عبر صحراويون يزورون الأقاليم المتنازع عليها بين المغرب وجبهة "بوليساريو"، عن الأمل في إنهاء المعاناة الانسانية والظروف المأسوية التي فرّقت أبناء الأسرة الواحدة. وحطّت في مطار العيون، كبرى المدن الصحراوية، طائرة تابعة للأمم المتحدة تقل نحو 20 صحراوياً غالبيتهم من الأطفال والنساء الآتين من تندوف، جنوب غربي الجزائر، في إطار خطة لمعاودة بناء الثقة أقرتها مفوضية اللاجئين. وأقلت طائرة أخرى صحراويين من العيون الى تندوف. وتمكن الصحراويون الآتون من تندوف يمثلون تسع عائلات من لقاء اقاربهم في مطار العيون. وسيقيمون في المدينة خمسة أيام قبل العودة الى الجزائر المجاورة. وكادت تصريحات أحدهم المؤيدة ل"بوليساريو" أن تسبب أزمة سياسية. وقالت مصادر مطلعة ان منسق السلطات المغربية مع بعثة "مينورسو" المحافظ حميد شبار قدّم احتجاجاً في هذا الصدد يستند الى التزام الطرفين عدم الإدلاء بأي تصريحات سياسية في المحافظات الواقعة تحت نفوذ المغرب وفي مخيمات تندوف، ومراعاة الطابع الانساني للزيارات. ومن المقرر ان تستمر وتيرة الزيارات ستة شهور على الأقل، إلا ان الموقف السياسي ازاء تطورات قضية الصحراء سيؤثر سلباً أو ايجاباً في استمرارها، خصوصاً في ضوء الموقف الذي يتخذه مجلس الأمن في نهاية أيار مايو المقبل. وقال مصدر في مفوضية اللاجئين ان الزيارات الحالية المتبادلة تجربة انسانية منفصلة عن البعد السياسي للنزاع. وفي حين تعوّل جبهة "بوليساريو" على الاختراق الانساني لإبراز ان المشكلة القائمة بينها وبين المغرب، يراهن المغاربة بدورهم على الاختراق ذاته لتأكيد ان مستقبل المحافظات الصحراوية مرتبط بالاندماج الكامل مع المغرب وان تبادل الزيارات بين أبناء الأسرة الواحدة دليل على ذلك. وقال مصدر في مفوضية اللاجئين ان عدد الراغبين في زيارة ذويهم في المحافظات الواقعة تحت نفوذ المغرب فاق عدد الراغبين في زيارة مخيمات تندوف. لكن مسؤولاً مغربياً رفيع المستوى صرّح الى "الحياة" أمس بأن آلاف الأشخاص المتحدرين من أصول صحراوية وضمنهم قياديون سابقون في "بوليساريو"، عادوا الى المغرب منذ اندلاع النزاع في 1975. وكانت جهود بناء الثقة تمهيداً لتنفيذ حل سياسي لقضية الصحراء بدأت منذ فترة عبر تسهيل الاتصالات الهاتفية بين الصحراويين في المغرب والجزائر. إلا أنها توقفت منذ حوالى ثمانية شهور قبل ان تُستأنف مطلع العام الجاري بطلب من مجلس الأمن ومفوضية اللاجئين. ويقول مسؤولون ان هناك قوائم بأسماء رعايا مغاربة من غير سكان المناطق المتنازع عليها يرغبون في زيارة ذويهم من الأسرى المعتقلين لدى بوليساريو، علماً ان الجبهة ما زالت تحتجز ما يزيد على 500 أسير. وزار وفد من مفوضية اللاجئين ذوي المحتجزين في مناطق عدة في المغرب. وتؤكد أ ف ب جبهة "بوليساريو" ان 165 الف صحراوي لجأوا الى المخيمات القريبة من تندوف، بينما يعتبر المغرب هؤلاء اللاجئين "محتجزين" ويقدر عددهم بنحو 65 الفاً. وفشلت كل المحاولات لتسوية هذا النزاع بعد اتفاق وقف النار المبرم في 1991 باشراف الاممالمتحدة وتعثر اجراء الاستفتاء على تقرير مصير الصحراء بسبب خلاف حول اللوائح الانتخابية لدى الطرفين.