الباحث والمؤرخ الأميركي، الماركسي النزعة، بيتر غران، من أكثر المفكرين المعاصرين إثارة للجدل والقلق أيضاً! منذ أن أصدر أطروحته الجامعية الشهيرة عن "الاسلام والرأسمالية" في كتاب بعنوان "الجذور الاسلامية للرأسمالية"، والجدل لم يتوقف في أوروبا والعالم العربي حول نظريته الجديدة، التي تحدى بها النظرية الاستشراقية السائدة منذ القرن التاسع عشر. يتوصّل غران، بعد درس المناخ الفكري والتطور الاقتصادي في مصر خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر، إلى اكتشاف وجود عملية تحديث واسعة المدى في ذلك الوقت، أهم سماتها أنها وطنية. ويعتبر أن هذه النهضة التحديثية الوطنية الاصيلة، اجهضتها الحملة الفرنسية، وحولت مسارها الى "التغريب". وهذه النظرية لا تزال تثير في الغرب ردود أفعال متباينة. كما أنها أجّجت الصراع الدائر أصلا بين التيارات المختلفة داخل العالم العربي على امتداده. واذا كان ما أحدثه غران في الساحة الثقافية العربية قد يبدو مفهوما، فإن اختلاف وجهتي النظر الاوروبية والاميركية حول الكتاب ودوافعه وأهدافه قد تبدو غير مفهومة! فبمجرد الاعلان عن صدور كتابه الجديد بعنوان "ما وراء المركزية الاوروبية"، انهالت الانتقادات الاوروبية على غران، فيما أفردت المقالات في الصحف والمجلات المتخصصة في أميركا للاشادة به وبكتاباته الجديدة. وهذا الخلاف دفع البعض إلى التساؤل عن مدى انعكاس الصراع الثقافي الأوروبي- الأميركي للهيمنة على المنطقة، في هذا السجال. أم لعلّه صراع من نوع آخر؟ وحتى صدور كتاب غران الجديد في تشرين الثاني نوفمبر المقبل، تظل الاجابة معلقة! وأعلن الدكتور جابر عصفور رئيس "المجلس الاعلى للثقافة" في مصر، عن تزامن صدور الترجمة العربية للكتاب مع طبعته الأصليّة، وذلك ضمن إطار المشروع القومي للترجمة الذي يتبناه المجلس.