السيد رئيس تحرير "الوسط"، اطلعت على ما كتبه الصحافي معاوية يس على صفحات "الوسط" العدد 218 بتاريخ 1/4/1996 عن لانتخابات الرئاسية السودانية، وأرجو ان تسمح لي بتصحيح ما ورد عن علاقة الفريق عمر البشير بحزب البعث العربي الاشتراكي السوداني. 1- لم يكن البشير في يوم من الايام على صلة وثيقة بالبعثيين او الحزب سواء عن طريق الصحافي كمال حسن بخيت او غيره، فالاستاذ كمال لم يكن في يوم من الايام على علاقة بالعمل مع العسكريين. 2- ان حقيقة ما جرى تتمثل في ان الحزب وتجمع الشعب السوداني الذي كان يضم، اضافة الى الحزب، الحزب الاتحادي الديموقراطي جناح الاستاذ علي محمود حسنين والأنصار بقيادة السيد ولي الدين المهدي، وحزب سانو بقيادة السيد صموئيل أرو، كانوا يعملون ليس من اجل القيام بانقلاب بل لتهيئة القوات المسلحة عند اندلاع الانتفاضة واعلان الاضراب السياسي والعصيان المدني. وكان يقود هذه الحركة الضباط البعثيون بقيادة الشهداء الفريق الطيار خالد الزين واللواء عثمان بلول والعميد محمد احمد قاسم والعميد الطيار محمد عثمان كرار. وكان الاسم الحركي لهذا التحرك هو "المسيرة". 3- قام الشهيد عبدالمنعم حسن علي كرار ضمن اهداف الحركة بالاتصال بالعميد عمر البشير، ولكن عندما ابلغ القيادة بما تم، بُلّغ بأن العميد البشير من كادر الاخوان المسلمين وحُذّر من معاودة الاتصال به. كما اوضحوا له ان البشير على علاقة "بالتنظيم الاميركي" في القوات المسلحة الذي يقوده اللواء العمادي المأمون المرضي، وبالتالي قطع الاتصال بالعميد البشير. 4- عندما اشتعلت الانتفاضة وبدأ نشاط الضباط البعثيين في التزايد، ذهب العميد البشير الى اللواء الهادي المأمون وابلغه بأن البعثيين يعملون على القيام بانقلاب لاستلام السلطة، فاصطحبه اللواء الهادي الى المشير عبدالرحمن سوار الذهب وابلغاه بما يجري، ولعل الضباط الذين كانوا في الخدمة آنذاك يذكرون ان سوار الذهب كان يخاطب الضباط والجنود ويحذرهم من الاستماع الى ما يقوله الفريق خالد الزيني وعثمان بلول باعتبارهما بعثيين، فكان كثير من الضباط يردون عليه بالقول "اذا كان هؤلاء بعثيون فكلنا كذلك". وقد وضع الفريق خالد واللواء بلول والعميد في سلاح المظلات محمد احمد قاسم قيد التحفظ المنزلي، حتى اعلان تشكيل المجلس الانتقالي غداة نجاح الانتفاضة. 5- بعد انتصار الانتفاضة باعلان انحياز الجيش الى الشعب في نيسان ابريل 1985، وبضغط شديد من الضباط البعثيين وصل الى حد حمل بعض القادة الى الانحياز للشعب تحت تهديد السلاح مثل اللواء حمادة عبدالعظيم، تابع العميد البشير واللواء الهادي المأمون دورهما في العمل على ابعاد القيادات البعثية من القوات المسلحة، وقد أبعد كثيرون منهم عدا العميد الطيار محمد عثمان كرار، الذي وجد سوار الذهب حرجاً كبيراً في اتخاذ قرار بابعاده. لكنه ابعد لاحقاً على اساس ان اسمه ورد مرشحاً من قبل الحزب الاتحادي الديموقراطي. هذا وقد حاولت صحيفة "الراية" التي تصدرها الجبهة الاسلامية القومية تشويه سمعة الشهداء بالزعم بأنهم كانوا يعدّون لانقلاب، وان مبالغ طائلة من العملة الاجنبية وجدت لديهم. واقام الضباط الشهداء دعوى مدنية ضد "الراية" انتهت بالزامها دفع تعويض ضخم لهم. 6- اما الخبر الذي نُشر في مجلة "الدستور" في 5 تشرين الاول اكتوبر 1985 فقد اثبتت الايام صحته، وللأسف حدث ذلك رغم نقل هذه المعلومات مباشرة الى المشير سوار الذهب ورئيس الوزراء الانتقالي الدكتور الجزولي دفع الله والصادق المهدي ومحمد عثمان الميرغني والفريق فتحي احمد علي القائد العام السابق للجيش، وعندما اصدر الفريق فتحي احمد علي قراراً باحالة العميد البشير للمعاش، تدخل وزير اتحادي سابق هو في الوقت نفسه عضو في جماعة الاخوان المسلمين والصادق المهدي لوقف القرار واستبداله بقرار آخر يقضي بارساله في بعثة دراسية الى القاهرة. 7- تم لقاء في 20 حزيران يونيو 1989 بين الاستاذ بدر الدين مدثر أمين سر حزب البعث السوداني والسيد الصادق المهدي رئيس الوزراء، ونقل الاستاذ بدر الدين الى السيد الصادق المهدي رئيس الوزراء، ونقل الاستاذ بدر الدين الى السيد الصادق تفاصيل الانقلاب والمشاركين فيه وموعده ولكن السيد الصادق لأسباب سيأتي الوقت الذي ستكشف فيه قال للاستاذ بدر الدين "ويل هؤلاء ما يقْلبوا ترابيزة !! وأنا خايف ان البعثيين هم الذين سيقومون بالانقلاب". وحدث ما حدث في 30 حزيران 1989 ليبتلي السودان بحكم الانقاذ ويعاني ما يعاني حتى اللحظة. 8- من المؤسف ان بعض الجهات في "التجمع الوطني الديموقراطي" حاول ان يلغي دور الضباط البعثيين في حركة رمضان 1990، بل بلغ الامر ببعضهم الى الزعم بأن الحركة كانت من صنعهم. لقد كانت الحركة بقيادة الفريق الطيار خالد الزين وزملائه من البعثيين، وشملت عدداً من الضباط القوميين والوطنيين. اما العميد الطيار محمد عثمان كرار فلم يكن قائداً للحركة، لكنه كان بعثياً ملتزماً. وسيأتي اليوم الذي تكشف فيه اسرار تلك الحركة. كما سيأتي اليوم الذي يكشف فيه دور عدد كبير من المعارضين الحاليين في انقلاب البشير الذي وقع في 30 حزيران 1989. أعود وأكرر ان البشير لم يكن في يوم من الايام على علاقة وثيقة بالبعث، وان القيادة العسكرية لتنظيم البعث كانت على علم بحقيقة انتمائه الى جبهة الدكتور حسن الترابي. المحامي شوقي ملاسي عضو القيادة القطرية لحزب البعث السوداني - لندن