جاء سباق الپ200 متر في فئتي الرجال والسيدات مثيراً ودراماتيكياً على حد سواء، ولئن أثار سباق الرجال عاصفة عند خط الانطلاق سقط ضحيتها البطل البريطاني الأولمبي لينفورد كريستي، فإن سباق السيدات أثار بدوره عاصفة عند خط الوصول سقطت ضحيتها العداءة الجامايكية مرلين اوتي، لكن كلا السباقين كرّس الكندي دونوفان بايلي والأميركية غايل ديفرز أسرع رجل وامرأة في العالم. حشد سباق الپ100 متر رجال افضل نجوم العالم لهذه المسافة وكانت تقديرات الخبراء تصب لمصلحة العداء الناميبي فرانكي فريديريكس الذي حقق نتائج مذهلة في جميع السباقات التي خاضها قبل اللقاء الأولمبي الى كونه ألحق بالعداء الأميركي مايكل جونسون هزيمته الأولى في سباق الپ200 متر على امتداد سنتين. اما نتائج لينفورد كريستي البطل الأولمبي في برشلونة 1992 وبطل العالم في شتوتغارت 1993 فقد كانت مخيبة للآمال ولم تكن نتائج دونوفان بايلي بطل العالم في غوتبورغ 1995 أفضل حالاً. وبعد العاصفة التي رافقت انطلاق السباق واقتلعت كريستي وحرمته من المشاركة بعد ارتكابه خطأين ما دفعه الى الاحتجاج والتمرد وتأخير الانطلاق حوالى سبع دقائق، فجّر بايلي مفاجأة قلبت كل التوقعات رأساً على عقب فأحرز اللقب الأولمبي وسجّل رقماً اولمبياً جديداً كما سجل في الوقت ذاته رقماً عالمياً مقداره 84.9 ثانية الرقم السابق للأميركي ليروي باريل 85.9 ثانية فأصاب ثلاثة عصافير بحجر واحد. والبطل الكندي 27 عاماً دخل مضمار ألعاب القوى متأخراً، ففي العام 1991 اثر لقاء أقيم في اوتا قرر بايلي ان يجرب حظه في هذا المجال مع انه كان يقبل على الحياة ويتردد على الحانات. وفي العام 1994 التحق بالمدرب دان بفاف في جامعة لويزيانا في الولاياتالمتحدة وبدأ حياته كلاعب محترف وفي السنة الأولى ظهرت نتائج التدريب الشاق فصار يركض الپ100 متر بپ03.10 ثانية بدلاً من 36.10 ثانية، وفي بداية الموسم الماضي سجّل 99.9 ثانية وفي بطولة كندا 91.9 ثانية، ثم فاز ببطولة العالم في غوتبرغ. والبطل لكندي فخور بأصله الجامايكي وقد محا بانجازاته العظيمة الصورة القاتمة التي تركها مواطنه بن جونسون الذي كان لفترة من الزمن مثله الأعلى في الرياضة، والذي جرّد لاحقاً من ألقابه وأرقامه القياسية لتناوله المنشطات. وتجدر الاشارة الى ان انتصار بايلي في سباق الپ100 متر في اتلانتا كان انتصاراً حسم بالعين المجردة ولم يكن بحاجة الى خدمات الكومبيوتر وآلات التصوير. اما سباق الپ100 متر سيدات فلم يكن أقل اثارة من سباق الرجال، وكانت نهايته دراماتيكية على غرار بداية السباق الآخر، وكان التنافس على أشده بين الجامايكية مرلين اوتي والأميركية غايل ديفرز حاملة اللقب الأولمبي في برشلونة 1994 واللقب العالمي في شتوتغارت 1993 والأميركية الأخرى غوين نورنس ابنة اتلانتا. وقد أعاد التاريخ نفسه مرة أخرى مكرراً ما حصل في شتوتغارت فعاشت البطلتان أوتي وديفرز لحظات من التوتر والقلق لأنهما عبرتا خط الوصول معاً بزمن مقداره 094.1 ثانية وكان من المتعذر على العين المجردة ان تحسم أيهما الفائزة باللقب الأولمبي. ثم اعلنت الأميركية ديفرز فائزة بعد مراجعة الصورة النهائية فوتوفينيش ولم تجدِ احتجاجات اوتي والوفد الجامايكي نفعاً، وباتت غايل ديفرز بطلة "الفوتو فينيش" العداءة الثانية في التاريخ التي تنجح في الدفاع عن لقبها الأولمبي في سباق الپ100 متر في دورتين متتاليتين، وقد سبقتها الى هذا الانجاز مواطنتها وايوميا ثيوز بطلة اولمبياد طوكيو 1964 وأولمبياد مكسيكو 1968. وبمقدار ما كانت فرحة ديفرز كبيرة بمقدار ما كانت خيبة أوتي مريرة لأنها كانت تنوي ان تتوج حياتها الرياضية بلقب أولمبي واتلانتا هي فرصتها الأخيرة على اعتبار انها في السادسة والثلاثين. ومن المصادفات السعيدة ان ذهبية ديفرز جاءت في أعقاب فوز خطيبها كيني هاريسون بذهبية الوثبة الثلاثية التي انتزعها من البريطاني جوناثان ادواردز، فاكتملت الفرحة. ومما لا شك فيه ان مرلين اوتي تعتبر رمزاً للمثابرة والعناد وبطلة يعاندها الحظ باستمرار في البطولات الرسمية، ولا تقل منافستها غايل ديفرز عنها شجاعة وقوة ارادة فقد عانت قبل حوالى ست سنوات الأمرين من مرض حيّر الأطباء وكاد يؤدي الى بتر ساقيها، لكنها بما يشبه المعجزة قاومت المرض واستطاعت ان تتحول من انسانة مرشحة لأن تكون معاقة الى بطلة خطفت الأضواء في برشلونة 1992 وفي شتوتغارت 1993 وفي اتلانتا 1996. وكانت ديفرز خرجت من التصفيات نصف النهائية في دورة سيول 1988 في سباق الپ100 متر حواجز وحلت ثانية في بطولة العالم في طوكيو 1991 في السباق ذاته، ويتولى تدريبها بوب كيرسي وهو من كبار المدربين الأميركيين. ولئن كان كريستي ضحية تكنولوجيا آلات التصوير عند خط الانطلاق وأوتي ضحية تكنولوجيا الآلات ذاتها عند خط الوصول، فإن الضحية الثالثة في هذين السباقين هو العداء الناميبي فريديريكس الذي فاز بكل سباقات الموسم وخسر السباق الأخير.