تتحول مدينة سلا شمال العاصمة الرباط اليوم مركز استقطاب لمناصري جماعة "العدل والاحسان"، لمناسبة الخروج العلني الاول منذ خمس سنوات لمرشدها الشيخ عبدالسلام ياسين. وبدأت وفود من الزوار تفد الى المدينة منذ الاعلان رسميا لرفع الاقامة الجبرية عن الشيخ ياسين، بيد ان خلو مدينة سلا من فنادق كافية حول مساكن عدة في ضواحي المدينة الى مراكز للايواء . والزائرلبيت الشيخ ياسين في سلا المحاذية للرباط، يشعر ان الحراسة لاتزال مستمرة ، ذلك ان انصارالجماعة التي تعد لخروج زعيمها اليوم الى المسجد في اول خطوة نحو رفع الاقامة الجبرية المفروضة عليه حلوا مكان افراد الامن ويتولون استجواب زوارالبيت الذي ظل مغلقا في وجه وسائل الاعلام لمدة تراوح عشر سنوات. وباستثناء اللقاء المباشر مع الشيخ ياسين او الدخول الى بيته يبقى "كل شيء مسموحاً"، بمعنى اخر ان الحظر لازال مفروضا على الزوار الصحافيين، لكن هذه المرة مصدر المنع ليس الامن المغربي وانما افراد الجماعة الاسلامية. وقالت نادية ياسين ابنة الداعية الاسلامي في مقابلة مع "الحياة" ان والدها "لن يفاجأ الرأي العام اليوم عند ذهابه الى المسجد، وانه سيلتزم الصلاة". واوضحت نادية ياسين التي كان بيتها المجاور لبيت والدها في سلا يغص بالصحافيين ان ماوقع العام 1995 حصل "في اخر اداء الصلاة. كان المصلون يسألون والدي عن احواله وكيفية قضائه سنوات الاقامة الجبرية ورأت الدولة في ذلك مساسا بالقانون المغربي"، مشيرة الى ان جماعة "العدل والاحسان لم تخرق ابدا القانون وانها تحترم القوانين في المغرب". وعن شعور افراد الجماعة والعائلة بعد اعلان رفع الاقامة عن الشيخ ياسين، قالت: "طرنا من الفرح، ونحن مبتهجون جدا لان والدي سيستعيد حريته"، لكنها اضافت ان الجماعة "لم تمل من الحصار المفروض عليها. فالحصار زادنا شهرة، ورفعه في صالحنا ايضا". ورأت في الوضع الجديد للداعية الاسلامي "اشارة الى ان العهد الجديد مغاير للعهد القديم". واستبعدت نادية ياسين من ناحية اخرى الدخول في الحلبة السياسية، وقالت انه "مادامت الجماعة مرفوضة من قبل الديموقراطيين والمجتمع المدني واللائكيين العلمانيين سنختار البقاء خارج اضواء السياسة". وحددت ضوابط تحرك الجماعة الاسلامية في "الاتحاد وعدم التعامل مع الخارج واللاعنف"، مشيرة الى ان "من يحاول مقارنتنا بالجماعات الاسلامية في الجزائر وبلاد اسلامية اخرى تعيش على ايقاع الحرب الاهلية مخطئ ومن يخاف العدل والاحسان لايفهم طبيعتنا المسالمة". الحركة تبدو متثاقلة في محيط بيت الداعية الاسلامي. ويخيل اليك ان المنطقة خالية من السكان باستثناءبعض الزوار القلائل المنتسبين الى جماعة "العدل والاحسان"، جاءت غالبيتهم للاستفسار عن احوال الشيخ ياسين. ومثلما يسود الترقب جوار مسكن الداعية الاسلامية ، خيمت الاجواء نفسها على الصحف المغربية امس التي ابدت جلها تحفظات عن اختيار الشيخ ياسين المسجد كاول موقع لخروجه من البيت ، ولو ان الجماعة تؤكد ان الاختيار تم لاعتبارات دينية لا سياسية. واشارت صحيفة "بيان" اليوم الناطقة باسم حزب التقدم والاشتراكية الشيوعي سابقا الى "حق الشيخ ياسين في ان يكون له نشاط سياسي وان يؤسس اطارا لذلك متى شاء"، لكنها اضافت ان ذلك "لايعني ان من حقه البحث عن امتياز خاص خارج القواعد والضوابط القانونية التي تحترمها وتعمل في اطارها كل القواعد السياسية"، مؤكدة ضرورة ان "لاتتحول المساجد الى مراكز لنشاط سياسي مغلق". ورأت صحيفة "المنعطف" التي يديرها وزير الصيد البحري التهامي الخياري في رفع الاقامة الجبرية عن الشيخ ياسين تكريسا لجهود تعزيز حقوق الانسان في البلاد،لكنها طالبت ب"صون تلك المكاسب وتحصينها امام كل انواع الانزلاقات". وبعد ان اشادت صحيفة "ليبراسيون" الناطقة باسم حزب الاتحاد الاشتراكي الحاكم بحرية الداعية الاسلامي، اضافت ان "الشيخ ياسين حر وحريته شرط الخضوع لمتطلبات الديموقراطية وشروط دولة الحق والقانون". اما صحيفة "رسالة الامة" المعارضة فقالت "اذا كان التوجه الحقوقي في المغرب يأخذ مساره الصحيح باقرار حقوق الانسان وتوسيع الحريات العامة والغاء الاوضاع الشاذة فانه يجب وضع الجميع امام مسؤولياتهم لحماية مسار حقوق الانسان في البلاد". وتلمح الصحف المغربية الى خريف العام 1995 عندما قررت السلطات المغربية رفع الاقامة الجبرية عن الداعية الاسلامي ، بيد انه عوض الصلاة، اختار الدعوة وسط جموع المصلين، وكانت النتيجة العودة الى الاقامة الجبرية.