وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    المملكة تستضيف اجتماع وزراء الأمن السيبراني العرب.. اليوم    تباطؤ النمو الصيني يثقل كاهل توقعات الطلب العالمي على النفط    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    مترو الرياض    إن لم تكن معي    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهادات ل "الوسط" من أشخاص عايشوه أو تابعوه . وديع حداد أطلق "النجم" وعاقبه بعد عملية فينيا

"قبضوا على كارلوس الصغير أما الكبير فقد نجا لأنه مات. كارلوس الكبير هو وديع حداد الذي استقبل الشاب الفنزويللي ودربه وفتح أمامه مصنع الباسبورات المزورة وشبكة السلاح والمتفجرات الممتدة من الشرق الأوسط الى أوروبا وأميركا اللاتينية وغيرها.
هكذا أجاب على أسئلة "الوسط" أحد عارفي حداد وأضاف: حتى ولو حكى كارلوس فان الرواية ستبقى ناقصة. حداد كان المهندس الذي يمسك الخيوط والتفاصيل والمعلومات. صنع حداد النجم الذي افتقر بعد غيابه الى العقل الكبير الذي كان يحركه والدليل ان غياب حداد حوّل كارلوس الى ما يشبه الارهابي المتقاعد الذي يبحث عن ملجأ".
واعترف المتحدث ان كارلوس يشكل صيداً ثميناً للأجهزة الأمنية الفرنسية والغربية مشيراً الى ان اعترافاته يمكن ان تؤدي الى توريط تنظيمات ودول. وقال: برغم ان ملف كارلوس هو ملف من العالم القديم فان السؤال هو عن الطريقة التي سيتم فيها استخدام اعترافاته ضد من ساعده أو وفر له الحماية. طبعاً مع التساؤل عما اذا كان تم تسليمه بموجب صفقة وما هو مضمونها؟
كيف بدأت رحلة ايليتش شانشز راميرز مع "الكفاح المسلح" أو الارهاب وكيف ولد كارلوس الذي حولته مخيلات الصحافيين ورجال الأمن الى ما يشبه الأسطورة وكيف دخل من باب النزاع العربي - الاسرائيلي الى "امبراطورية الارهاب".
أشرف أبو علي مصطفى نائب الأمين العام لپ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" على المعسكرات التي تابع فيها كارلوس تدريباته الأولى وروى لپ"الوسط" ما يعرفه عن "المناضل الأممي".
أبو علي مصطفى مناضل أممي
قال أبو علي مصطفى: "التحق كارلوس كمناضل في 1969 بقواعدنا العسكرية في الأردن وعمل معنا حتى مطلع السبعينات وكان يمتاز بالشجاعة والاخلاص والصفات الايجابية. بعد نهاية 1971 لم نكن على اتصال معه وكانت تربطه علاقات بقوى في اميركا اللاتينية. انه مناضل أممي قدم الكثير من أجل القضية الفلسطينية ويحظى لدينا باحترام. في تلك الفترة كانت علاقتنا وطيدة مع الكثير من القوى وحركات التحرر في العالم وبينها بعض الأحزاب في أميركا اللاتينية وكان كارلوس معروفاً بتوجهاته الماركسية - اللينينية.
عندما التحق بنا كان قادماً من فنزويلا. قرأت في الصحف انه درس في جامعة لومومبا في موسكو. كنت أعرف انه درس في بلد في أوروبا الشرقية وتعرف على القضية الفلسطينية من خلال رفاقنا".
وعن علاقة كارلوس بوديع حداد يقول: "بعد ضرب المقاومة الفلسطينية في الأردن في 1970 وما تلاها من أحداث في جرش وعجلون انتقل الجسم الرئيسي للمقاومة الى لبنان. وهناك التقى حداد مع كارلوس الذي كان مناضلاً نشطاً يتقن لغات عدة ومعروفاً من غالبية قيادات الجبهة وكوادرها. كانت بيروت آنذاك مركزاً تتواجد فيه فصائل وتنظيمات دولية مختلفة.
بالنسبة الى حجم دوره في العمليات يمكن القول انه كان جزءاً من مجموعة فنمط العمليات يفرض تعاون مجموعات وقوى منتشرة في أوروبا وليس باستطاعة شخص تنفيذها بمفرده. لقد برز اسم كارلوس كشخص في عملية احتجاز وزراء اوبك في فيينا. ولم تكن للجبهة الشعبية علاقة بهذه العمليات".
"الشعبية" ليست مسؤولة
ويؤكد أبو علي مصطفى ان علاقة كارلوس بپ"الشعبية" كانت مقطوعة قبل عملية فيينا بوقت طويل مشيراً الى ان وديع حداد "كان يعمل بطريقته الخاصة ولا استطيع ان أقول ان الجبهة كانت مسؤولة عن تنفيذ هذا النوع من العمليات. لقد كانت هناك خلافات في الرأي حول بعض النشاطات التي قام بها الشهيد وديع حداد وترتبت عليها نقاشات واسعة داخل الهيئات المركزية الأمر الذي أدى الى انقطاع الشهيد وديع عن الجبهة لفترة من الفترات".
"لا علاقة له بأورلي"
وعن علاقة كارلوس بعدد من العمليات التي نفذت مثل عملية مطارات اللد وميونيخ وأورلي وغير ذلك قال: "أريد أن أوضح ان عملية مطار أورلي نفذها الشهيد محمود عواضة وأعلنت الجبهة الشعبية مسؤوليتها عنها في ذلك الحين، وكانت تستهدف اسقاط طائرة لشركة العال الاسرائيلية، ولم يكن لكارلوس علاقة على الاطلاق بتنفيذ هذه العملية، كما ان عملية مطار اللد نفذت بالتعاون مع الجيش الأحمر الياباني، وقد أشرنا الى ذلك مراراً في أدبياتنا ولم تكن لكارلوس معرفة بها، أما عملية ميونيخ فقد نُفذت من قبل "أيلول الأسود" لقد نفذت عمليات كثيرة في السنوات العشرين الأخيرة وكان اسم كارلوس يرتبط بها، لكن ليس هناك ما يؤكد ضلوعه فيها. ولم تكن لنا علاقة به في السنوات الأخيرة التي سبقت اعتقاله".
وبالنسبة الى ظروف اعتقال كارلوس قال أبو علي مصطفى: "لا توجد لدي معلومات عن هذه القضية، لكنني لم أصدق ان دولة مثل السودان تعلن شعارات مثل مقاتلة الامبريالية ورفع راية الاسلام من جهة، وتقوم بتسليم شخص قدم خدمات جليلة للقضية الفلسطينية أثناء سنوات نضاله في صفوفها، كان على السودان ان يتولى ابعاده بدل ان يقوم بتسليمه الى فرنسا".
ويشدد على انه لم تكن لكارلوس أي علاقة بعملية أورلي ويقول: "لقد نفذت من قبل كوادرنا ولا علاقة لكارلوس بها. اننا لن نتخلى عن قول الحق حتى ولو كان الرجل خلف القضبان، لقد ناضل في صفوف شعبنا وقدم خدمات لقضيتنا، ونحن نفتخر بمشاركته لنا. كانت لكارلوس طريقة في العمل تختلف عن اسلوبنا في العمل. ان عمله يأخذ دائماً طابع السرية في علاقاته بالآخرين، كما انه لا يتحدث عن صلاته وتحركاته وكل هذا يأتي من باب الحذر. انه يتمتع بذكاء حاد وبشجاعة ويتميز بدرجة عالية من العناد والتصميم. وهو لا ييأس أبداً".
قارئ نهم
ويصف كارلوس قائلاً "معرفته جيدة، انه مثقف، يقرأ بنهم، يواظب ويهتم بالمعرفة الفكرية والسياسية، ووالده بالأساس رجل شيوعي معروف، وهو من عائلة مثقفة. كان رياضياً من الطراز الأول، وتجربتي معه في القطاعات العسكرية بصفتي مسؤولاً عسكرياً لقوات الجبهة الشعبية في ذلك الحين، تظهر انه نشيط وحيوي ويحب التدريب، وهو من النوع الذي لا يتعب، فاذا أخذت مجموعة عسكرية في مسيرة لمدة أربع ساعات يتعب أفراد المجموعة، في حين هو يبدي استعداداً لاكمال المسيرة. له قدرة كبيرة على التحمل والجلد، ويبتسم في الملمات والصعوبات".
قاتل في الأردن
ويقول أبو علي مصطفى ان كارلوس تدرب في جرش وقاتل في معارك جرش وعجلون وشارك في دوريات قتالية ضد الاسرائيليين وأقام لاحقاً في بيروت. ويتذكر انه عرفه منذ الساعات الأولى لوصوله الى المعسكر "وكان يعبر عن ايمانه الراسخ بمناصرة الشعوب المقهورة واستعداده للتضحية في سبيل القضايا العادلة". ويعرب عن اعتقاده ان كارلوس تعرف على عناصر "بادر ماينهوف" و"الألوية الحمر" و"الجيش الأحمر" في بيروت.
مسؤول فلسطيني آخر، اشترط عدم ذكر اسمه روى لپ"الوسط" قصة كارلوس على الشكل الآتي:
قال: في أواخر العام 1969 حضر الى مقر مجلة "الهدف" في بيروت شاب قال انه جاء متطوعاً وهدفه خدمة القضية الفلسطينية ومحاربة خصومها. وفي تلك الفترة كان مقر "الهدف" العنوان الذي يصل اليه الراغبون في التطوع أو في الاتصال بپ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" التي يتزعمها الدكتور جورج حبش.
كان الشاب الوافد من موسكو يحمل معه حقيبته ويتحدث بهدوء وتهذيب لكن كلامه أوحى بما يحمله في داخله من تصميم. استقبل غسان كنفاني وعدد من المسؤولين الشاب الذي أوضح انه اطلع على القضية الفلسطينية من خلال الشباب الفلسطيني الموجود في موسكو وخصوصاً في جامعة باتريس لومومبا وان نهج الجبهة الشعبية استوقفه وأثار اهتمامه.
تم ارسال الشاب الأنيق والبشوش الى مقر لپ"الجبهة الشعبية" في مخيم شاتيلا حيث تابع تدريبات لمدة شهرين تقريباً ثم ارسلته الجبهة الى أحد معسكراتها في منطقة جرش في الأردن والتقى هناك بالدكتور حبش وأعضاء القيادة".
كارلوس وحداد والروشة
وأضاف: "أقام كارلوس في الأردن وقاتل في الصدامات التي حصلت هناك وحين اخرجت المقاومة في آب اغسطس 1971 ارسل الى لبنان ووضع في تصرف وديع حداد وأقام في شقة من الشقق المفروشة وراء بناية شل في محلة الروشة. لمس حداد قدرات لدى الشاب الفنزويلي الذي يتقن الانكليزية والفرنسية والروسية اضافة الى الشجاعة والتصميم. اخضعه حداد لتدريب خاص استغرق ثمانية أشهر تأكد خلالها من انه منفذ جيد. كان حداد يتحدث عن كارلوس الهادئ والذكي وبدا انه يراهن عليه. وكان كارلوس يكن اعجاباً وتقديراً لحداد ويناديه دائماً "الماستر".
في تلك الفترة بدا ان كارلوس صار جاهزاً للعمل. أظهر انضباطاً كاملاً وبدا ان نار الثورة تغلي في عروقه وانه ينتظر اللحظة المناسبة لاثبات وجوده. كان كارلوس يتجول ويرتاد المطاعم ويحب الحياة لكن بدا ان العداء للرأسمالية والظلم هو القوة المحركة لسلوكه. نشأت بين حداد وكارلوس علاقة ثقة دفعت الأول الى تكليفه بعمليات استطلاع في أوروبا وأميركا اللاتينية وغيرها. وأظهر كارلوس لاحقاً قدرة على الاتصال والتفاهم مع جماعات مسلحة يابانية وألمانية ومن جنسيات أخرى وعينه حداد مسؤولاً عن مجموعة وامتلك بالتالي القدرة على اتخاذ القرار اثناء تنفيذ العمليات وفي ضوء الظروف.
كان كارلوس يتجول بباسبورات مزورة وأسماء مستعارة وكان لدى حداد معمل كامل لانتاج الجوازات والتأشيرات. وفي تلك الفترة زار كارلوس بغداد كما زار مرات عدة معسكراً تابعاً لحداد في اليمن الجنوبي. لم تكن لكارلوس علاقات بأنظمة تلك الدول أو أجهزتها فالعلاقات كانت تمر عبر وديع حداد وفي اطار من السرية بما فيها المحطات التي كان يقيم فيها في أوروبا الشرقية والتي كان يدخلها في البداية من دون علم سلطاتها بحقيقة شخصيته".
حداد يعاقب كارلوس
ويقول المسؤول الفلسطيني: "لم يكن كارلوس عميلاً لپ"كي. جي. بي" أو لأي استخبارات أخرى حين كان يعمل مع حداد. لكن العلاقة بين الرجلين تراجعت بعد عملية خطف وزراء النفط أثناء اجتماع أوبك في فيينا. تعليمات حداد الذي كان موجوداً في بغداد آنذاك كانت تقضي بعدم التوصل الى أي تسوية والتمسك بحرفية المطالب ولو أدى الأمر الى اعدام بعض الوزراء. خلال العملية أبرم كارلوس تسوية وحين عاد الى بغداد استقبله حداد بعبارة حاسمة: "ادخل الى غرفتك واغلق الباب" وكان يريد ان يفهمه ان دوره قد انتهى ولن يكلف مهمات جديدة".
محطات انتظار
ويتابع المسؤول الفلسطيني: "بعد غياب حداد انتهى كارلوس عملياً وحاول ان يؤسس تنظيمه وانشغل بالعثور على ملجأ في الشرق الأوسط أو أوروبا الشرقية. وتمكن سليم أبو سالم الذي أخذ مكان حداد من ترتيب اقامة كارلوس في سورية فأقام فيها جزءاً كبيراً من الثمانينات وبعد بدء عملية السلام طالبت الولايات المتحدة سورية بترحيله لكن ليبيا أعادت الهدية ورفضت صنعاء استقباله بعدما أمضى اسبوعاً في المطار مع طفلته وزوجته ووالدتها وحقيبة تحوي نحو مليون دولار. رفضت اليمن استقباله ووافق السودان خصوصاً وان كارلوس كان أقام بعض الصلات مع عناصر أصولية".
المكتب الثاني اللبناني
ويقول المسؤول الفلسطيني ان الحادث الذي دفع كارلوس الى قتل اثنين من رجال الأمن الفرنسيين بدأ حين أبلغ المكتب الثاني اللبناني الأجهزة الفرنسية ان كارلوس غادر بيروت الى باريس. وكان يفترض ان يستقبل كارلوس ميشال مكربل لكنه شعر ان الأخير جاء بصحبة اثنين من رجال مكافحة التجسس فأطلق النار عليهم وتمكن من المرور عبر المطار ومغادرة الأراضي الفرنسية.
ويؤكد المسؤول انه لم تكن لكارلوس علاقة بمهاجمة الرياضيين الاسرائيليين في ميونيخ ولا بالهجوم في مطار اللد لافتاً الى ان زوجة كارلوس عملت هي الأخرى مع حداد وكان اعتقالها في فرنسا من اسباب تركيز كارلوس على أهداف في هذا البلد.
وأكد مصدر رافق موضوع كارلوس انه كان يتردد على معسكر لحداد في شرق عدن وكان يحمل جواز سفر يمنياً جنوبياً.
بعد 1980 أغلق الرئيس اليمني الجنوبي آنذاك علي ناصر محمد معسكرات حداد لكن كارلوس ووفق المصدر نفسه عاد بعد 1986 وزار صنعاء وعدن وكلف عمليات بينها محاولة اغتيال علي ناصر والتي احبطت بعد تدخل أحد أجهزة الأمن العربية.
وأضاف المصدر ان علاقات حداد وكارلوس كانت في اطار تعاون بين أجهزة الاستخبارات في اليمن الجنوبي والفصائل الفلسطينية. علماً ان الاستخبارات في عدن كانت تنسق نشاطاتها مع الاستخبارات في موسكو وبرلين الشرقية.
أبو العباس: لم أره
وسألت "الوسط" محمد عباس أبو العباس زعيم جبهة التحرير الفلسطينية عن كارلوس فقال انه لم يره في حياته. وأوضح ان كارلوس كان يعمل مع وديع حداد ولم تكن له علاقات تذكر خارج "الجبهة الشعبية" وان كانت له علاقات فلسطينية أخرى فهي محدودة.
وأضاف: "لم ينفذ كارلوس أي برنامج فلسطيني الا حين كان يعمل في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. ومطاردته حين كان في فرنسا تمت بناء على نشاطه الفلسطيني، ومجموع العمليات التي سجلت باسمه لاحقاً، لم تكن أعمالاً لخدمة النشاط الفلسطيني وأهدافه. عملية فيينا لم تكن لمصلحة الفلسطينيين، كا ان نشاطات أخرى لم تأت في اطار عملنا الفلسطيني المباشر". وعما اذا كان كارلوس عمل لحساب أجهزة عربية. قال: "لا أريد أن أخوض في قضايا من هذا النوع، لا سيما وان الرجل مسجون، ولا بد ان يكشف ما يخبئه من أسرار ولو بشكل يسير، لكن هذا النزر اليسير سوف يقيد التحقيق في معرفة من كان وراء طلب تنفيذ هذه العمليات. ان نشاط كارلوس في الاطار الفلسطيني انتهى بنهاية علاقته بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في منتصف السبعينات. انني غير واثق بأن لكارلوس علاقة بمعظم العمليات التي نُفذت بعد ذلك وأُلصق اسمه بها"
وعن احتمال وجود اكثر من كارلوس قال: "كل شيء محتمل، الضجّة الاعلامية التي رافقت عمليات كارلوس في فرنسا في النصف الثاني من السبعينات أعطته هذه الهالة. والأكيد ان بضع عمليات نُفذت ونُسبت الى كارلوس، ولا علاقة له بها لا من قريب او بعيد. انني أتحدث عن نمط من العمليات لم يأت في الإطار الفلسطيني المباشر، انه لم يستهدف مؤسسات تستهدفها عادة فصائل فلسطينية داخل الارض المحتلة او خارجها.
وبشأن وجود كارلوس ومجموعات مسلحة اجنبية مع المنظمات اليسارية الفلسطينية قال: "لقد كانت الثورة الفلسطينية في السابق ملتقى للكثير من المنظمات الدولية المتمردة على حكوماتها او المناضلة لاسترداد حقوق شعبها، وقد نجح وديع حداد كقائد فلسطيني في ربط أوثق العلاقات مع منظمات اوروبية وآسيوية كان يصفها الغرب بالتطرف.
روابط وديع حداد بهذه المنظمات ميّزت عملياته التي نُفذت سواء في مطار اللد عبر الجيش الاحمر الياباني او غير ذلك من عمليات، وكان لهذا النشاط فلسفته وتبريراته. وفي النصف الثاني من السبعينات بدأ كارلوس يتحول من نشاطه الفلسطيني الى اتجاهات جديدة اخرى عربية وغير عربية".
ويعارض ابو العباس نبش الماضي ويقول عن تسليم كارلوس: "لا اعرف التفاصيل وظروف السودان وغيره، لكن لا اعتقد ان هذه العملية تمت بهذه البساطة. وهناك اسئلة عدة بحاجة الى اجوبة مثل، متى وصل كارلوس الى السودان، واين كان يقيم، وماذا كان يفعل، والبيان السوداني لم يصغ بعبارات قوية ومقنعة. ان تسليم كارلوس هو عمل اعلامي قبل ان يكون عملاً مادياً".
يالوب: علاقة بين كارلوس وابو نضال
فور الاعلان عن اعتقال كارلوس تسلّطت الاضواء على الخبير البريطاني ديفيد يالوب الذي تعقب آثار كارلوس على مدى سنوات وعاد بكتاب شهير بعنوان "حتى نهاية العالم" وبفيلم وثائقي ايضاً.
قال يالوب رداً على اسئلة "الوسط" انه التقى كارلوس الحقيقي في دمشق عام 1989 بعدما كان التقى مرتين في سهل البقاع اللبناني في 1985 بشخص ادعى انه كارلوس.
وذكر يالوب ان سورية هي وراء تسريب الانباء عن وجود كارلوس في السودان و"لديّ معلومات مؤكدة حول ذلك وللأمر علاقة بإظهار النوايا الطيبة حيال عملية السلام والابتعاد عن تهمة دعم الارهاب".
وذكر يالوب ان كارلوس كان ينفذ تعليمات حداد بشكل كامل حتى عملية فيينا وان حداد شعر بالارتياب لأن هذه العملية نُفذت لصالح العراق.
وعن علاقة كارلوس بأبو نضال قال: "لقد كانت علاقتهما وطيدة، لقد التقيت ابو نضال في طرابلس الغرب، وكان يحدثني عن علاقته بكارلوس، كان ذلك قبل ثلاثة اسابيع من تفجير طائرة بان اميركان فوق اسكتلندا في نهاية العام 1989. قال لي ابو نضال وهو مخمور، بأنه لم يرَ كارلوس منذ فترة لكن احساسي انهما كانا على اتصال. وهناك الكثير من معارف كارلوس واصدقائه يقولون دائماً انهم لم يروا كارلوس منذ زمن.
لم يقم كارلوس بعملية ارهابية منذ مطلع العام 1980، وكانت آخر عملياته تلك التي نفذها في فرنسا وبعد ذلك تحوّل الى التجارة ببيع الاسلحة والمخدرات. ربما ذهب الى السودان للقاء ابو نضال الذي توجد له فيها قواعد ومعسكرات تدريب".
ورداً على سؤال عن اقامة كارلوس في عدن في منتصف السبعينات قال: "كان كارلوس يتمتع بنفوذ قوي، وقد كشف لي بيتر بوك أحد اعضاء منظمة بادر ماينهوف، نزيل أحد السجون الالمانية في الوقت الحاضر ان كل العناصر الاجنبية التي تعمل في حقل النشاطات الارهابية في الخارج كانت تصادر جوازات سفرها بعد وصولها الى عدن، وكانت السلطات تحتفظ بجوازاتهم الى ان يطلبها وديع حداد، اما كارلوس فكان يتصل بنفسه ويستعيد جواز سفره في الوقت الذي يطلبه من السلطات الامنية.
وعن الاسرار التي يمكن ان تكشفها محاكمة كارلوس قال: "ستكون مادة كافية لإصدار عشرات الكتب والمجلات. لكن تقديري هو انه سيحاول التفاهم مع السلطات الفرنسية من اجل التوصل الى اتفاق. انه قطعاً لن يقضي كل بقية حياته في السجن، فهو اما سيُقتل او سيُفسح له المجال للهرب".
وتوقع يالوب ان يركّز الفرنسيون الاضواء على ليبيا بعد التحقيق مع كارلوس لأنهم يسعون الى أدلة اضافية ضد نظام القذافي.
وديع حداد
وديع حداد هو استاذ كارلوس وقائده. وتدل سيرة الثاني كم انه ضاع بعد ان مات الأول، بسرطان الدم في برلين البعض يقول مسموماً!. كان وديع حداد رفيق صبا جورج حبش. كبرا معاً ودرساً معاً وناضلاً معاً. كان وإياه في الجامعة الأميركية في بيروت عندما "ضاعت" فلسطين عام 1948. عادا لبعض الوقت قبل ان يغادرا. لعبا دوراً محورياً في تأسيس "حركة القوميين العرب" وفي تزويدها الكلمات القليلة التي شكلت ترسانتها الفكرية: وحدة، شباب، ثأر، عودة…
بعد عمليات محدودة ضد الكيان الجديد انخرض وديع حداد في عمل سياسي لا يستهويه كثيراً. واكب، مع تأخر طفيف في كل مرة، المنعطفات الفكرية لپ"حركة القوميين العرب" وذلك الى ان عم الكفاح المسلح بعد عدوان 1967. تولى حداد في اطار "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، مسؤولية العمل في الخارج واثبت انه، من غير شك، أحد كبار العقول المدبرة والمخططة والمنفذة لپ"العنف الثوري" على امتداد العالم. حتى انه يقال عنه انه كان يحفط غيباً مواعيد اقلاع ووصول الطائرات في عدد لا يحصى من المطارات. عقد صلات متينة مع عدن الثورية رفاقه في "الحركة" ثم في التحول اليساري. ومع جزائر هواري بومدين غير ان ميزته تبقى تلك الشبكة الواسعة جداً من العلاقات مع كوكبة من التنظيمات على امتداد الكرة الأرضية. لم يكن كارلوس سوى ذراع من هذه الأذرعة.
تميز وديع حداد فضلاً عن ميله الى "العمل المباشر" عوضاً عن "التنظير" بخصلتين: القدرة الهائلة على التنكر و"الوفيات المتكررة". استفاد من كونه طبيباً ليطبق على نفسه "جراحات تجميلية" تجعله يتغير كل مرة ويصبح غريباً حتى عن أقرب المقربين اليه. وبلغ احترامه للسرية حداً دفع به غير مرة الى اعلان "استشهاده" وحضور جنازته شخصياً!
حاول كارلوس ان يتعلم منه، تغير انما من باب السمنة و"توفي" مرة واحدة فقط ثم وقع في الأسر بأسهل ما يمكن!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.