«حرس الحدود» بينبع يحبط تهريب (3.6) كجم "حشيش"    نائب أمير الشرقية يعزي أسرة الثميري في وفاة والدتهم    وزارة الحج والعمرة تحذر من محاولة الحج بلا تصريح    خطباء المملكة الإسراف في الموائد منكر وكسر لقلوب الفقراء والمساكين    اكتشاف نقوش ورسوم صخرية تعود إلى ما قبل الميلاد في محمية الملك عبدالعزيز الملكية    روبي ويليامز: طلبات التقاط الصور الذاتية تصيبني ب «الذعر»    وزير الصحة يزور الوكالة الدولية لأبحاث السرطان في مدينة ليون    إمام المسجد الحرام: الدنيا دار ابتلاء والموت قادم لا محالة فاستعدوا بالعمل الصالح    موعد مباراة الاتحاد القادمة بعد الخسارة أمام الفتح    وزارة الرياضة ومجمع الملك سلمان للغة العربية يطلقان "معجم المصطلحات الرياضية"    خالد بن محمد بن زايد يشهد حفل افتتاح متحف "تيم لاب فينومينا أبوظبي" للفنون الرقمية في المنطقة الثقافية في السعديات    تشكيل النصر المتوقع أمام القادسية    مبادرة "نبض إنسان" تواصل جهودها التوعوية    إمام المسجد النبوي: التوحيد غاية الخلق وروح الإسلام وأساس قبول الأعمال    تعاون بناء بين جامعة عفت واتحاد الفنانين العرب    محافظ صامطة يلتقي قادة جمعيات تخصصية لتفعيل مبادرات تنموية تخدم المجتمع    جامعة شقراء تنظم اليوم العالمي للمختبرات الطبية في سوق حليوة التراثي    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية    إعاقة الطلاب السمعية تفوق البصرية    مرصد حقوقي: المجاعة وشيكة في غزة ومليون طفل يعانون سوء تغذية حاد    مجلس الأمن يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية شاملة في السودان    رسوم ترمب الجمركية ..التصعيد وسيناريوهات التراجع المحتملة    "ريمونتادا" إعجازية تقود مانشستر يونايتد لنصف نهائي الدوري الأوروبي    توتنهام يتغلب على أينتراخت فرانكفورت    قتيلان في إطلاق نار في جامعة في فلوريدا    النفط يسجل زيادة بأكثر من 3 بالمئة    ممتاز الطائرة : الأهلي يواجه الاتحاد .. والابتسام يستضيف الهلال    نائب وزير الخارجية يستقبل وكيل وزارة الخارجية الإيرانية    في توثيقٍ بصري لفن النورة الجازانية: المهند النعمان يستعيد ذاكرة البيوت القديمة    الغزواني يقود منتخب جازان للفوز بالمركز الأول في ماراثون كأس المدير العام للمناطق    انطلاق مهرجان أفلام السعودية في نسخته ال11 بمركز إثراء    وزير الدفاع يلتقي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني    نائب أمير منطقة جازان يضع حجر أساسٍ ل 42 مشروعًا تنمويًا    عبدالعزيز المغترف رئيساً للجنة الوطنية لمصانع الابواب والألمنيوم في اتحاد الغرف السعودية    نائب أمير جازان يرأس الاجتماع الرابع للجنة الإشرافية للأمن السيبراني    معرض اليوم الخليجي للمدن الصحية بالشماسية يشهد حضورا كبيراً    24 ألف مستفيد من خدمات مستشفى الأسياح خلال الربع الأول من 2025    تجمع القصيم الصحي يدشّن خدمة الغسيل الكلوي المستمر (CRRT)    جامعة الإمام عبدالرحمن وتحفيظ الشرقية يوقعان مذكرة تفاهم    مشاركة كبيرة من عمداء وأمناء المدن الرياض تستضيف أول منتدى لحوار المدن العربية والأوروبية    قطاع ومستشفى تنومة يُنفّذ فعالية "التوعية بشلل الرعاش"    "التعليم" تدشن مشروع المدارس المركزية    بقيمة 50 مليون ريال.. جمعية التطوع تطلق مبادرة لمعرض فني    إحباط تهريب 147 كجم من الشبو وضبط مستقبليها    سجن مواطن لترويجه إعلانات "حج وهمية"    معركة الفاشر تقترب وسط تحذيرات من تفاقم الكارثة الإنسانية.. الجيش يتقدم ميدانيا وحكومة حميدتي الموازية تواجه العزلة    الاتحاد الأوروبي يشدد قيود التأشيرات على نهج ترامب    5 جهات حكومية تناقش تعزيز الارتقاء بخدمات ضيوف الرحمن    الأمير سعود بن جلوي يرأس اجتماع المجلس المحلي لتنمية وتطوير جدة    القيادة تعزي ملك ماليزيا في وفاة رئيس الوزراء الأسبق    يوم الأسير الفلسطيني.. قهرٌ خلف القضبان وتعذيب بلا سقف.. 16400 اعتقال و63 شهيدا بسجون الاحتلال منذ بدء العدوان    أنور يعقد قرانه    قيود أمريكية تفرض 5.5 مليارات دولار على NVIDIA    حرب الرسوم الجمركية تهدد بتباطؤ الاقتصاد العالمي    مؤسسة تطوير دارين وتاروت تعقد اجتماعها الثاني    قوات الدعم السريع تعلن حكومة موازية وسط مخاوف دولية من التقسيم    رُهاب الكُتب    سمو أمير منطقة الباحة يتسلّم تقرير أعمال الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاقتصاديون يؤكدون ضرورة وجود سياسة اقتصادية تستهدف التشغيل بشكل أساسي . مصر: القوى العاملة ترتفع من 23 مليوناً إلى 34 مليوناً سنة 2020
نشر في الحياة يوم 23 - 01 - 2005

خلصت طاولة منظمة العمل الدولية المستديرة التي عقدت في القاهرة الاسبوع الماضي تحت عنوان"سياسة التشغيل والعمالة في مصر"إلى ضرورة أن يكون للدولة دور حيوي في تنظيم سوق العمل، التي تسير في معظمها بطريقة عشوائية، والاهتمام بالتخطيط والتكنولوجيا لتوظيف المشاريع المقترحة بطريقة صحيحة.
وفي ظل الجدل بين أكثر من 200 خبير ومتخصص محلي ودولي في شأن انعكاس تحرير التجارة على الاقتصاد المصري، شددت الطاولة على ضرورة وجود سياسة اقتصادية تستهدف التشغيل بشكل أساسي وأهمية أن يكون النظام الضريبي محفزاً للاستثمار وتوجيه السياسات القائمة لتحفيز الصادرات والإسراع في إصدار القوانين المتعلقة بالوضع الاقتصادي ككل ما ينعكس على العمالة وأوضاعها. واعترف في الوقت نفسه وزير القوى العاملة أحمد العماوي بخطورة الأوضاع، مؤكداً صعوبة تقديم إعانة بطالة لأنها ستمثل عبئاً كبيراً على موازنة الدولة لا يمكن تحمله، فيما قال مدير منظمة العمل الدولية في القاهرة إبراهيم عوض إنه سيقدم توصيات الطاولة التي شارك في صوغها أساتذة جامعات وباحثون سعياً للاستفادة منها.
وكان من الآراء التي أثارت جدلاً ما قاله استاذ الاقتصاد في معهد التخطيط القومي الدكتور إبراهيم العيسوي، اذ أكد أن معدل الفقر ارتفع، ففي منتصف التسعينات كان 48 في المئة من السكان تحت خط الفقر وتراجع إلى 43 في المئة بين 1996 - 2000، مشيراً إلى أنه على رغم التحفظ يمكن القول إن نصف سكان مصر تحت خط الفقر على رغم اختلاف طرق قياس الفقر وتعريفه في البلاد، فهناك غير مؤسسة دولية وإقليمية تقيِّم هذا الأمر، فيما قالت أستاذة الاقتصاد الدكتورة عالية المهدي ان القوى العاملة في البلاد ستزيد من 23 مليوناً السنة الجارية إلى 27 مليوناً سنة 2010 وإلى 34 مليوناً سنة 2020.
تعتبر قضية التشغيل من القضايا التي تتحدى صانعي السياسات في مصر، فالبطالة السافرة والتشغيل المنقوص والفقر من السمات الرئيسية التي تعاني منها القطاعات المختلفة في سوق العمل. والأهم من ذلك، أن الفئات الشابة والمتعلمة من السكان، وهي الفئات التي تمثل الهبة الطبيعية الرئيسية التي ينبغي أن تعطي لمصر ميزة نسبية عالية، تمثل تحدياً خطيراً في الحاضر والمستقبل، فهناك أعداد متزايدة من الشباب المتعلم الذي يعاني من البطالة السافرة أو من التشغيل المنقوص ومن الفقر والعمل في القطاع غير المنظم.
ويؤكد الاقتصاديون أنه من الضروري المضي بسرعة في توفير فرص العمل الجديدة وزيادة انتاجية القوى العاملة الحالية، ليتمكن الاقتصاد من تلبية الطلب المتزايد من جانب الباحثين عن العمل، بل أن يتجاوز ذلك إلى الإسهام بشكل ملموس في النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية وفي رفع مستويات المعيشة لمجموع السكان.
واهتم صانعو السياسات منذ منتصف الثمانينات من القرن العشرين بتحفيز نمو فرص التشغيل وإيجاد فرص للعمل كافية ومستدامة ومُنتجة لتلك الأعداد المتزايدة من القوى العاملة. وتضاعفت هذه الاهتمامات والشواغل مع تفاقم معدل البطالة والاختلالات الهيكلية في سوق العمل، وتزايدت خطورتها بعدما أصبح من غير الممكن الاعتماد على التوسع في التشغيل في القطاع العام وعلى الهجرة والنمو في التشغيل الزراعي، وأصبحت الحاجة ملحة حالياً إلى صوغ استراتيجية متناسقة للتشغيل، وهي استراتيجية ينبغي أن تكون جزءاً أساسياً من السياسة الاقتصادية الشاملة.
وتؤكد الدراسات التي انجزها المتخصصون وحصلت"الحياة"على نسخة منها أن مشكلة التشغيل في مصر هيكلية ومتعددة الأبعاد، وتعكس حال الاختلال بين العرض والطلب في سوق العمل في الوقت الحاضر وفي المستقبل. ويشمل هذا الاختلال الأعداد والمهارات والحرف وهيكل التشغيل الذي يعاني التشوه وحال الركود التي أصبحت تهدد بحدوث مأزق في سوق العمل وضخامة وتزايد التشغيل في القطاع غير المنظم، إضافة إلى التشغيل المنقوص وتعدد الوظائف.
وتتضح المشكلة أيضاً في تآكل الأجور الحقيقية التي تحصل عليها القوى العاملة، والانخفاض العام في انتاجية العمل، أو نموها المتواضع في بعض الأنشطة، وكل هذه الأبعاد تزداد تفاقماً من جراء التفاوت بين الجنسين والاختلافات الجغرافية.
ومن السمات الهيكلية لسوق العمل في مصر عدم وجود توافق بين العرض والطلب في الوقت الذي تتعدد فيه المصادر لسوق العمل الخاص بتشغيل المرأة، والبعد الجغرافي والبعد الخاص بالفقر. فهناك مصدران للمعلومات الخاصة بسوق العمل في مصر، أولهما قاعدة بيانات سوق العمل في التعداد السكاني، الذي يتضمن نتائج العد الكامل الذي يُجريه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء كل عشر سنوات، بيد أن عملية تعداد السكان التي تجري على نطاق واسع لا توفر نتائج دقيقة، وبالتالي لا يمكن مقارنة البيانات المستمدة من التعداد بأي مصدر آخر بخلاف التعداد السابق. والمصدر الثاني هو مسح القوى العاملة بالعينة، الذي يجريه أيضاً الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء سنوياً لمتابعة الاتجاهات الراهنة في مجال التشغيل. وأدخلت تحسينات عدة على تصميم مسح القوى العاملة بالعينة منذ عام 1985، كان من بينها الاعتماد على فترتين مرجعيتين، وإجراء المسح مرتين أو أربع مرات سنوياً ونشر نتائجه في تقرير سنوي موحد وزيادة حجم العينة التي يشملها المسح. وتختلف المقاييس المطبقة في كل من التعداد السكاني ومسح القوى العاملة بالعينة، فتعداد السكان يحصر التشغيل بين الفئة العمرية من ست سنوات فأكثر، بينما يركز مسح القوى العاملة بالعينة على الفئة من 15 إلى 64 سنة. وكذلك يختلف المصدران في التعامل مع التغيب عن العمل، إذ يندرج العمال الموقوفون عن العمل والحاصلون على اجازات من دون مرتب ضمن فئة البطالة في التعداد السكاني، بينما لا يندرجون ضمن هذه الفئة في مسح القوى العاملة بالعينة، كذلك فإن مسح القوى العاملة بالعينة لم يحدث أن أجري في السنة نفسها التي يجرى فيها التعداد السكاني، وهو ما كان من الممكن أن يتيح إجراء مقارنات أدق بين النتائج.
سوق العمل
وجاء تسارع معدل نمو العرض في سوق العمل في مصر منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي نتيجة تغير الملامح الديموغرافية، مع ثبات معدلات مشاركة القوى العاملة أو انخفاضها. وعلى رغم انخفاض معدل النمو السكاني من ثلاثة في المئة في ثمانينات القرن الماضي إلى 2.1 في المئة في منتصف التسعينات، بلغ تعداد السكان 59.2 مليون نسمة عام 1996 وارتفع إلى 70.1 مليون نسمة عام 2003. وكان السكان الذين هم في سن العمل 15 - 64 سنة يمثلون 60.1 في المئة من مجموع السكان في التعداد السكاني الذي أجري عام 1996. وواصلت نسبة الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 15 - 24 سنة ارتفاعها بمعدل 2.9 في المئة في المتوسط خلال الفترة ما بين 1990 و2004، إلى أن أصبح الشباب يمثلون نسبة 21 في المئة من مجموع السكان - وهي نسبة عالية - كما أصبح الشباب يمثلون نسبة 35 في المئة من مجموع السكان الذين هم في سن العمل، وهذه الزيادة في تعداد الشبان معناها زيادة أعداد الفئات الجديدة التي تدخل سوق العمل.
وانخفض معدل المشاركة المنقَّح، وهو نسبة القوى العاملة ضمن الفئات العمرية من 15 - 64 سنة إلى مجموع السكان من نفس الفئات العمرية سنة 1996 مقارنة بسنة 1986 طبقاً لبيانات التعداد في السنتين المبينتين. وكان ذلك نتيجة انخفاض معدل مشاركة الذكور، بينما ارتفع معدل مشاركة الاناث واتضح الاتجاه نفسه من المقارنة بين المسحين الخاصين اللذين أجريا بالمنهاجية نفسها وهما: المسح الخاص للقوى العاملة بالعينة عام 1998 ومسح سوق العمل في مصر عام 1998. وتكشف التوقعات الخاصة باتجاهات التشغيل في مصر في المستقبل عن تحديات مزعجة، إذ تشير توقعات القوى العاملة خلال السنوات الخمس عشرة المقبلة إلى أن القوى العاملة ستزداد من 23 مليون فرد سنة 2005 إلى 27 مليون فرد سنة 2010 وإلى 34 مليون فرد سنة 2020. وطبقاً لهذه التوقعات سترتفع الزيادة في القوى العاملة من 660 ألف فرد سنوياً في الفترة 1998 - 2005 إلى 790 ألف فرد سنوياً في الفترة 2005 - 2010 ثم ستنخفض المعدلات إلى 650 ألف فرد في الفترة 2010 - 2015 لتعود إلى الارتفاع مرة أخرى إلى 790 ألف فرد في الفترة 2015 - 2020. وعلى رغم أن هذه التوقعات تؤكد أن"الفترة 1998 - 2005 هي التي يرتفع فيها ضغط الزيادة في الايدي العاملة إلى أقصاه نتيجة تدفق القوى العاملة الجديدة المتعلمة وأن الفترة التالية ستتميز بانخفاض الضغوط السكانية على سوق العمل"، فإن عدد فرص العمل الجديدة التي سيكون من اللازم تدبيرها في الاقتصاد خلال السنوات الخمس عشرة المقبلة تمثل تحدياً قاسياً لصناع السياسات في مصر.
الطلب في السوق
وتشير بيانات التعدادات السكانية إلى أن نمو التشغيل خلال الفترة 1986 - 1996 كان بمعدل 3.2 في المئة سنوياً، وأن معدل النمو بالنسبة للمناطق الريفية كان أعلى مما هو في المناطق الحضرية، وبالنسبة للإناث أعلى مما هو بالنسبة للذكور. وعلى رغم أن القوى العاملة كانت تزداد في الفترة 1988 - 1998 بمعدل 523 ألف فرد سنوياً، كانت فرص العمل تتزايد بمعدل 435 ألف فرصة عمل سنوياً فقط، وبذلك كان العجز في فرص العمل يبلغ 88 ألف فرصة عمل سنوياً.
وطبقاً لمسح القوى العاملة بالعينة، ارتفع عدد العاملين من 15.1 مليون عامل عام 1995 إلى 17.9 مليون عامل عام 2002، وهذا يعني أن معدل النمو بلغ 2.3 في المئة في المتوسط، بينما كان معدل النمو في المناطق الريفية أعلى مما هو في المناطق الحضرية، ويبلغ عدد الإناث 3.3 مليون عاملة فقط، يمثلن أقل من خُمس مجموع عدد العاملين 18.5 في المئة وكان معدل نمو التشغيل بالنسبة للإناث في الفترة 1995 - 2002 أقل مما هو بالنسبة للذكور.
ويكشف نوع التشغيل بحسب قطاع الملكية عن أهمية الإدارة الحكومية في توفير فرص العمل، فالحكومة هي أكبر مساهم في نمو التشغيل في مصر، على رغم السنوات الطويلة التي استغرقها تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي، فقد بدأ تطبيق برنامج الاصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي، الذي تم الاتفاق عليه مع مؤسسات التمويل الدولية عام 1991 لتصحيح جوانب الخلل الداخلية والخارجية الرئيسية التي كان يعاني منها الاقتصاد خلال فترة قصيرة من الوقت، ثم زيادة النمو الاقتصادي في منتصف التسعينات. وكان الغرض النهائي من هذا البرنامج هو تحويل مصر من اقتصاد يعتمد اعتماداً كبيراً على القطاع العام إلى اقتصاد يتوجه نحو السوق.
وهناك طابع مهم يميز المشكلة في مصر وهو العلاقة بين التشغيل والفقر، فالأفراد الفقراء لا يعانون كثيراً من البطالة لأنهم ببساطة لا يستطيعون البقاء من دون عمل، ولذلك فإن مشكلتهم الرئيسية هي التشغيل المنقوص وانخفاض الأجور، ففي المناطق الحضرية تعد نسبة انتشار الفقر أعلى بين العمال الذين يعملون لحساب أنفسهم والعمال الذين يعملون من دون أجر الباعة الجائلون في الأنشطة الهامشية التي لا تتطلب مهارات، وكذلك بين العاطلين الذين لم يسبق لهم العمل، أما في المناطق الريفية فإن نسبة الفقراء مرتفعة بين فئة"العمال الذين يعملون من دون أجر". ويوضح تقرير تقويم دور المرأة في مصر وجود علاقة متبادلة بين أوضاع العمل والفقر في مصر، وأنه بدرس العلاقة بين الفقر وأوضاع العمل بحسب النوع الاجتماعي لرب الأسرة، تبين أن فئة العاملين مقابل أجر هي الأكثر شيوعاً بين أرباب الأسر من الذكور في كل من المناطق الريفية والحضرية. أما الفئة السائدة بين الإناث من ربات الأسرة فهي فئة"خارج القوى العاملة"، في المناطق الحضرية و"تعملن لحساب أنفسهن"في المناطق الريفية، وأهم النتائج التي توصل إليها التقرير فيما يتعلق بالفقر هي أن الإناث ربات الأسر ليس من المرجح أن يشاركن في القوى العاملة وأنهن يعتمدن اعتماداً كبيراً على الدخول التي يحصلن عليها من المعاشات أو من تحويلات.
البطالة
تباطأ النمو الاقتصادي بصورة ملموسة منذ عام 1999 نتيجة لعوامل خارجية وداخلية. ومن بين العوامل الخارجية قيود التمويل العالمي بعد الأزمة الآسيوية وانخفاض العائدات من السياحة وانخفاض تدفقات الاستثمار الاجنبي بسبب تصاعد الانتفاضة الفلسطينية المسلحة، وأحداث أيلول سبتمبر عام 2001 والحرب العراقية وتذبذب أسعار النفط والغاز الطبيعي، اللذين يشكلان مع السياحة المصدر الأكبر للقطع الأجنبي في مصر. ومن بين العوامل الداخلية التي أدت إلى تدهور الاقتصاد القومي التباطؤ في الاصلاحات الهيكلية وما شهدته البلاد من صعوبات في أسعار الصرف.
وبينما ظل عرض العمال المصريين يتزايد بصورة مستمرة، إلا أن معدل المشاركة ارتفع حتى عام 2001، لكنه انخفض بعد ذلك بما يعكس انخفاض قدرة الاقتصاد على استيعاب العمالة في العامين الماضيين. وتعزى الزيادة العامة في عرض العمل جزئياً إلى زيادة عدد النساء اللائي دخلن إلى سوق العمل، ذلك أن الرجال يمثلون 78.2 في المئة بينما تشكل النساء 21.8 في المئة من إجمالي قوة العمل عام 2002.
وكان أعلى طلب على العمل، وإن كان تدهور بسرعة، هو للعمال غير المهرة، وإذا كانت حصة الأشخاص العاملين ممن حصلوا على التعليم الأساسي أو دونه تمثل 60 في المئة. إلا أن هذه النسبة المئوية انخفضت بصورة ملموسة بعد خمسة أعوام لتصل إلى أقل من 51 في المئة. وكان الانخفاض الأكبر في الطلب من نصيب العمال الأميين الذين أصبحوا يجدون التشغيل في القطاع غير النظامي بشكل يكاد يكون كاملاً.
ولا تزال الحكومة هي المستخدم الرئيسي للعمالة، وهي التي تولد فرص التشغيل غير الزراعي. وازداد تشغيل القطاع الخاص عموماً ووصل إلى 65 في المئة عام 2002. لكن هذا الرقم يتضمن أيضاً الذين يعملون لحسابهم وغير الحاصلين على أجر، وهم ينشطون أساساً في القطاع غير النظامي. وكانت نسبة من يعملون لحسابهم وغير الحاصلين على أجر أكثر من ضعف نسبة العاملين بأجر في القطاع الخاص عام 1995، لكن هذه النسبة انخفضت بدرجة كبيرة أثناء فترة الأعوام السبعة، وفي الفترة نفسها ارتفع التشغيل بأجر في القطاع الخاص بمقدار ست نقاط في المئة نتيجة التخصيص والاستثمارات الجديدة.
وعلى رغم تحسن الأداء الاقتصادي في التسعينات، إلا أن النمو الاقتصادي لم يؤد إلى توفير العدد الكافي من الوظائف وبما يتماشى مع الزيادة السنوية في قوة العمل بنسبة 2.7 في المئة. وهكذا تسارعت البطالة في النصف الأول من العقد وزادت على 11 في المئة من قوة العمل. وكان أحد الأسباب في التطور غير المواتي هو أن قطاع التصنيع، وهو قطاع يوجد فرص التشغيل، لم يضطلع بهذا الدور بسبب اتباع تقنيات كثافة رأس المال. وعلى رغم أن معدل البطالة انخفض بصورة ملموسة في النصف الثاني من التسعينات إلى 8.1 في المئة عام 1999، إلا أن تدهور الوضع الاقتصادي منذ عام 2000 أدى إلى نمو كبير جديد في عدد العاطلين، ومرة أخرى ارتفع معدل البطالة إلى أكثر من 10 في المئة، واعتباراً من عام 2001 أصبح تخفيض نسبة البطالة يمثل أولوية قصوى بالنسبة للحكومة المصرية.
وهناك عوامل عدة أسهمت في ارتفاع مستوى البطالة في البلاد وهي:
- ازدادت قوة العمل بمعدل أعلى من الطلب على العمل. ويمكن أن يفسر ذلك من ناحية بالزيادة السكانية وارتفاع مستوى تعليم المرأة خصوصاً من تقرر الاستمرار في العمل حتى بعد الزواج، كما يفسر من ناحية أخرى التباطؤ الملموس في النمو الاقتصادي، وتزايد انتشار استخدام التكنولوجيات كثيفة رأس المال والتخصيص وما ارتبط بها من خفض العمالة الزائدة.
- تنشأ بعض الاختلالات الخطيرة في توازن سوق العمل بسبب نظم التعليم والتدريب غير الكافية، والتي لا تستجيب لتغير الطلب على المهارات.
- تظل الحكومة المستخدم الرئيسي، بينما القطاع الخاص لا يوفر ما يكفي من فرص العمل الجديدة. وهناك كثير من المتعلمين يفضلون أن يظلوا بلا عمل إذا لم يستطيعوا الحصول على عمل جيد.
- نظام المعاش المبكر، الذي اتبع لحل مشكلة العمال الزائدين على الحاجة في المنشآت التي كانت مملوكة للدولة وخضعت للتخصيص، أدى إلى إيجاد عدد كبير من العاطلين الجدد.
- القطاع غير النظامي مصدر رئيسي للتشغيل منخفض الانتاجية ومنخفض الدخل لا سيما بالنسبة للنساء.
- أدت واردات السلع الاستهلاكية إلى الإغراق في السوق المحلية وقللت من فرص التشغيل بالنسبة للمصريين.
- أدى الإصلاح الزراعي إلى دفع الكثيرين من مستأجري الأرض للبحث عن عمل.
البطالة المقنعة
ويلاحظ أن البطالة المقنعة إلى جانب البطالة تمثل مشكلة رئيسية أخرى للاقتصاد المصري، ذلك أن الأعمال المنخفضة الأجر والمنخفضة الانتاجية، سواء في القطاع النظامي أو غير النظامي، إضافة إلى ظروف العمل السيئة والافتقار إلى حماية اجتماعية، تؤثر في نسبة كبيرة من قوة العمل المصرية. والتشغيل العام قطاع تنتشر فيه البطالة المقنعة واعتادت الحكومة على استخدام ضعف عدد العمال الذين يحتاجهم العمل بالفعل في هيكلها الخاص وفي المنشآت العامة. ويقدر أن معدل البطالة المقعة ظل ثابتاً بين عامي 1988 و1998، اذ وصل إلى 7.5 في المئة من عدد المستخدمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.