لم تكد السلطات المغربية تصدر قرارها برفع الاقامة الجبرية المفروضة على الشيخ عبدالسلام ياسين 67 عاماً مرشد جماعة "العدل والاحسان" الأصولية المغربية المحظورة حتى سارعت الى تجميده واعادة الوضع الى ما كان عليه قبل ست سنوات تقريباً. وفي غياب تفسير رسمي لدوافع اللحظة الأخيرة، يميل مراقبون الى الاعتقاد بأن السلطات المغربية لم تكن على استعداد للسماح بأية اثارة سياسية أو منح النشطاء الاسلاميين "احساساً بالنصر"، خصوصاً ان اليومين اللذين تمتع فيهما الشيخ ياسين بالحرية الكاملة شهدا توافد حشود من أعضاء جماعته ومن المتعاطفين معها على مدينة سلا حيث يقيم كانت لافتة للانتباه، لجهة حجمها وطابعها الاستعراضي. وكان الشيخ ياسين ألقى في أول صلاة جمعة يؤديها خارج منزله منذ وضعه تحت الاقامة الجبرية خطبة نحى فيها منحى سياسياً بانتقاده عملية التطبيع الجارية مع اسرائيل، وان دعا أنصاره الى التحلي بالهدوء والصبر ونبذ العنف وعدم الانجرار وراء ردات الفعل، مؤكداً ان جماعة "العدل والاحسان" تتوخى الحوار في دعوتها لاخراج المجتمع المغربي مما أسماه بالأزمة. وفي أعقاب ذلك جرى تشديد طوق الرقابة الأمنية على منزله ومنعت عنه الزيارة الا في حدود المقربين من أفراد الجماعة كما منع من عقد مؤتمر صحفي تم الاعلان عنه في وقت سابق. وانتقدت جماعة "العدل والاحسان" بشدة اجراءات الحكومة المغربية لاطالة أمد الحصار الأمني المفروض على مرشدها الشيخ عبدالسلام ياسين وجادلت في قانونيتها كما اعتبرت الشعارات المرفوعة عن حقوق الانسان في المغرب لمجرد الاستهلاك الخارجي. وفي بيان لها عن حقيقة الوضع الذي يوجد فيه حالياً أكدت انه لم يطرأ عليه أي تغيير وان قرار رفع الاقامة الجبرية عنه لم يدم سوى يومين فقط. ويعرف عن الداعية الشيخ ياسين الذي بدأ حياته معلماً للغة العربية مطلع الخمسينات عدم تشدده حيال النظام المغربي، وسبق وأن قضى فترات سجن متقطعة منذ 1974 قبل ان يوضع في الاقامة الاجبارية اعتباراً من كانون الاول ديسمبر 1989. ويقترن ظهور جماعة "العدل والاحسان" بمجلة "الجماعة" التي اصدرها في 1979، وقد تعرض الكثيرون من اعضائها الى المحاكمات وما زال هناك أكثر من 70 سجيناً منهم رهن الاعتقال.