافر لديه حتى ثمن شراء الخبز. اما محمود الحاج فقال عن صلة سكان المخيمات في لبنان بنظرائهم في قطاع غزةوالضفة الغربية: "نحن شعب واحد، ونرفض كل انواع التجزئة. والحديث عن فلسطينيي 1948 و1967 و1956 وغير ذلك من تواريخ لا يمنع القول ان لدينا الطموحات والآمال نفسها في بناء دولة مستقلة". واتهم خليل علي السلطة الفلسطينية بانها "تخلت عن جزء اساسي وفاعل من شعبها تولى الدفاع عن الثورة وحمايتها وتقديم الشهداء بلا حساب من اجل تحقيق اهدافها". وقال ان ثورة غير قادرة على احترام شهدائها ومعاملة أسرهم وعيالهم الذين تركوا لمصارعة الحياة أمر لا يسعد الكثيرين، واشار الى ان ما يحصل عليه ذوو الشهداء والمعتقلين من مساعدات او مخصصات شهرية لا يكاد يكفي طعام بضعة ايام، نظراً الى انخفاض الرواتب التي تتراوح بين 30 دولاراً و70 دولاراً شهرياً. واشار الى ان عدم قيام الفصائل الفلسطينية باعادة تأهيل العناصر الذين قضوا زهرة شبابهم في العمل داخل صفوفها من اجل العودة الى الحياة المدنية أمر مخز، واوضح ان توافر برامج التأهيل لسكان الاراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، يعني ان كل ما قدمه سكان المخيمات اللبنانية لا يستحق الحصول على أي من البرامج التي مولتها الدول المانحة والمنظمات الدولية لإعادة تأهيل الذين قضوا فترات طويلة في سجون الاحتلال. ابو العينين يرد ولا يوافق سلطان ابو العينين أمين سر اقليم حركة فتح في لبنان والمقيم في مخيم الرشيدية الواقع على مسافة غير بعيدة عن الحدود الاسرائيلية - اللبنانية، على الاتهامات التي توجه الى السلطة الفلسطينية وتتهمها بتجاهل نضالات سكان المخيمات اللبنانية. وقال إن عدد الذين يتلقون المخصصات الشهرية من اسر الشهداء والجرحى والمعاقين يصل الى 17 الفاً. وتابع "ان القول بأن اتفاق اوسلو لم يتطرق من بعيد ولا من قريب لمستقبل اللاجئين غير صحيح على الاطلاق، بدليل ان امر مناقشة قضية اللاجئين ترك الى مفاوضات المرحلة النهائية التي ستناقش فيها القضايا الشائكة كقضية القدس والمستوطنات والممرات الآمنة". ولفت الى المشاكل التي تعانيها المخيمات الفلسطينية وتحديداً الواقعة منها جنوب نهر الليطاني، وقال انها تخضع لحصار يمنع فيه الفلسطينيون من ادخال اي شيء له علاقة بالبناء والعمار. واوضح ان الازدحام السكاني في هذه المخيمات ينذر بالانفجار ويتسبّب في مشاكل اجتماعية واقتصادية وصحية وانسانية كبيرة. وقال: "ان النسبة الكبيرة من ابناء هذه المخيمات دون الثلاثين من اعمارهم، ولعل الحؤول دون السماح لهم بادخال مواد البناء يعني منع نسبة كبيرة من هذه الفئة من الزواج لعدم وجود مسكن يؤويها". وقال ان اللفتة التي اطلّ بها عهد الرئيس لحود وحكومة الرئيس الحص بالسماح لحوالي 30 ألف فلسطيني بالعودة الى لبنان وزيارة ذويهم من خلال معاملة وثيقة السفر الفلسطينية كجواز السفر اللبناني "لفتة تستحق الشكر والتقدير". واشار الى ان الفلسطينيين في لبنان يرفضون توطينهم، وأردف: "ان للسلطات اللبنانية الحق في فرض سيطرتها على كل أراضيها وان اللجان الشعبية في المخيمات الفلسطينية تساعدها بكل ما يلزم ويضمن تطبيق القانون بحذافيره". وعن مبرر وجود السلاح بين ايدي سكان المخيمات الفلسطينية في لبنان وتحديداً تنظيم فتح بزعامة عرفات، قال ان ما لدينا من سلاح وهو ضئيل جداً "بتصرف الدولة اللبنانية". واشار ابو العينين الى ان المخيمات الواقعة في جنوبلبنان لا تزال تخشى تهديدات اسرائيل التي تحتل جزءاً من الجنوب، وبالتالي فإن الظروف التي تستوجب التخلي عن هذا السلاح لا تسمح بذلك، بانتظار زوال الاحتلال الاسرائيلي عن جزء عزيز من جنوبلبنان. ويؤكد ان ظروفاً مختلفة لعبت دوراً كبيراً في عدم انتقال عناصر من تنظيم فتح في لبنان الى المناطق الخاضعة للسلطة الوطنية. وأشار الى أنه على اتصال بكل القوى الفاعلة في لبنان، واوضح ان هذه الاتصالات تتطرق الى الهموم المشتركة. ويذكر محمد زيد المسؤول في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان عدداً من الظواهر السلبية في تجمعات الفلسطينيين في لبنان وتتمثل بازدياد نسبة البطالة الناجمة عن قوانين حظر العمل على الفلسطينيين خارج المخيمات. واعتبر ان ظاهرة الهجرة من المخيمات نتيجة حالة التيئيس فيها وهي سياسة متعمدة من قبل اكثر من جهة لابعاد الشباب الفلسطيني عن اماكن تواجده من على مقربة من أرضه. وقال ان انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات في المخيمات ناجمة عن حالة الضياع التي يعيشها الشباب الفلسطيني وهي ظاهرة عامة، بل عبارة عن حالات مبعثرة تعمل المؤسسات الصحية واللجان الشعبية على ضبطها. ويعزو محمد زيد تدهور الوضع الاجتماعي والصحي في المخيمات الى تقليص الانروا خدماتها وعدم توافر الأموال اللازمة للمؤسسات الأهلية الفلسطينية ولمؤسسات منظمة التحرير. ويقول زيد عن ظاهرة المخدرات، بأنها مشكلة عالمية ولا تقتصر على مجتمع معين من المجتمعات، ولكن في المجتمع اللبناني والفلسطيني في لبنان يعتبر تعاطي المخدرات من نتائج الحرب اللبنانية ومن حالة الفراغ التي يعانيها الشباب والفلتان الذي ساد المخيمات في العقدين الماضيين، وزاد من خطورتها وتفشيها عدم وجود وعي كاف لدى الناس وحب البعض للمغامرة وعدم وجود هدف سام امام الشباب والاحباط الذي اصابهم بعد رحيل المقاتلين الفلسطينيين في لبنان. وقد خفت ظاهرة تعاطي المخدرات في المخيمات اخيراً، بفعل سفر الكثير من العناصر الشابة الى أوروبا، الأمر الذي يعني انتفاء هذه الظاهرة التي ساعد على انتشارها توافر المواد المخدرة امام الكثيرين ورخص اسعارها نسبياً. أما ظاهرة مرض نقص المناعة "الايدز"، فقد بدأت تبرز حديثاً، وذلك بفعل وجود جالية فلسطينية كبيرة في الغرب. وقال زيد ان وجود ضوابط دينية واجتماعية لدى الفلسطينيين من سكان المخيمات حماها من ظواهر من هذا النوع اضافة الى عامل الخوف. وقال مسؤول صحي فلسطيني انه تم احصاء حالات قليلة لكن مسؤولاً صحياً فلسطينياً فضل عدم ذكر اسمه أكد ان هناك حالات إيدز غير معلنة او غير مكتشفة، وقال ان العدد الحقيقي للمصابين ثلاثة أضعاف المعلن، وان المصابين به هم من الذين سافروا الى الغرب حيث أقاموا سنوات عدة. او من الذين مارسوا الجنس مع مصابين. ويقول باحث اجتماعي فلسطيني ان ظاهرة مثل الطلاق في المخيمات ناجمة عن التفسخ الاجتماعي وسوء الوضع الاقتصادي والمعيشي بعدما اصبحت المخيمات مضغوطة كعلب السردين. وقال ان اغلب الذين تزوجوا من شركاء لهم في الخارج على أمل الابتعاد عن مخيماتهم اكتشفوا وجود هوة كبيرة في اسلوب الحياة الجديد يختلف بشكل كبير عن الأسلوب الذي اعتادوا عليه. وتتشابه مخيمات مثل مخيمي برج البراجنة وشاتيلا مع نظيراتها من المخيمات باكتظاظ السكان، فالمخيم الذي كان يستوعب 5 آلاف نسمة يقطنه 17 الف نسمة في ظل مساحة لم تزد عن مساحتها الاصلية. فالعائلة الواحدة، تفرع منها أربع عائلات على الأقل يبلغ معدل الولادات لدى كل منها بين 5 و7 أطفال. يعيش معظمهم في مساحة البيت نفسه. كارثة عمرانية ومن يتجول في أزقة مخيم مثل شاتيلا، يلاحظ الدور الذي لعبه سماسرة البناء في تشييد ابنية من طبقات عدة لا تتمتع بالمواصفات المطلوبة من اجل حل مشكلة السكن ولو كان ذلك على حساب سلامة اصحاب المبنى او المستأجرين. ويقول خبير بناء "ان معظم هذه الأبنية يفتقر الى وجود اساسات قوية الأمر الذي ينذر بكارثة بشرية في حال تعرضت المنطقة لهزة ارضية بسيطة. ويؤدي مثل هذا الاكتظاظ حسب احد الاطباء الى حصول أمراض اجتماعية وصحية تتراوح بين انتشار الأوبئة مثل السل والأمراض الجلدية، كما سجلت ظهور حالات كوليرا في السنوات الاخيرة لم تسجل في السابق عندما كانت فرص تعرض المنازل لأشعة الشمس وأكثر والاهتمام الطبي بسكان المخيمات أفضل. وفي شمال لبنان يبلغ عدد الفلسطينيين حوالي مئة الف نسمة من بينهم 30 الفاً في مخيم البداوي و15 الفاً في مخيم نهر البارد في حين يعيش الباقون في طرابلس وعكار والقرى التابعة لهما. وقد امتد مخيم نهر البارد الى المحيط بعد شراء سكانه أراضي قرب حدود المخيم. ويعتبر مخيم نهر البارد المركز الاقتصادي الأول بعد مدينة طرابلس. يقول غازي حسن علي المعروف بأبو حسن مسؤول منظمة الصاعقة في المخيمات الواقعة في بيروت ان حالة سكان المخيمات هي ادنى مقومات الحياة عادية للبشر، لا على الصعيد الاجتماعي ولا الصحي ولا التعليمي. ويوضح ان وكالة الغوث تنتهج سياسة الحد من خدماتها لسكان المخيمات، ولم تنجح في التوصل الى اتفاق معها الى حل وسط على رغم الاحتجاجات التي تقوم بها اللجان الشعبية في المخيمات. وقال ان الاونروا تعيش اليوم أضعف مراحل وجودها، فالفلسطيني يموت في لبنان من دون ان يجد من يدخله المستشفى. وأشار الى ان استشراء الفساد في وكالة الغوث مستمر على رغم تشكيل لجان للتحقيق. وأشار الى ان الموظف العربي الذي يخطئ يتخذ بحقه اجراء على الفور، على عكس الموظف الاجنبي. ويلخص المشاكل التي يواجهها الفلسطينيون في لبنان بعدم وجود مرجعية تتولى حل مشاكلهم او مراجعة المعنيين بحلها. ويقول ان العهد الجديد في ظل قيادة الرئيس إميل لحود وما يعرف عنه كشخص "ابن أسرة صاحبه تاريخ وطني يولد القناعة لدينا بأن وضعنا سيشهد تحسناً، ولعل التوافق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الدكتور سليم الحص في مجالات كثيرة سيجعل التعاطي مع جميع الملفات المعقدة في السابق يتم بصورة أسهل وشفافية تعود بالنفع على لبنان كوطن وعلى الفلسطينيين وغيرهم كمقيمين ومغتربين"