نائب أمير الشرقية يستقبل مدير عام التعليم    المرأة السعودية أثبتت كفاءتها في سوق العمل وارتفعت نسبة تقلدها للمناصب القيادية    NHC تطلق مشروعًا تعليميًا في وجهة خزام بمعايير عالمية بالشراكة مع مجموعة مدارس الرياض    أمريكا تحذر من هجوم روسي كبير على أوكرانيا    وزير الدولة للشؤون الخارجية يستقبل نائب وزير خارجية جمهورية طاجيكستان    أمير الشرقية يرعى حفل تكريم الأسرة الحاضنة المتميزة في المنطقة    حرس الحدود يحبط محاولات تهريب 939 كيلوجرامًا من الحشيش المخدر و82,409 أقراص من مادة الإمفيتامين    استخدام «الجوال» أثناء قيادة المركبة يتصدّر مسببات الحوادث المرورية في منطقة المدينة المنورة    المملكة ترسّخ ريادتها "الإنسانية" باستضافة مؤتمر "التوائم الملتصقة"    استشهاد وفقد 20 فلسطينياً في قصف إسرائيلي على منزل بمخيم جباليا    "السعودية للكهرباء" و"كاوست" تطلقان أول مشروع بحثي من نوعه على مستوى العالم لاحتجاز الكربون في محطة توليد رابغ    ارتفاع أسعار الذهب    دراسة التوجهات الدولية في العلوم والرياضيات والمعروف ب TIMSS    هوكشتاين من بيروت: ألغام أمام التسوية    أمير تبوك: «البلديات» حققت إنجازاً استثنائياً.. ومشكلة السكن اختفت    السواحة: ولي العهد صنع أعظم قصة نجاح في القرن ال21    «الشورى» يُمطر «بنك التنمية» بالمطالبات ويُعدّل نظام مهنة المحاسبة    «الوظائف التعليمية»: استمرار صرف مكافآت مديري المدارس والوكلاء والمشرفين    G20: انضمام المملكة للتحالف الدولي ضد الجوع والفقر    نائب أمير جازان يطلع على جهود تعليم جازان مع انطلاقة الفصل الدراسي الثاني    فيتو روسي ضد وقف إطلاق النار في السودان    القافلة الطبية لجراحة العيون تختتم أعمالها في نيجيريا    مصير «الأخضر» تحدده 4 مباريات    ياسمين عبدالعزيز تثير الجدل بعد وصف «الندالة» !    تحالف ثلاثي جامعي يطلق ملتقى خريجي روسيا وآسيا الوسطى    المملكة تتسلّم علم الاتحاد الدولي لرياضة الإطفاء    22 ألف مستفيد من حملة تطعيم الإنفلونزا بمستشفى الفيصل    فرص تطوعية لتنظيف المساجد والجوامع أطلقتها الشؤون الإسلامية في جازان    «هجوم» بلا أهداف    سهرة مع سحابة بعيدة    الرومانسية الجديدة    واعيباه...!!    الشؤون الإسلامية في جازان تقيم عدد من الفعاليات التوعوية والتثقيفية وتفتح فرصاً تطوعية    أمير القصيم يستقبل السفير الأوكراني    رهانات زيارة ماكرون للمملكة العربية السعودية    كلب ينقذ سائحاً من الموت    25% من حوادث الأمن السيبراني لسرقة البيانات    سفارة كازاخستان تكرم الإعلامي نزار العلي بجائزة التميز الإعلامي    إدارة الخليج.. إنجازات تتحقق    في مؤجلات الجولة الثامنة بدوري يلو.. النجمة في ضيافة العدالة.. والبكيرية يلتقي الجندل    المعداوي وفدوى طوقان.. سيرة ذاتية ترويها الرسائل    القراءة واتباع الأحسن    جمع الطوابع    تعزيز البنية التحتية الحضرية بأحدث التقنيات.. نائب أمير مكة يستقبل رئيس الشؤون الدينية    صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين.. استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    نجوم العالم يشاركون في بطولة السعودية الدولية للجولف بالرياض    أرامكو توسع مشاريع التكرير    مراحل الحزن السبع وتأثيرتها 1-2    الاستخدام المدروس لوسائل التواصل يعزز الصحة العقلية    تقنية تكشف أورام المخ في 10 ثوانٍ    نائب وزير الدفاع يلتقي وزير الدولة لشؤون الدفاع بجمهورية نيجيريا الاتحادية    نائب أمير مكة يستقبل رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي    محافظ الطائف يستقبل الرئيس التنفيذي ل "الحياة الفطرية"    مجمع الملك فهد يطلق «خط الجليل» للمصاحف    أمير تبوك يستقبل المواطن ممدوح العطوي الذي تنازل عن قاتل أخيه    سلطنة عمان.. 54 عاماً في عز وأمان.. ونهضة شامخة بقيادة السلطان    163 حافظا للقرآن في 14 شهرا    لبنان نحو السلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا يحسد بن لادن على نجوميته ، ضحك كثيراً عندما بلغه نبأ اعتقال الترابي ، انقذ الملك عبدالله من خطة لخطفه . كارلوس ل"الحياة": مجموعة منظمات غاضبة من القصف الاميركي للعراق اجتمعت في 1991 وفكرة صدم مركز التجارة العالمي بطائرة مدنية اقترحها مرتضى بوتو
نشر في الحياة يوم 11 - 09 - 2002

قبل أن يستحق أسامة بن لادن صفة أشهر مطلوب في العالم، تمتع كارلوس بهذه الصفة على مدار ربع قرن قبل أن يحمل صفة أشهر سجين في العالم. عشية الذكرى الأولى لهجمات نيويورك وواشنطن أرسلت "الحياة" إلى كارلوس مجموعة أسئلة عن هجمات 11 أيلول سبتمبر وبن لادن ومحطات أخرى وتلقت أجوبته من سجنه الفرنسي بخط يده وهنا نص الحوار:
كيف عرفت بهجمات 11 أيلول سبتمبر 2001، وماذا كان شعورك لدى مشاهدتك انهيار برجي مركز التجارة العالمية؟ هل تمنيت لو انك كنت وراء هذه الهجمات؟ وهل يبرر الحقد على الولايات المتحدة قتل آلاف المدنيين؟
- تابعت أخبار الهجوم من دون توقف منذ بدايته. ولا يمكنني ان أصف ذلك الشعور الرائع بالارتياح. وخطر لي ان تضحيتي الكبرى في الخرطوم لم تذهب هدراً.
في ربيع 1991 بعد الهجمات الجوية التي الحقت دماراً هائلاً بالعراق، حضرت اجتماعاً مثيراً لكوادر من منظمات معادية للامبريالية من مختلف المنابت والايديولوجات. وتم فيه التوصل في شكل عفوي وغير رسمي الى ضرورة الرد بتفجيرات في الولايات المتحدة. وطرح الشهيد مير مرتضى بوتو، الأمين العام لمنظمة "ذو الفقار" الباكستانية، فكرة صدم المركز العالمي للتجارة في نيويورك بطائرة، وليس الاقتصار على الأهداف المرشحة بداهة في واشنطن. الولايات المتحدة بالطبع بلد عظيم، بشعب ينشط في العمل، لكنه على قدر كبير من السذاجة. انه شعب عظيم حقيقة لا يستحق كره العالم بأسره. مع ذلك فلا بد لكل محب للعدالة أن يكره الامبرياليين الأميركيين، الطغاة الأسوأ في تاريخ الانسانية.
ضحايا الهجوم على البنتاغون لم يكونوا من المدنيين. أما مركز التجارة العالمية والمباني المجاورة فقد كان فيها الكثير من كبار العاملين في دوائر الاستخبارات. يبقى من الصحيح ان الغالبية الساحقة من الضحايا هناك كانوا من المدنيين العاملين في المضاربات المالية الأميركية الموجهة ضد بقية العالم، التي تكلف سكان العالم الثالث يومياً مليون ضحية من جراء الجوع وسوء التغذية والأمراض القابلة للعلاج.
هل تعتبر هجمات 11 أيلول ارهاباً؟ وما هو رأيك بأسامة بن لادن؟ هل التقيته قبل دخولك السجن أو هل حصلت مراسلات بينكما؟
- بمعنى واحد فقط، وهو انهم أرعبوا العدو في كل انحاء العالم. إن من المذهل ان واحداً من ابناء رجال الاعمال يختار ترك حياة الرفاه ليشارك في مقاومة السوفيات في أفغانستان، حيث تمكن من استعمال ثروته الخاصة لتعبئة وتدريب وتسليح وادامة فيلق من المجاهدين الأجانب، وقيادته في المعارك لاحقً.
وقد تقاطع دربانا في بيروت أوائل السبعينات، حيث كان اسامة في شبابه يقضي اجازاته في لبنان.
قبل 1994 كنت نجماً والمطلوب الرقم واحد في العالم، والآن احتل بن لادن هذا الموقع، هل تشعر بالغيرة من نجوميته؟ هل تعتقد بأنه لا يزال حياً وأي مستقبل تتوقع له؟
- الغيرة عاطفة منحطة مرفوضة. وأنا فخور بسير الشيخ اسامة بن لادن والمجاهدين الحقيقيين على الطريق الذي افتتحه الشهيد وديع حداد ورفاقنا وأنا.
آمل انه لا يزال حيّاً. واذا لم يكن قد نال الشهادة فلا بد انه سيلعب دوراً حاسماً ....
قبل دخولك السجن وقعت سلسلة أحداث بينها تفجير مقهى "لابيل" في برلين وانفجار "لوكربي" وانفجار طائرة "يوتا"، هل كانت لك أي علاقة بهذه الأحداث؟ هل تعتبر أن للشاب الليبي عبدالباسط المقرحي المعتقل علاقة فعلية بانفجار "لوكربي"، وهل لديك معلومات عن الجهات التي وقفت وراء هذه التفجيرات؟
- اننا لا نتحمل اي مسؤولية عن هذه الأحداث. لكن كان لدينا بعض المعلومات عن قضيتي "لا بيل" و"لوكربي".
ونعرف أيضا هوية غالبية الليبيين الذين أخطأت محكمة فرنسية "مضادة للارهاب" عندما دانتهم غيابياً في تفجير طائرة "يو تي أي". انني متأكد من عدم مسؤولية ليبيا عن تفجير طائرة "بان ام" فوق لوكربي. والاستخبارات البريطانية والأميركية على معرفة تامة بأن السيد المقرحي بريء. وليس هناك الكثير مما لا نعرفه عن المجريات في عالم العمليات الخارجية. انني اصر على ان ليبيا لم تكن متورطة في هذا الهجوم بالذات.
بلغني انك قرأت ما نشرته صحيفة "لوموند" عن حلقات عاطف أبو بكر في "الحياة"، ما هو تعليقك وهل عرفت الرجل وكيف؟
- أتذكر عاطف ابو بكر من أواخر السبعينات، عندما كان ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في براغ. كان شخصاً متواضعاً ذكياً نزيهاً. كما كان مخلصاً في وطنيته ولم يكن عميلاً للاستخبارات التشيكوسلوفاكية مثل كثيرين غيره آنذاك.
وعندما انضم الى فتح - المجلس الثوري استغربت لناشط مثله ليس له هيئة قائد كوماندو أن يتورط في حرب وحشية بين اخوان، حرب لا حدود لها ضد العدو وأيضاً ضد العرب المتعاملين مع اسرائيل. اعتقد بأن عاطف شخص صادق وشريف، مع ذلك اعترف بانزعاجي عندما قرأت ترجمة "لوموند" لتصريحاته في "الحياة".
قيل إن "أبو نضال" سعى بعد غياب الدكتور وديع حداد إلى استقطاب بعض من عملوا معه، فهل هذا صحيح؟ وقلت لي في حديث سابق انه عرض عليك التعاون في 1976، فهل التقيته، وأين، وهل حصل تعاون؟ وهل تعتقد بأن "ابو نضال" انتحر فعلاً؟
- لا اعرف أي تفاصيل عن سعي أبو نضال الى ضم بعض اتباع أبو هاني.
وكنت في 15 أيار مايو 1976، قدمت استقالتي الخطية من الجبهة الشعبية الى ابو هاني مع نسخة الى نائب الأمين العام للجبهة الشهيد أبو علي مصطفى. حصل ذلك في بغداد في مسكن خالة مسؤول عراقي كبير، وبحضور الشهيد ولفرد بوزه، الزعيم الرئيسي لمنظمة "الخلايا الثورية".
وبكى أبو هاني تأثراًً. ثم اخبرنا أن "أبو نضال" عرض دعما ماديا لمساعدة "الخلايا الثورية" على تصعيد الصراع ضد العدو المشترك في ألمانيا وغيرها، وانه يريد لقاءه في مكتبه في عرَصات الهندية في بغداد لبحث الموضوع. ورفضت أولاً لأنني لم اعد معنياً بهذه الأمور، لكن الحاح ولفرد اضطرني في النهاية الى الموافقة على الحضور بصفة مستشار له.
ونصحت ولفرد برفض العرض البالغ السخاء الذي قدمه "أبو نضال". وأخذ ولفرد بالنصيحة، على رغم استغرابه الشديد لموقفي. وأوضحت له لاحقاً المعلومات المفصلة التي قامت عليها نصيحتي، مركزاً على خطورة التورط في الحروب الدموية داخل منظمة "فتح".
لا أعرف شيئاً عن موت أبو نضال غير ما نقله الاعلام، ولذا فالاحتمالات تبقى مفتوحة. وليرحم الله روح صبري البنا.
الثأر من الترابي
بماذا شعرت حين بلغك أن الدكتور حسن الترابي صار في السجن؟ هل تعتبره مسؤولاً عن الصفقة التي اوقعتك في يد الفرنسيين؟ وهل لديك المشاعر نفسها حيال الرئيس عمر البشير؟ وهل كنت على علم خلال وجودك في السودان بعلاقات النظام مع بن لادن ومجموعات أخرى؟
- فكرت أن العدالة يمكن أن تتحقق في اشكال غير متوقعة وضحكت كثيراً. وكان الدكتور الترابي أعلن شخصياً أنه اصدر أمر تسليمي الى الشرطة الفرنسية في مطار الخرطوم - يليه في المسؤولية عن تلك الخيانة الرئيس البشير .
الشيخ أسامة كان شخصية شهيرة في الخرطوم، كما كان هناك حضور بارز لمجاهديه الاجانب، خصوصا بسبب لحاهم وبشرتهم البيضاء.
مواجهتك مع الأجهزة الفرنسية كانت طويلة، فهل حاولت ذات يوم ابرام اتفاق معك يقضي بعدم استخدامك الأراضي الفرنسية في مقابل توقفها عن تعقبك؟ وإذا كان الرد بالايجاب متى، وكيف؟
- لا وجود لأي "صفقة" مع أجهزة الأمن الفرنسية. لكن كان هناك تفاهم سياسي على أرفع مستوى لطي الصفحة. ولم يمنع هذا الاستخبارات الأميركية من الاستمرار من خلال عملائها في فرنسا في محاولاتها "اصطياد كارلوس".
الخرطوم وطرابلس
لماذا اخترت الذهاب إلى الخرطوم وبأي ضمانة؟ وهل حاولت الذهاب إلى ليبيا ومتى كانت آخر زيارة لك إلى طرابلس؟
- غادرت عمان الى الخرطوم في آب أغسطس 1993 بهدف انشاء قاعدة لتنظيم "منظمة الثوريين الأمميين" واحداث اختراق استراتيجي في مجال العلاقات مع الجهاديين.
ولم تكن هناك حاجة الى ضمانات رسمية في بلد لم تكتم ثوريته.
الليبيون عاملونا بحياد ودّي، فهم لم يدعونا رسمياً إلى زيارة طرابلس ولم يمنعونا عن الزيارة. الوضع معهم كان غائما.
آخر مرة سافرت فيها الى طرابلس كانت في أيلول 1991، لكنني اجبرت مع اسرتي على العودة على الطائرة السورية نفهسا إلى دمشق بسبب استفزاز سوري - أميركي.
هل زرت العراق بعد 1991، وما هو الغرض؟
- لم أزر العراق منذ أواسط الثمانينات، عندما تم الاتفاق على تجنب المزيد من المواجهات مع حلفائهم الفرنسيين.
الباب الى العراق كان مفتوحاً أمامي مبدئياً. لكن على الصعيد العملي كانت هناك دوماً عوائق مصدرها الطرف العراقي أو نحن. ولم يشجعني ذلك على الذهاب الى هناك، خصوصاً وان بغداد اصبحت طريقاً مسدوداً.
انقاذ الملك عبدالله
تقول انك أنقذت الملك عبدالله الثاني في 1971 من عملية لخطفه، وان ذلك سهّل الصلح مع الملك حسين ودخولكم الى الأردن في بداية التسعينات، ماذا عن عملية الخطف هذه وأين كانت مقررة ومن كان وراءها؟
- كان هناك قرار من الجبهة الشعبية لمبادلة أحد أفراد أسرة الملك حسين بسجنائنا في معسكر الجفر في صحراء جنوب الاردن. لكنني رفضت اختطاف الأمير عبدالله كما كان وقتها من مدرسته الداخلية البريطانية لأنه كان طفلاً. ورأيت ان حياته قد تتعرض الى الخطر إذا لم تسر الأمور على ما يرام. وقرر أبو هاني تبعاً لذلك الغاء تلك العملية.
وفي دمشق في تشرين الثاني نوفمبر 1990 أرسل اليّ الملك حسين مبعوثاً يرحب بقدومي مع رفاقي الى الأردن مع ضمان لسلامتنا. لم يكن لذلك علاقة بقضية ولده عبدالله، بل جاء ضمن عرض الى كل اطراف المقاومة الفلسطينية وحلفائها الذين كانوا في صراع مع الأردن، عدا أبو نضال و"فتح - المجلس الثوري". وارتبط توقيت العرض مع قرب الهجوم الأميركي على العراق، وكان فرصة تاريخية لابراء الجراح القديمة وضمان دوام العرش الهاشمي في الأردن بعد الملك الذي يعاني من مرض قاتل.
هناك من يقول انك بحثت مع خصوم الرئيس علي ناصر محمد في اغتياله واطلعته لاحقاً على هذه المسألة خلال لقاء معه في دمشق. فهل هذا الكلام دقيق وماذا عرضت عليه أيضاً؟
- كلا، هذا ليس صحيحاً.
لم ننحاز ابداً الى جانب في الصراعات الداخلية بين الثوريين اليمنيين. كنا دائماً صريحين كلياً ومخلصين لرفاقنا اليمنيين، داخل السلطة وخارجها.
عندما فشل الرئيس علي ناصر محمد في محاولته الانقلابية ضد المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني الحاكم، صدر حكم الاعدام غيابياً بحقه من قبل الذين خلفوه، وكانوا ايضاً اصدقاءنا وحتى اقرب الينا، منذ وقت بعيد، بالمقارنة مع علي ناصر.
لم يُطلب منا ابداً ان نقتل علي ناصر او ان نتدخل في نزاعهم الداخلي أو صراعاتهم على السلطة. من جهة اخرى، أُسر رئىس الاستخبارات الخارجية عبدالله فرحان وحكم عليه بالاعدام لدوره في محاولة الانقلاب الدموية. ولأنه كان صديقاً قديماً من ايام بيروت، وعلاقته وثيقة جداً بتنظيمنا، اقترحت رسمياً ان تجري مبادلة حياته ليس حريته بل فقط حياته بحياة أي من الخونة اليمنيين الذين يعملون كعملاء للامبريالية في عهد الشيخ الحجري ... الذي تم إعدامه في لندن على أيدي احد ضباط الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بحضور "عبدالله" فرحان نفسه.
بعد فترة متوقعة من الصمت اعقبت اقتراحي، أبلغني أحد القادة الحاضرين بشكل تلقائي انه من المستحيل إرجاء تنفيذ حكم الاعدام بعبدالله فرحان، لكن يمكنني أن ازوره كما اشاء قبل إعدامه. وافتخر بانني التقيت في اليمن عدداً من أروع الابطال الثوار الذين عرفتهم واكثرهم تفانياً وتضامناً.
عملية "أوبك"
بعد أسابيع من عملية "أوبك" عقدت مع وديع في مقره في عدن ثلاثة اجتماعات لتقويم ما حصل. ماذا تذكر من الحوار الذي دار بينكما؟
- الحقيقة هي انه بعد عملية "اوبك"، اجتمعت مع ابو هاني اكثر بكثير من ثلاث مرات، في منزله في مقديشو ولاحقاً في عدن حيث عشنا سوية تحت السقف نفسه ايضاً. وكانت عملية "اوبك" موضوع حديث متكرر في ذلك الحين.
في عدن وفي معسكر التدريب في جعار، كانت هناك لقاءات عدة مع منظمات حليفة لم تكن في الغالب متورطة في عملية "اوبك" كي نناقش هذه المسألة.
كانت هناك بالفعل مراجعة داخلية لعملية "اوبك" في عدن بهدف تعلم الدروس وتجنب تكرار الاخطاء في المستقبل. وكان الاستنتاج الذي توصل اليه ابو هاني انه كنتيجة لهذه العملية فُتحت امامنا الآفاق على نحو مثير وبدأنا نجني ثمارها. لكنني اُنتقدت لأنني لم اقتل الشيخ احمد زكي اليماني كما أمر ابو هاني.
يقال إن وديع سألك لماذا خالفت التعليمات وكشفت هويتك، ولماذا لم تقتل الوزيرين، وسألك عما يتردد عن فدية دفعت، وانه قال لك في النهاية "نحن في معركة ونخوض قتالاً ولسنا فريق كشافة"، الرجاء توضيح هذه المسائل.
- انا لم اكشف هويتي. نادى احد "ضيوفنا" بصوت عالٍ واضح "كارلوس!" بعدما توقف اطلاق النار، وبدأت اتحدث اليهم باللغة الانكليزية.
كان أبو هاني أمرني فقط ان اقتل وزير النفط السعودي الشيخ يماني. اما القرار بإعدام الوزير الايراني والمفاوض الرئيسي ل"اوبك" جمشيد اموزيغار فقد اتخذته لوحدي في فيينا، وأيد قراري ويلفرد بوز وأنيس النقاش بحماس.
كان ابو هاني رفض بوضوح أي عرض لفدية خلال هذه العملية.
في ذلك الحين كان لدي شخصياً سجل عمليات نفذّت من قبل المقاومة الفلسطينية، عدا العمليات الكثيرة التي قمت بادارتها وتنسيقها او التخطيط لها. ولم اكن بحاجة الى من يذكّرني آنذاك باننا "نخوض حرباً". كان موقفي الفروسي خلال العمليات الكثيرة التي قدتها ادى فعلاً الى التعليق باننا "لسنا فريقاً من الكشافة". لا استطيع ان اتجاوز اصولي، والتمسك بالتقاليد الاسبانية العريقة التي اعتز بها كثيراً.
يقول الرجل الذي أشرف على تدريبك في معسكر عدن، انك كنت مولعاً بالرماية بالمسدس وتابعت دورة متفجرات، فهل هذا دقيق، وماذا تذكر عن ذلك المعسكر؟ تدربت في الأردن واليمن الجنوبي، فهل تابعت دورات في لبنان والعراق، أين ومتى؟
- كان ابو هاني القائد الصارم لمعسكر التدريب في جعار، وقد تركني مسؤولاً عن المعسكر عندما رحل في البداية الى بيروت وبعدها الى نيروبي. واصلت تدريب المقاتلين الذين اصبحوا، جميعاً، خبراء في الرماية بالمسدس بشكل تلقائي، وفي القتال داخل منزل من غرفة الى اخرى، وهو ما ادخلته في برنامج التدريب.
اما بالنسبة الى التدريب الذي تلقيته في آب اغسطس/ ايلول سبتملر 1975، فقد كان بهدف استعادة لياقتي البدنية بعدما اُصبت بتسمم إثر تناول ساندويش دجاج في الكويت. كنت بالفعل خبيراً بالأسلحة الخفيفة والمتفجرات، ولم يكن منهاج التدريب الممتاز على المتفجرات الذي يعطيه ... يتضمن اكثر مما كنت اعرفه بالفعل كأحد مقاتلي حرب العصابات المجربين. اُقيم المعسكر على قمة تلة، حول مخفر سابق للشرطة يرجع الى فترة الاستعمار البريطاني في منطقة نفوذ سلطان جعار سابقاً. كان الجو رفاقياً حميماً، خصوصاً وسط قدامى المقاتلين الذين كانوا ينامون في الطابق الثاني. كان ابو حنفي بدوياً رائعاً من بئر سبع، ومقاتلاً محترفاً في جيش التحرير الفلسطيني في غزة. اما البقية فكانوا جميعاً مقاتلين محنكين شاركوا في عمليات كثيرة.
اعتدت الذهاب الى لبنان للتدرب على رمي اهداف، واستمر ذلك الى 1991. لم تكن لدينا ابداً منشآت تدريب في العراق.
هل تعرفت خلال اقامتك في دمشق على الوزير اللبناني الراحل ايلي حبيقة؟ وهل ربطتك علاقة بآغوب اغوبيان مجاهد زعيم الجيش الأرمني السري؟ وماذا تذكر عن "مريم" من "الجيش الأحمر الياباني"؟
- التقيت إيلي حبيقة في دمشق، واعطاني انطباعاً جيداً. كان الرئيس الأسد اطلعه على اخطائه، وانتقل بثبات الى الجانب الوطني ضد اسرائيل.
كان الشهيد "مجاهد" اغوب اغوبيان مقاتل كوماندوس جسوراً. ولم يكن بطلاً للقضية الأرمنية فحسب، بل أحد أبطال القضية الفلسطينية أيضاً.
التقيت فوساكو شيغروبو مريم للمرة الأولى في بيروت، في تموز يوليو 1971، وقدمها "باسم" الذي كان أحد زعماء التنظيم الذي قاد العملية في مطار اللد وقتل فيها.
كانت "مريم" امرأة تتحلى بشخصية مميزة وايمان راسخ. وقادت منظمتها بكفاءة عالية.
لم ينس النقاش
كيف تفسّر نجاح أنيس النقاش في أن يخفي عن المحققين الفرنسيين دوره في تنفيذ عملية "أوبك" على رغم اقامته سنوات في السجن الفرنسي لمحاولته اغتيال شهبور بختيار؟
- كان العدو يعرف بشكل جيد ان أنيس شارك في عملية "اوبك" باعتباره مساعداً لقائدها. لكنهم تظاهروا بأنهم لا يعرفون لتجنب تعقيدات لا ضرورة لها. وهذا هو السبب الذي دفعني الى توجيه رسالة مفتوحة في 1995 كي احذر انيس من دخول بلد يمكن ان يعرّضه الى خطر، بعدما رفض محاميه ابلاغه ذلك.
قلت في حديثنا السابق ان آخر زيارة لك إلى بيروت كانت في 1991؟ كيف دخلت وماذا كان الغرض من الزيارة؟
- أصبح لبنان موطني الثاني منذ 1971. وزرت بيروت للمرة الاخيرة في آب 1991. كنت أتيت عن طريق البر من سورية، مستخدماً وثائق سورية، مثل كل قادة المقاومة الاخرين المعروفين. استخدمت رحلاتي الاخيرة الى بيروت في صيف 1991 للحصول على جواز سفر لأصغر بناتي، ولاجراء اتصالات سياسية.
رسالة الى بن لادن
لو طلب منك اليوم أن تكتب رسالة إلى أسامة بن لادن، ماذا تقول فيها؟
- سأبدأ بتحيات أخوية، ثم اشجعه على مواصلة الكفاح والمحافظة على حياته لأنه اصبح رمز الجهاد.
وسأطلب منه ان يواصل العمل الذي بدأه في الخرطوم، ويطوّر علاقات استراتيجية بين الحركة الجهادية ومنظمات اخرى غير دينية مناهضة للامبريالية.
وقبل ان أختم، أود أن أكتب:
الله أكبر
كارلوس
سجن لا سانتيه، ايلول 2002.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.