السيد رئيس التحرير، بعد التحية، أعاد مقال الاستاذ علي الشوك عن الشريف محي الدين حيدر المنشور في "الوسط" في عددها 214 بالذاكرة الى فترة جميلة من تاريخ بغداد أصبحت الآن كالحلم لأولئك الذين عرفوا تلك الفترة وعاشوا احداثها الفنية والفكرية - فترة الاربعينات والخمسينات. في تلك الفترة بدأت نواة حركة الشعر الحديث وكتب السياب ونازك الملائكة وبلند الحيدري وعبدالوهاب البياتي اجمل قصائدهم. وفي تلك الفترة بدأ التجديد في الفن التشكيلي وتم تأسيس جماعة بغداد للفن الحديث، وشاهدت تلك الفترة النهضة الموسيقية الرائعة، فقد تم تأسيس الفرقة السمفونية الوطنية العراقية بقيادة ساندو البو واختار موسيقيون اوروبيون بغداد وطناً لهم كعازف البيانو جوليان هرتز. وفي تلك الفترة ايضاً استضافت بغداد عميد المقام التركي منير نورالدين. كان تأثير الشريف محي الدين حيدر في تفجير هذه النهضة وبلورتها اساسياً. ولم يكن تأثيره في معهد الفنون الجميلة محصوراً في فرع الموسيقى فحسب بل كان القوة الدافعة للمعهد بكل فروعه ولعل دراسة جواد سليم للغيتار لم يكن الا بوحي وتأثير الشريف محي الدين حيدر. واليوم عندما نستمع بفخر واجلال الى عزف منير بشير وسلمان شكر على العود نشعر بعظمة الشريف محي الدين حيدر الذي كان وراء هذين الفنانين العظيمين. يذكر الكاتب والديبلوماسي الاميركي روزفلت حفيد الرئيس الاميركي فرانكلين روزفلت وقريب الرئيس ثيودور روزفلت في سيرته الذاتية التي نشرت في الثمانينات قبل وفاته بأعوام عدة ان من ذكريات الطفولة ان أميراً عراقياً وسيم الطلعة أنيق المظهر تربطه صداقة وثيقة بعائلة روزفلت كان يزور بيت العائلة الريفي ويقضي فيه اجازاته، وكان الامير يعزف "الجلو" والعود بشكل رائع، بحيث كان الرئيس الاميركي يقضي ساعات يستمع الى عزفه الجميل. وعلى الرغم من ان روزفلت لا يذكر اسم الامير ولكن لا بد انه كان الشريف محي الدين حيدر. انني اقرأ بشغف وتلهف ما يكتبه الاستاذ علي الشوك، وقد قرأت كتابه الرائع عن الاساطير العبرية مرات عدة، الا ان مقاله عن الشريف محي الدين حيدر كان لي كالاوكسجين في زيارتي القصيرة الى عمان. محمود أحمد عثمان عمان - الأردن