تنضح ردود فعل المتفرّجين على صوَر السيارات، قبل رؤيتهم أسماء موديلاتها، بالصورة الذهنية الأولى التي تتشكّل عن كل منها. التفاصيل والمواصفات تأتي لاحقاً، لكن النظرة الأولى تصب الإطار الأساسي الذي إما تتقَولب فيه المعلومات الإضافية، أو تغيّره الأخيرة لاحقاً ولو من دون إزالة آثار النظرة الأولى كلها. طبعاً، لا تنزل سيارة الى السوق إلا بعدما يكون الصانع ومسوّقوه إختبروا ردود الفعل العينيّة مسبقاً، ومرّات عدة. لذلك، فمراقبة ردود فعل المتفرّجين لا تثير فقط بمضمونها، بل خصوصاً في مقارنتها مع الصورة التي يريد الصانع نقلها عن سيارته وشركته الى الجمهور. عند عرض صور الفئة الخامسة الجديدة لدى "بي. إم. ف."، على الحشريين من الزملاء أو الأصدقاء، لاحظتُ مفارقة مُلفِتة. فإطلاق الموديل الجديد تزامن عملياً بفارق أشهر قليلة مع نزول آخر منافس له مباشرة، في الحجم وغنى التجهيز وحتى في بلد الإنتاج: فئة "إي" الجديدة لدى مرسيدس-بنز. تلك ليست بمفارقة مثيرة. المثير في ردود فعل المتفرّجين هو إنقلاب الصورة المكتسبة عن كل من الصانعَين، ولو في قطاعَي الموديلَين المعنيين. فمرسيدس-بنز معروفة تقليدياً بالطابع المحافظ، بينما لعبت بي إم ف إجمالاً دور الألمانية الفتية ولو وازتها تجهيزاً. لذلك تتوقّع تقليدياً أن يتعرّف المتفرّج على جديد مرسيدس-بنز تلقائياً، وكأن التواصل بين موديلاتها بديهي، بينما ترصد عينيه أكثر عند إظهار صور جديدة من بي إم ف لأنه يتوقّع المفاجأة والإثارة منذ المظهر الخارجي، رابطاً بين رياضية صورة الصانع وجرأة مصمميه على التغيير. مع الموديلَين الأخيرين، يُلاحظ العكس. مع بي إم ف: - "هذه الفئة السابعة أليس كذلك"؟ * "لا، هذه هي الخامسة الجديدة". - "كم تتشابهان"! ومع مرسيدس "إي" الجديدة: -"آه، أجل، هذه جديدة مرسيدس، رأيت صورتها قبل أيام. أي موديلاتها هو هذا"؟ * هذه "إي" الجديدة. في الحالة الأولى، تعرّف المتفرّج الإفتراضي على هوية الصانع تلقائياً، لكنه لم يميّز السيارة بسهولة عن "أختها" الأعلى منها قطاعاً. في الثانية أيضاً لم يحدد الموديل، لكن تجديد الصورة هو الذي لفته أولاً. قد يحب التصميم فوراً أو يكره درجة تغييره، فليست للسيارة وحدها شخصيتها، بل لناظرها أيضاً ذوقه الخاص. رسالة في الحالتين، يحمل الموديلان رسالتَين مختلفتَين الى الجمهور، نابعتَين من دوافع مشتركة: الصانعان يحضّران لموديلات جديدة ستوسّع القطر التسويقي لإنتاجهما، من المدى بين القطاعَين المتوسط-الكبير والفخم العالي، مع بعض الموديلات الرياضية، الى المتوسط-الصغير وبدأته بي إم ف مع "كومباكت" والترفيهي والصغير مع الرياضي الصغير وفي صيَغ أحادي الهيكل. لذلك يبدو أن بي إم ف ركّزت على نقل صورة ثابتة الرزانة في موديلها الجديد الفئة الخامسة الموجه الى القطاع الكبير، لأن رياضية صورتها راسخة الى حد كافٍ لإطلاق موديلاتها الأخرى الفتية من دون تغيير أساسي في صورة الشركة وعبر شبكة موزّعيها. أما مرسيدس-بنز، فرزانتها التقليدية تدفعها الى إفتعال تغيير عميق في صورتها العامة لإدراج موديلاتها الفتية في صيغة "طازجة" وثورية بعض الشيء، تناسب شخصيات الزبائن الأكثر فتوة الذين ستتوجّه إليهم الموديلات اللاحقة. المقاييس والمقصورة مع أنها أكبر من سابقتها حجماً، تبدو الفئة الخامسة الجديدة أنعم منها شكلاً. المقصورة أفادت من إطالة قاعدة العجلات 69 ملم من 761.2 الى 83.2 متر، علماً بأن الهيكل تمدد طولاً من 72.4 الى 775.4 متر، وعرضاً من 751.1 الى 80.1 متر. كما تتوقّع من بي إم ف، فإن وسائل التحكّم هي في متناولك بسهولة، في تنظيم ليس بجديد على الألمان. لكن الخشب الحقيقي يمتص بطابعه الدافئ برودةَ التنظيم الدقيق للأزرار والعدّادات. يحتضنك المقعد ضابطاً الساقَين والظهر جيداً حتى عند الإنعطاف. لا داعي لخشية أزرار مقود الفئات العليا فبعد بضعة كيلومترات تعتاد عليها للتحكم بالراديو ونظام ضبط السرعة وتشغيل التلفون والدورة الداخلية للهواء لن تسكب لك القهوة في الفنجان. وفي الفئات العليا أيضاً ترفع المقود أو تعدّل عمقه كهربائياً، كتحريك المقعدين الأماميين حسب الفئات ذوَي الذاكرة وخيارَي التحريك السريع أو البطيء، كما يمكن طلب جهاز يضبط أعلى المقعد حسب عرض كتفَي السائق. أما أعضاء نادي ال"تكنوإلكترونيك" فيمكنهم تجهيز الفئة الخامسة بنظام الملاحة الإلكترونية مع شاشة لا داعي للتحسّر على فائدتها في البلدان التي لم تُدخل بعد إحداثيات خرائطها على كومباكت ديسك، لأنها تصلح في تلك الحالات لإستقبال قنوات التلفزيون أو لعرض المعلومات عن الراديو/كاسيت/كومباكت ديسك، التلفون والعناوين، كومبيوتر السيارة ووضعيات نظام التدفئة/التبريد. ومن التجهيزات المفيدة الأخرى تمكن إضافة نظام الإنذار الصوتي بارك ديستانس كونترول لتنبيهك الى المسافة المتبقية أمام سيارتك ووراءها عند التوقف، ونظام التشغيل الآلي للمسّاحتَين فور تبلل الزجاج الأمامي. السلوك والمحرّكات لا تكاد تنطلق في نزهة جبلية حتى تشعر بفتوة الموديل الجديد وديناميكيته بين المنعطفات برشاقة سيارة أصغر منه حجماً. تستمتع بالسيارة إن شئت القيادة بهدوء مع العائلة، أو برياضية إن خلت الطريق أمامك. فمختلف عناصر التعليق الأمامي والخلفي مصنوع من الألومينيوم لتخفيف وزن العناصر غير المعلّقة وزيادة الرشاقة ودقة السلوك. وفي الخطوط المستقيمة تشق السيارة طريقها بثبات ودقة سلوك ممتازَين، في مقصورة رائعة الهدوء. التعليق الخلفي قابل للتجهيز بنابضَين هوائيين يتبدّل ضغطهما حسب حمولة السيارة للمحافظة على إرتفاع ثابت أياً تكن الحمولة. فوق ذلك، سيمكن لاحقاً طلب التخميد الأوتوماتيكي الذي يضبط القسوة إما آلياً حسب السرعة وطبيعة الأرض أو بإنتقاء أي من وضعيتَين ثابتتين، القاسية للقيادة الرياضية أو اللينة للراحة. نزلت السيارة أولاً بمحرّكين بنزينيين بست أسطوانات متتابعة 24 صماماً سعة أولهما 5.2 ليتر في فئة "523" وقوته 170 حصاناً/5500 د.د. وعزم دورانه 245 نيوتون-متر/3950 د.د.، بينما ترتفع قوة الثاني 8.2 ليتر في فئة "528" الى 193 حصاناً/5300 د.د. وعزمه الى 280 نيوتون-متر/3950 د.د. وستنضم تدريجاً خيارات بنزينية أخرى سعة أولها 0.2 ليتر 150 حصاناً في ست أسطوانات متتابعة أيضاً، ثم الأخرى ذات الأسطوانات الثماني V في "540" و"إم 5" الرياضية. العلب المتوافرة هي العادية بنسبها الأمامية الخمس، والأوتوماتيكية بنسب مماثلة العدد مع أربعة برامج. وستنضم قريباً علبة "ستبترونيك" الأوتوماتيكية التي تمكّن من نقل النسب صعوداً وهبوطاً بمجرد حركة قصيرة للمقبض. وتتمتّع السيارة بأنظمة مختلفة لمنع الإنزلاق، وتشمل مانع الإنزلاق الكبحي وأنظمة عدة لضبط دفع العجلتَين الخلفيتين. وعلاوة على الوسادتَين الهوائيتين الأماميتين تجهيز أساسي في مختلف الفئات، ستُضاف قريباً إثنتان في البابين الأماميين لحماية الكتف وأخريان فوق إطارَي البابين لحماية الرأس.