من يستمع إلى يوسف عباس ابن الخمسة عشر ربيعاً وهو يعزف على العود مقطوعات لمنير بشير وجميل بشير والشريف محيي الدين حيدر يندهش لقدرة الفتى على مجاراة أعمال هؤلاء الكبار في العزف. إلا أن الدهشة تتضاغف حين يعلم المرء أن عباس لحّن وهو في سن الثانية عشرة من عمره قصائد وأغنيات لكبار الشعراء مثل الجواهري ومظفر النواب تقترب قوتها اللحنية من روحية سيد درويش. برزت موهبة الشاب العراقي المولود في مدينة بابل في العزف على العود قبل ثلاث سنوات حيث قدّم حفلات عدّة، ما دفع بعض المهتمين لدعوته الى بغداد للمشاركة في أمسية موسيقية احتضنها اتحاد الأدباء والكتاب هناك . وبمناسبة إحياء ذكرى وفاة الجواهري، لحّن عباس قصيدته الشهيرة «يا دجلة الخير» بطريقة تختلف تماماً عن المتعارف عليه في العراق في الموسيقى العراقية، إذ بتأثير واضح بسيد درويش من التراجيدية التي تطبع الأغاني العراقية تخلص. وانطوى اللحن على مسحة خفيفة من الحزن تثير الشجن بدل العويل وجاء على أكثر من مقام ليؤكد قدرة الفتى على التنقل بين المقامات الصعبة من دون أدنى إخفاقات تذكر. أما ألحانه الأخرى لقصائد الشاعر مظفر النواب فكانت عميقة ومؤثرة وذات نبرة عاطفية خافتة، قد يكون لصغر سن العازف أثر في ذلك بحكم تجربته القليلة. قبل أن ينتقل يوسف عباس الى الدراسة في القاهرة على يد العازف نصير شمة الذي يرأس بيت العود، نظم حفلة في معهد الدراسات النغمية في بغداد حيث مُنح جائزة المعهد التقديرية وهدايا عدة من عميد المعهد وأساتذته تقديراً لموهبته الموسيقية الخاصة. اضافة الى أنه منح شرف العضوية في فرقة منير بشير مع ميدالية فخرية. في القاهرة وبعد اقل من سنة على وجوده فيها، دعي لإقامة حفلة في دار الأوبرا المصرية لإحياء ليلة عراقية، وبعدها تتالت مشاركاته حيث عزف مع نصير شمة في ساقية الصاوي وقصر الأمير طاز والمتحف القبطي وبيت العود العربي. وخلال مشاركته في مهرجان الشباب العربي الحادي عشر في الإسكندرية فاز بالجائزة الأولى عن فئة العزف على آلة العود. بعد توالي النجاحات وحصد الجوائز وتطوره في تقنيات العزف، بات العراقي يوسف عباس من مدرسي بيت العود العربي وعضواً في الأوركسترا لإتقانه أصعب المعزوفات مثل مقطوعات محيي الدين حيدر ومعزوفة مسعود تركي الوحيدة التي لم يجرؤ على عزفها سوى الراحل جميل بشير. ويشارك عباس نهاية نيسان (ابريل) بالعزف في بيروت في حفلة تكريم رواد الغناء العربي مثل فيروز ووديع الصافي ووردة الجزائرية، كما سيشارك في مهرجان بعلبك الدولي في شهر تموز (يوليو) المقبل. وعلى رغم صغر سنه، الا أن عباس يخطط لإكمال دراسته الثانوية في فرنسا أو اسبانيا وان يفتتح بيتاً للعود في بغداد لمساعدة المواهب الشابة والعمل معهم على تأسيس فرقة موسيقية، كما أنه يفكر في الانتقال الى بريطانيا وإن لفترة وجيزة لإكمال دراسة العود في معهد الدراسات الشرقية في لندن بعد إكمال دراسته الثانوية.