لندن - "الحياة" - منذ وفاة الدكتور وديع حداد في برلينالشرقية في 28 آذار مارس 1978 التزم رفاقه في "المجال الخارجي" ل"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" صمتاً كاملاً حول سيرة الرجل وقصة العمليات التي خطّط لها وهزّت العالم في السبعينات وبينها عمليات خطف الطائرات. وضاعف هذا الصمت الغموض المحيط اصلاً بأعمال حداد الذي عاش متنقلاً بين المقرات السرية، ناسجاً أوسع شبكة علاقات مع "مجموعات ثورية" متعددة الجنسيات صنّف الغرب ممارساتها في خانة "العمليات الارهابية". للمرة الولى وافق "أقرب الرفاق" الى حداد على التحدث عنه وعن "المجال الخارجي" والعمليات وهو ما تنشره الشقيقة "الوسط" في تحقيق طويل، بدءاً من عددها الجديد غداً، يتضمن ايضاً حواراً مع نجله هاني وصوراً غير معروفة للقائد الفلسطيني ورسائل بخط يده. يكشف التحقيق جملة محطات بينها اللقاء الذي عقد في عدن في كانون الثاني يناير 1976 بين حداد وكارلوس وأفضى الى الطلاق بينهما. وذكرت "الوسط" ان الاجتماعات التي حضرها شخص ثالث استغرقت اكثر من 12 ساعة. ونقلت عن المطلعين على ما دار في الاجتماعات انها بدأت بعرض قدّمه كارلوس الفنزويللي ايليتش راميريز سانشيز لتفاصيل تنفيذ عملية احتجاز وزراء نفط "اوبك" في فيينا في 21 كانون الاول ديسمبر 1975. وأضافت ان حداد سأل كارلوس لماذا اجتهد خلال التنفيذ وامتنع عن تطبيق التعليمات بحرفيتها وهي كانت تقضي بأن يمتنع كارلوس عن كشف هويته وان يعدم الوزيرين الايراني والسعودي. وأوضحت ان "سالم" الاسم الذي أطلقه حداد على كارلوس ردّ مبرراً ان العملية حققت هدفها الاعلامي وان تنفيذ الاعدام كان سيلوثها بالدم وانه اضطر الى كشف هويته بعدما تعرّف عليه الوزراء من لكنته وصوره. ونقلت "الوسط" عن المصادر نفسها ان كارلوس نفى علمه بأي حديث عن فدية وتباينت وجهات نظره مع حداد الذي خاطبه قائلاً: "نحن في معركة ولسنا فريق كشّافة". وطلب حداد من كارلوس الذهاب الى معسكر عدن ففعل. ولاحقاً وفي ضوء قناعة حداد بأن تكليف كارلوس مهمات جديدة أمر غير وارد في المدى المنظور غادر كارلوس الى بغداد مفترقاً عن حداد الذي حرص على ان يضمن له إقامة آمنة في بغداد. ويكشف التحقيق ايضاً كيف نجح المجال الخارجي في ارغام المانيا الغربية في 1972 على دفع خمسة ملايين دولار مقابل الافراج عن طائرة ال"لوفتهانزا" التي خطفت الى عدن. وقال المطلعون على "العملية المالية" ان الغرض منها كان حلّ المشكلة المالية التي كانت تعيشها "الجبهة الشعبية" ومعاقبة بون على المساعدات التي تقدمها لاسرائيل، ورووا وصول الموفد الالماني الى مطار بيروت مع الحقيبة والمبلغ وكيف تم التسليم في صيدا وأُعطيت كلمة السر التي أدت الى الإفراج عن الطائرة.