هيمنت تطورات الأزمة بين العراق ومجلس الأمن على جولة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان في منطقة المغرب العربي بهدف التوسط في حل نزاع الصحراء الغربية، لتضطره في نهاية المطاف الى قطع الجولة عندما كان يهم بمغادرة مدينة مراكش باتجاه مقر جبهة بوليساريو في تندوف في الأراضي الجزائرية. وبمغادرة انان الى نيويورك، بقي ملف الأزمة القديمة معلقاً يراوح في المربع الأول بانتظار فرصة أخرى. ولم تخل الجولة، التي اقتصرت على موريتانيا والمغرب والاقاليم الصحراوية المتنازع عليها، من تحفظات الجانب المغربي، فقد تردد أن السلطات المغربية تمنت على انان أن لا يعقد مؤتمراً صحافياً في العيون، كبرى مدن الصحراء، لأنه بذلك يجعل من المغرب محطتين بدل محطة واحدة، لكنها حين عادت وقبلت بانعقاد المؤتمر طلبت نقله من مقر بعثة الأممالمتحدة في الصحراء مينورسو الى فندق بلادور، أي في مكان يخضع للسيادة المغربية. والواقع ان المغرب الذي يدعم أحقيته في الصحراء بقرار سابق لمحكمة العدل الدولية، حرص، من خلال العديد من المظاهر، على اقناع انان بأن تمسكه باجراء استفتاء تقرير المصير ليس سوى رغبة منه لاضفاء الشرعية الدولية على هذا الحق. فعدا عن الاستقبال الحاشد الذي شارك فيه الآلاف من الصحراويين، أعدت للأمين العام لقاءات مكثفة مع شيوخ القبائل وممثلي السكان وكبار المسؤولين في الدولة ورئيسي مجلسي النواب والمستشارين والفرقة البرلمانية، قبل أن يعرض على الملك الحسن الثاني اقتراحاته لاخراج نزاع الصحراء الغربية من مأزقه الحالي، وهو ما لم يحدث من قبل مع أي من الأمناء العامين السابقين. وكان انان توقع اجراء الاستفتاء في كانون الأول ديسمبر 1999، وقال اذا تحقق تقدم في تطبيق خطة التسوية يسمح بإعادة اللاجئين الصحراويين، يمكن للفترة الانتقالية ان تبدأ مع حلول حزيران يونيو أو تموز يوليو من ذلك العام وبعدها يجري الاستفتاء"، إلا أن العودة المفاجئة للأمين العام، تجعل من الصعب التحكم في هذه المواعيد، وبالتالي احتمال تأجيل الاستفتاء مرة أخرى. وقد أكد انان الصعوبات التي تكتنف مشكلة الصحراء مرجعاً الأمر الى "بعض التعقيدات والقناعات" لدى طرفي النزاع، ومشدداً على ضرورة تحليهما بالإرادة السياسية، لأن "الأممالمتحدة لا تستطيع فرض الإرادة اللازمة ولا الشجاعة لاتخاذ القرارات الصعبة ولا الوعي اللازم بين الأطراف بأن المصير المشترك يحتم صنع السلام الحقيقي".