عندما وافق الشيخ عبدالسلام ياسين مرشد جماعة "العدل والاحسان" الاسلامية المغربية على عقد مؤتمر صحافي إثر رفع الاقامة الجبرية عنه، قال مناصروه ان اللقاء سيكون "الأول والأخير"، في اشارة الى نيته التزامه الصمت، في انتظار بروز مؤشرات جديدة. وكان الخروج الأول للشيخ ياسين الذهاب الى سجن القنيطرة شمال العاصمة الرباط لزيارة اعضاء في جماعته تورطوا في مقتل طالب جامعي قبل سنوات عدة في حي جامعي في وجدة شمال شرقي البلاد. لكنه صرح في غضون ذلك بأنه منع من زيارتهم. ورأت مصادر رسمية في اللفتة اشارة الى ان الجماعة ستضع العفو عن هؤلاء المعتقلين، وعددهم 12 شخصاً، في مقدم مطالبها، خصوصاً ان المجلس الاستشاري لحقوق الانسان استثناهم من عفو شمل مئات المعتقلين لأسباب سياسية، وبرر المجلس هذا الاستثناء بأن عناصر "العدل والاحسان" متهمون بجريمة قتل. إلا أن مصادر حقوقية رأت ان في الامكان ايجاد صيغة وفاقية لافادتهم من العفو، كون التحقيقات القضائية لم تحدد المسؤول المباشر عن القتل. في موازاة ذلك، بدا ان الموقف الرسمي من دور جماعة "العدل والاحسان" يتخذ اتجاهين، الأول يرى ان في الامكان استيعاب الجماعة سياسياً ان رغبت في الانضمام الى حزب سياسي والمشاركة في الانتخابات المقبلة، على غرار تجربة سابقة لاسلاميين انضموا الى حزب الحركة الشعبية الدستورية وخاضوا الانتخابات السابقة، قبل أن يحمل الحزب اسم "العدالة والتنمية". ويرى الاتجاه الثاني ان لا مكان لأي حزب اسلامي في البلاد، كون الدستور يمنع ذلك. لكن مرشد "العدل والاحسان" استبق الموقف وأعلن ان جماعته لا تعتزم المشاركة في الانتخابات، وان هناك من يعتبرها حزباً سياسياً، لكن السياسة "ليست شأنها"، وان تكن بين اهتماماتها. وقد ترك كلامه الباب مفتوحاً أمام احتمالات عدة. الا ان السلطات أبدت المزيد من التشدد حيال نشاطها. وعلم ان الجماعة أبلغت رسمياً باستحالة تنظيم مخيمات صيفية لاعضائها، كما كانت تفعل في السابق، لأن ذلك قد يثير حساسيات الناس في أماكن عامة مثل الشواطئ. الى ذلك قال قريبون من الجماعة ان خلافات بدأت تطفو على السطح بين تيارات متشددة وأخرى معتدلة داخلها. وكان لافتاً ان الناطق الرسمي باسمها فتح الله ارسلان صعّد اللهجة في مواجهة الحكومة لكن السيدة نادية ياسين ابنة الشيخ عبدالسلام رددت، في تصريحات صحافية، طروحات معتدلة، مفادها ان الجماعة ضد مبدأ الاقصاء، وان الفعاليات السياسية تنظر اليها من منطلقات سلبية، أقلها الخوف من تكرار تجربة الجزائر، الأمر الذي رد عليه الشيخ ياسين بتأكيد ان "المغرب ليس الجزائر"، مشدداً على ان جماعته تنبذ العنف. الى ذلك كشفت مصادر رسمية ان قرار الغاء الاقامة الجبرية على مرشد "العدل والاحسان" اتخذ قبل أكثر من شهرين. لكن تنفيذه احتاج الى بروز تطورات سياسية، وقد حدث ذلك حين اشار النائب الاسلامي مصطفى الرميد وضع الشيخ ياسين أمام مجلس النواب. وقالت انه لم تتم اي مفاوضات أو اتصالات في هذا الشأن. وعلى رغم ان فعاليات سياسية عدة أبدت ارتياحها لالغاء الاقامة الجبرية، لكنها تنظر بحذر الى الخطوات المقبلة للجماعة.