حذر البنك الدولي من اضطرابات اجتماعية قد تحدث بعض الاختلال في النسيج الاجتماعي للدول العربية، وأوضح في تقرير عن مستقبل العمالة في العالم العربي، "انه امام تدني مستوى الاستثمار، ستجد اليد العاملة المتخصصة نفسها امام اكثر من امتحان قوى اهمها القبول بعروض عمل دون الحجم المطلوب لها وبأسعار متدنية جداً، وعليه ستنشأ تلك الاضطرابات الاجتماعية". واضاف التقرير "ان اهم تحدٍ امام البلدان العربية هو كيفية ترميم قاعدة الانتاج في القطاع الصناعي وتحفيز نشاط اليد العاملة غير المتخصصة". وأكد أن نجاح عملية السلام في الشرق الاوسط ونجاح مفاوضات الشراكة مع الاتحاد الاوروبي، سيؤسسان لمرتكزات اساسية في تطور العمالة كونها ستفتح اسواقاً جديدة وتدفع الاصلاحات الاقتصادية المرتقبة. واستدرك التقرير موضحاً "أن السبب الاساسي الذي لم يسمح بتطور الاصلاحات في الدول العربية، هو ان الحكومات المختلفة لا تملك الرؤية المستقبلية لعدد من التطورات الحاصلة في المنطقة". ويقول التقرير: "ان الاصلاحات الاقتصادية اصبحت ضرورية في هذه الآونة وهي تحد سياسي بالدرجة الاولى خصوصاً في البلدان التي تملك قطاعات عامة كبيرة وحيث البطالة بين المثقفين تزداد بقوة، اما التحدي الكامن وراء هذه المعايير فهو غياب الاصلاحات الجذرية التي يمكن ان تؤدي الى تدني مستوى الانتاجية، وتولد آفات اجتماعية". تدهور الأجور وارتفاع الفقر ويبدو - حسب التقرير - ان دخول البلدان العربية في الاتفاقيات الدولية المنتظرة، والاهم في عملية الشراكة الاوروبية - العربية، ستزيد من نمو اليد العاملة غير المتخصصة، اما اتفاقيات الاوروغواي الغات فستخفض مستوى الاجور في واجهة التنافس الحاد للسلع. وفي موازاة دخول الاسواق العالمية في منظار الاتفاقيات الدولية، يرى تقرير البنك الدولي ان هذه الاتفاقيات ستزيد من انتقال الرساميل من جهة، ولكنها ستحد من انتقال العمالة من جهة أخرى. لقد سجلت الدول العربية خلال الستينات والسبعينات نمواً اقتصادياً كبيراً لم يشهد له مثيل الكثير من دول العالم في تلك الفترة. فقد قامت معظم الدول العربية نتيجة للفورة النفطية الاقليمية، بالاستثمار في مشاريع ضخمة لتطوير البنى التحتية وبناء صناعات حكومية وتشجيع التعليم والانطلاق ببرامج التأميم والاصلاح الزراعي. وبلغ معدل النمو للعامل حوالي 4 في المئة سنوياً خلال الفترة 1970 - 1985 وهو معدل يقارن بالمعدل الذي تشهده حالياً دول شرق آسيا التي تعتبر نموذجاً للنجاح الاقتصادي، لكن منذ منتصف الثمانينات تراجعت انتاجية العامل في الدول غير النفطية وسجلت انخفاضاً بلغ اكثر من 4 في المئة سنوياً في الدول النفطية. كذلك تفاقمت اوضاع اسواق العمالة، فارتفعت اعداد العاطلين عن العمل وتدهورت الاجور وارتفعت نسبة الفقر. وتشهد منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، حالياً، أعلى معدلات للبطالة في العالم، اذ تبلغ معدلات البطالة في الجزائر، والاردن والضفة الغربية وقطاع غزة واليمن وربما لبنان حوالي 20 في المئة بالمقارنة مع نسبة 15 في المئة في مصر والمغرب وتونس. وتراجعت الاجور الحقيقية في معظم دول المنطقة خلال الفترة 1985 - 1990 واستمرت في التراجع منذ ذلك الوقت. ففي القطاع الصناعي حيث تتوافر الاحصاءات كان النمو في الاجور خلال السبعينات يقارن بتلك المتوفرة في شرق آسيا واميركا اللاتينية واوروبا الشرقية، لكن في حين ارتفعت الاجور في شرق آسيا خلال الثمانينات، انخفضت في مناطق اخرى، واكثرها تأثراً الدول العربية بحوالي 30 في المئة. كذلك تشهد الدول العربية مستويات منخفضة من الفقر، بخلاف معدلات البطالة، بالمقاييس الدولية، فهي تعادل تلك المستويات التي تشهدها دول اميركا اللاتينية، ويعود ذلك الى الدعم الكبير الذي تقدمه الحكومات للمستهلكين، لكن من الاهمية بمكان الاشارة الى أن معدلات الفقر تشهد ارتفاعاً متسارعاً في عدد من دول المنطقة، اذ تعمد اكثرية الفقراء الى الاستقرار في المدن، حيث معظم افراد الاسرة عاطلون عن العمل ويشكون من الامية. وعلى رغم ان بعض العاطلين عن العمل فقراء، الاّ أن معظم الفقراء لا يمكنهم الاستمرار من دون عمل. كذلك ساهم اختلاف السياسات في ايجاد فروقات كبيرة في حدة الفقر، ويمكن الدلالة على ذلك عبر المقارنة بين تجارب مصر والاردن وتجارب المغرب وتونس، ففي مصر ارتفعت نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر 30 دولاراً للشخص الواحد بحدود 30 في المئة بين الاعوام 1985 و1990 واستمرت بالارتفاع لان الطلب على يد العمالة بقي ضعيفاً فيما جرى خفض الدعم الاستهلاكي. وتضاعفت نسبة الفقر في الاردن خلال الفترة نفسها ثلاث مرات، لكنها انخفضت في المغرب وتونس الى النصف بين الاعوام 1985 و1990 نتيجة الاصلاحات الاقتصادية التي اطلقت في هاتين الدولتين وترافقت مع توجه تجاري حديث ادى الى خلق وظائف جديدة تهم الفقراء أكثر من غيرهم. من جهة أخرى تختلف مشاكل اسواق العمالة في دول الخليج، فالقوى العاملة الوافدة تشكل 35 في المئة من القوى العاملة. وقد تصل الى نسبة 80 في المئة في بعض دول الخليج ونتيجة لذلك تهتم دول الخليج بطريقة زيادة مشاركة المواطنين في الاقتصاد وكيفية ادارة الهجرة بشكل كفء. الاستثمار والعمالة على رغم الخطط الانمائية والبرامج السنوية وضخامة الاستثمارات العربية، وتدفق الاموال والمساعدات من البلدان المنتجة للنفط الى البلدان المستهلكة، يواجه الوطن العربي ازمة بطالة متزايدة، اذ بلغ عدد العاطلين عن العمل في نهاية العام 1992 حوالي سبعة ملايين و313 الف عامل عربي، اي ما نسبته 6،10 في المئة من القوى العربية. وهذا ما أكدته تقديرات مكتب العمل العربي التي اشارت الى أن عدد سكان العالم العربي بلغ 234 مليوناً في نهاية العام الماضي، وحجم القوى العاملة 5،68 مليون عربي، ونسبتها 2،29 في المئة، مما يدل على أن كل عامل يعيل 4،3 مواطنين من عياله، وهي نسبة كبيرة. ومن الطبيعي ان تشتد ازمة البطالة وتزداد مخاطرها مع ازدياد عدد السكان وحجم القوى العاملة، بحيث يصل عدد العمال العرب في العام الفين الى حوالي 90 مليوناً على أساس ان حجم الاضافة في العرض من القوى العاملة السنوية في بداية التسعينات يساوي 3،2 مليون وفي نهايتها 7،2 مليون عامل. وبما ان الاستثمارات هي الطريق الطبيعية لايجاد فرص العمل ومكافحة البطالة، فقد وصفت دراسات بعض الخبراء معدلات نمو الاستثمار بأنها ضعيفة، على رغم أن حجمها لا يقل عن مئة مليار دولار سنوياً يعود 78 في المئة منه الى البلدان النفطية، مع العلم ان نمو معدلات الاستثمار المحلي الاجمالي مال في جميع البلدان العربية الى التناقص والضآلة خلال الثمانينات، بما في ذلك معظم البلدان النفطية، خلافاً لما حصل في الفترة 1965 - 1980. اما معدلات التضخم فساهمت بدورها في التقليل من فرص العمل نتيجة تآكل دخل الفرد وتدهور قيمة العملات وزيادة تكلفة الاستيراد، وبلغ متوسط المعدل السنوي للتضخم خلال الثمانينات مستويات خطيرة باستثناء بلدان نفطية محدودة، وتراوح بين 8،42 في المئة كحد أقصى في الصومال و1،1 في المئة كحد أدنى في دولة الامارات العربية المتحدة. وقد حصل كل ذلك على رغم تدفق الاموال من البلدان المنتجة للنفط الى البلدان العربية المستهلكة. لقد تبين من الدراسات المتوافرة ان اعداد القوى العاملة المحلية تنمو بمعدل 4 في المئة سنوياً، ويشكل الاستثمار 20 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، اما الاستثمار الاضافي كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي المطلوب لخلق واحد في المئة من النمو في الناتج المحلي الاجمالي فيعادل 8 في المئة، وهو رقم كبير يعكس الانتاجية المنخفضة للرأسمال. وهذا يعني ان نمو التوظيف سيكون بمعدل 5،2 في المئة سنوياً، والواقع ان هذا الرقم يعد رقماً منخفضاً لاستيعاب الداخلين الجدد الى سوق العمالة، فكيف به لتقليص البطالة. وفي حال ارتفع الاستثمار الى 25 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي وتضاعفت كفاءته، فقد ينمو التوظيف بمعدل 6 في المئة او اكثر سنوياً، مما يسمح بتقليص تدريجي للبطالة، وليحدث ذلك يجب ان يتضاعف الاستثمار الخاص. وتتطلب زيادة الاستثمار اولاً واخيراً تقدماً اساسياً في تقليص منتظم للمخاطر، خصوصاً تلك المتعلقة بعدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. وتتطلب زيادة الكفاءة ازالة التشوهات في اسواق السلع والرساميل والعمالة التي تعيق الاستخدام الاكمل للعمالة والرأسمال البشري. كذلك يتطلب تحسين انتاجية العمالة تقدماً متواصلاً في التعليم وفي الخدمات الحكومية والبنى التحتية. ومع تزايد عالمية اسواق السلع والرساميل تزداد الحاجة الى اصلاحات سريعة، خصوصاً ان التغيير البطيء يؤدي الى زيادة حدة الفقر والاستقطاب الاجتماعي. غير ان طريق الاصلاح يحمل ايضاً مخاطر جديدة تدفع بصانعي السياسات الى خيارات صعبة وايجاد حلول ابتكارية للمشاكل الصعبة. القوى العاملة ذكور واناث في العالم العربي بالالوف البلد 1990 1995 2000 2005 2010 تونس 2645 3061 3524 3987 4579 الجزائر 5522 6779 8257 10022 1290 السودان 8633 10178 15042 14251 16810 الصومال 2204 2462 2807 3215 3694 فلسطين 527 621 731 845 974 مصر 16361 18665 21472 24452 27412 المغرب 7843 9202 10771 12565 14522 اليمن 2797 3386 4133 5091 6340 العراق 5119 6254 7641 9263 11095 الاردن 749 945 1161 1423 1757 لبنان 901 1046 1192 1355 1536 موريتانيا 680 793 936 1114 1334 سورية 3101 3799 4622 5621 6847 جيبوتي 223 257 295 341 397 الامارات 946 1040 1124 1182 1215 البحرين 218 257 296 338 373 السعودية 347 4220 5121 6182 7442 عمان 390 449 536 622 738 قطر 209 237 262 293 318 الكويت 789 914 1030 1165 1296 ليبيا 1190 1419 1681 1992 2364 المجموع الجزائي 7213 8536 10050 11775 13747 المجموع 64518 75985 89634 105320 123134 المصدر: اسقاطات القوى العاملة العربية 1980 - 2010 الجزء الثاني: نتائج اسقاطات جانب العرض/ المؤسسة العربية للتشغيل. طنجة.