"الداخلية" تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    أمانة جدة تضبط معمل مخبوزات وتصادر 1.9 طن من المواد الغذائية الفاسدة    نائب أمير مكة يفتتح غدًا الملتقى العلمي الأول "مآثر الشيخ عبدالله بن حميد -رحمه الله- وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام"    السعودية تستضيف الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    المياه الوطنية: خصصنا دليلًا إرشاديًا لتوثيق العدادات في موقعنا الرسمي    ارتفاع أسعار النفط إلى 73.20 دولار للبرميل    وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رفيقه القريب في "المجلس الثوري" وعدوه بعد انشقاقه يروي ل"الحياة" قصة من كان المطلوب الرقم واحد في العالم الحلقة الثانية . عاطف ابو بكر :"ابو نضال" دخل الى مصر برا من ليبيا وانقسامات تنظيمية كشفت وجوده فوضعت المخابرات يدها عليه
نشر في الحياة يوم 21 - 08 - 2002

قبل ان يحتل اسامة بن لادن الصدارة في لائحة المطلوبين تقاسم الأضواء رجلان كان مجرد ذكر اسم أحدهما يقلق الدول وأجهزتها وهما صبري البنا أبو نضال وكارلوس. ولعل الأول كان أشد خطورة لأن الثاني فقد عملياً المرشد والبوصلة منذ لحظة غياب الدكتور وديع حداد الرجل الذي اكتشفه وأطلقه.
شن "أبو نضال" حرباً بلا هوادة داخل الصف الفلسطيني. وكان صلاح خلف أبو اياد عضو اللجنة المركزية ل"فتح" أبرز ضحاياه. وخارج الساحة الفلسطينية حالف دولا وخاصم دولا ونقل مقره وخدماته من عاصمة الى أخرى. ولا مبالغة في القول انه كسر إرادة دول وفرض على بعضها أن تنتهك قوانينها وتقاليدها.
كان عاطف أبو بكر رفيق "أبو نضال" قبل أن يتحول عدواً له. عرفه منذ البداية وشاركه في قيادة "فتح - المجلس الثوري" ثم افترقت الطرق. سألت عاطف كيف كان أبو نضال يمضي يومه فأجاب: "يومه كالتالي: يصحو مبكراً، يأتي حوالى السابعة الى مكان عمله، كان في سوق الجمعة في طرابلس، وهوايته الرئيسية قراءة التقارير ذات الطابع الأمني المرفوعة اليه، خصوصاً تلك المتعلقة بمثالب الأفراد. خلال القراءة يشرب السيجار الصغير، وهو مدخن شره، وأمامه دائماً ترموس قهوة وتحت الطاولة هناك زجاجة يشرب منها خلال الاجتماع. ثم هناك الاجتماعات التنظيمية. ولديه ميل جارف الى النقد والتقريع خصوصاً للضعفاء. اما الذين يملكون شخصية فهو يحاول مسايرتهم للالتفاف عليهم. يحب الطعام ولديه هواية الطبخ. يأخذ قيلولة بعد الظهر ثم يعود الى العمل. يعمل مساء ولكن لا يمكن أن يتأخر عن الحادية عشرة حتى ولو وقعت كارثة.
من هواياته مثلا الاستماع الى فيروز ويملك كل ما غنته ولديه أشرطة لمحمد عبدالوهاب. ذات يوم كنا في المعسكر استمعنا الى فيروز وتولى هو طبخ الطعام وقال أريد أن أكرمك. كان الجو ودياً وفيروز تغني واهداني أحد أشرطتها. واكتشفت لاحقاً انه بعد مغادرتي نفذ مذبحة في معسكر يفرن بحق مجموعة من عناصره.
كان لدى "أبو نضال" خوف من تسميمه. لا يأكل إلا في الأماكن التي يقيم فيها أو في الأماكن التي يعتبرها مأمونة. لديه حراسة في صورة دائمة ويحمل مسدساً في حقيبة صغيرة. يلبس قميصا وبنطلوناً ولا يرتدي ربطة عنق.
في هذه الحلقة يتحدث أبو بكر عن "المحطة المصرية" في رحلة "أبو نضال" التي سبقت عودته الى العراق.
كيف انتهت المرحلة الليبية؟
- أريد ان أقول شيئاً. عندما كنا نتحاور مع الليبيين كانوا يلمسون انني و"أبو نضال" نتكلم لغتين مختلفتين. اختلفت معه علانية في 1989 وبقيت ثلاثة أشهر في ليبيا. ارسلت عبر عبدالله السنوسي مسؤول أمني ليبي رسالة الى العقيد معمر القذافي أقول فيها انني جئت باسم هذه الجماعة الى ليبيا وأقمت فيها. الآن صرت خارج هذه الجماعة. أبلغوني اذا كان مرحباً ان أقيم باسمي الشخصي على أن توفروا لي الحماية وأنا من جهتي سأفتح مكتبة فلسطينية لتدبير نفقاتي. انتظرت ثلاثة أشهر ولم أتلق رداً. حين خرجت من الجماهيرية طلب السنوسي من "أبو اياد" ان يراني فقلت: لا أريد إلا إذا وافقوا على محاكمة "أبو نضال" بموجب قانون الجريمة في ليبيا إذا ثبت انه قتل على أرضهم. وأنا سأثبت انه قتل أكثر من 150 من أعضاء التنظيم وسأكشف أين دفنت جثث هؤلاء. هذا ما أريده ولا أريد أي شيء آخر.
في وقت لاحق جاء شخصان من "هيئة أمن الجماهيرية" وطلبا من الجزائريين أن يلتقيا معي ومع عبدالرحمن عيسى. أنا رفضت اما عبدالرحمن فالتقاهم واحترم رأيه. حصيلة لقائه معهما انهما يريدان كف الأذى لأنهما يعرفان ان لدينا معلومات. والحقيقة أنني لم أشهِّر بليبيا في البيانات ولم أذكر ما يسيء اليها، لا بل قلت ان "أبو نضال" أساء الى حسن الضيافة في ليبيا وقتل على أرضها وأن على السلطات الليبية أن تحاسبه كمجرم. وقلت انهم أول من سيكتوي بناره. كنت أراه بأم العين يجمع المعلومات عنهم بما فيها معلومات شخصية عن القذافي والسنوسي والعائلات. أشخاص خرجوا من التنظيم أرشدوا الليبيين الى عشرات قطع الأسلحة المخبأة في بلادهم من دون علمهم. نحن عندما انقسمنا قلنا للسوريين انه أخفى 78 قطعة سلاح في مكان معين فذهبوا وحفروا وعثروا على السلاح. وعلمت ان الرئيس الراحل حافظ الأسد قال باستطاعتهم بهذه الأسلحة ان ينصبوا الكمائن في الشوارع ويقتلوا أياً كان.
في 1998 و1999 عندما انكشفت الأمور لليبيين تسلموا من عناصر غادرت التنظيم عشرات الأسلحة وعشرات الوثائق المعادية لليبيا، وحفر الليبيون بعض الأماكن وعثروا على عظام من اعدمهم.
بالمناسبة كنت استمع الى برنامج على احدى الفضائيات العربية عندما تحدث شخص سمى نفسه ص.ق. وهو في الحقيقة ع.ح. عضو مكتب سياسي في الجماعة. تحدث الرجل ضد الليبيين وقال "لنا أموال عندهم وقد سرقونا وطردوا عائلاتنا". ثم تحدث عما سماه "الليالي الحمر لهيئة أمن الجماهيرية"، فسأله مقدم البرنامج: "ألم تكونوا مشاركين فيها؟ وهل تهاجم ليبيا لأموال لكم؟". بعدها قال الرجل: "نحن لدينا اثباتات ان ليبيا مشاركة في لوكربي وعلى استعداد لتقديم الأدلة". صعقت. أي رخص وصل اليه أصحاب الطبول الثورية!
"أبو نضال" في مصر
كيف دخل "أبو نضال" الى مصر؟
- خرج "أبو نضال" من ليبيا براً. كان الدخول من دون علم السلطات المصرية. وأقام في مصر منذ ذلك التاريخ العام 1997 وحتى تموز يوليو 1998 من دون ان تلتفت السلطات الى وجوده أو الى تنقل مجموعة من أعضاء قيادته بين ليبيا ومصر أو بين السودان ومصر. لكن هل كان بين جهاز الاستخبارات العامة المصري وهذه الجماعة علاقة بغض النظر عن وجوده شخصياً؟ أقول نعم. كانت هناك علاقات عابرة منذ 1984 - 1985 ولقاءات مرة في القاهرة وأخرى في مطارها بين مندوبين عن الاستخبارات المصرية ومندوب قيادي عن الجماعة. لا استطيع أن اسمي ذلك علاقة فعلية. في الحقيقة ان العلاقة الفعلية ترسخت عام 1988 وكان ذلك بوساطة مسؤول أمني عربي طرح على مسؤول في جهاز الاستخبارات العامة المصري إمكان قيام علاقة بين الطرفين ومدى استفادة القاهرة من ذلك معلوماتياً ولكف أذى الجماعة أيضاً. وهكذا جرى أول لقاء بين مندوب قيادي عن الجماعة والاستخبارات المصرية بحضور الوسيط الكويتي. ثم أقيم مكتب سري للجماعة في القاهرة وعين مندوب سري للجماعة هو خ.خ. وكان يسمى حركياً ك.ش. بعد ذلك في بداية التسعينات عين مندوب قيادي كبير في الجماعة كمندوب في مصر. وكان صلة الوصل أيضاً بين الجماعة وجهات أخرى. هكذا صارت العلاقة رسمية لكنها سرية.
خلال الفترة الواقعة بين 1988 و1997 لم يدخل "أبو نضال" مصر وحين دخلها في 1997 لم يكن الأمر بعلم سلطاتها. ونقل معه بعض طاقمه القيادي والمالي للاقامة سراً فيها. وبعد دخوله دخلت عائلته.
كان المكتب السري للجماعة موجوداً في شارع جسر السويس. الألف مسكن - رقم 76أ، وهو عبارة عن فيلا صغيرة. ثم انتقلت العلاقة بعد تغييرات في جهاز الاستخبارات المصري ليتولاها لواء. وكانت هناك علاقة أخرى بلواء آخر.
في قبضة الاستخبارات
في العام 1998 اشتد الخلاف داخل المجموعة القيادية في الجماعة في ليبيا ومصر، وقرر "أبو نضال" كعادته ان يصفي خصومه. وكان يرافقه دائماً أحد أقربائه، ورتب مع مرافقه هذا نوعاً من الأحماض لقتل الطاقم القيادي المخالف له في احدى الشقق في مصر، ثم اخفاهم عن طريق بناء جدار. لكن ذلك الشخص كان على صلة طيبة بالمجموعة المختلفة مع "أبو نضال" خصوصاً مع مندوب الجماعة في مصر، فراح يبلغهم بما يفكر فيه، الى أن حانت ساعة الصفر. الذين كانوا منهم موجودين في مصر فاجأوا "أبو نضال" بمواجهته بما ينوي القيام به. وسحب أحدهم مسدساً وشهره في وجهه وهدده آخرون بالقتل. بينهم من كان يفكر في قتله وبينهم من اعتبر ان الأفضل إبقاؤه ليوقع على ما يساعد على تغيير أوضاع الجماعة، وثمة من رأى ان لا بد من فرض الحوار لتغيير الأوضاع. على رغم اتفاقهم على الوقوف ضده لم تكن لديهم فكرة واضحة عن اسلوب التحرك والتعامل معه. اتفقوا على أن يلتقوا معه في اليوم اللاحق لتدارس الخلاف. وفي اليوم التالي أبلغ احدهم الاستخبارات المصرية بوجود "أبو نضال" وبالمكان الموجود فيه. كان "أبو نضال" في زيارة لزوجته، انتظره أربعة من رجال الاستخبارات في الخارج ومعهم سيارة إسعاف وحين خرج ودخل سيارته اخرجوه منها ونقلوه في سيارة الاسعاف الى مقر الاستخبارات واعتقل الآخرون.
في المرحلة الأولى فوجئ رجال الاستخبارات ولم يصدق بعضهم ان الرجل الموجود بين أيديهم هو "أبو نضال"، وكانوا في موقفهم أقرب الى المجموعة المعارضة له. لكنه كان أكثر قدرة على المناورة من الآخرين. قدم عروضاً واستطاع، وهو في قبضة الاستخبارات المصرية، ان يغتال إمام مسجد الجهاد في اليمن وهو مصري متشدد. ونفذ الاغتيال شاب اسمه م. اعتقلته السلطات اليمنية. وحمل الآخرين مسؤولية بعض الأعمال التي جرت ضد مصر مثل خطف الطائرة الى مالطا.
وفي العام 1989 كان هناك مؤتمر قمة افريقي في اديس أبابا فخططت الجماعة بالتنسيق مع دولة عربية لاغتيال الرئيس حسني مبارك داخل المؤتمر. وكانت الخطة ان يذهب أحد أفراد الجماعة كرجل أمن مرافق لوفد تلك الدولة العربية وأن يكون مسلحاً. وذهب الشخص فعلياً مع وفد تلك الدولة ودخل المؤتمر، ولكن قبيل التنفيذ أسديت نصيحة بأن مصر قد تهاجم تلك الدولة اذا حصل الاغتيال، فلم تنفذ وتراجعت الجهة الداعمة للاغتيال في آخر لحظة وحمل "أبو نضال" مسؤولية الحادث للرجل الذي أبلغ المخابرات المصرية بوجوده.
كانت ل"أبو نضال" في السابق علاقة مع خالد عبدالناصر وعصمت سيف الدولة ومع قوى اسلامية مصرية. وضعت كل هذه المعلومات بين أيدي الاستخبارات المصرية. حتى قبل ذلك عرض تقديم خدمات بالعمل ضد أيمن الظواهري وأبو حمزة المصري ومتشددين يقيمون في أوروبا أو اليمن. هذه الممارسات ليست جديدة فهو يتسلل من خلال تأجير الخدمات. سبق ان قدم الى ليبيا خدمات من هذا النوع.
هنا أريد أن أقول ان الشخص الذي حاول اغتيال عصام العطار في المانيا وقتل زوجته هو شخص تابع ل"أبو نضال".
تصور انني افتتحت سنة 1987 مكتباً سرياً للجماعة في عدن. كنت الوحيد الذي يزور عدن ويلتقي المسؤولين. عندما قابل "أبو نضال" للمرة الأولى في ليبيا شخصاً من جهاز أمن الدولة اليمني الجنوبي أبدى استعداداً للتعاون معهم إذا قدموا له تسهيلات، والمساهمة في اغتيال الرئيس السابق علي ناصر محمد. وكان سابقاً أبدى للاستخبارات الجزائرية استعداده لتقديم ما يعرفه عن الرئيس الكبير أحمد بن بيلا.
أقام في العراق ثم هاجمه حين خرج. وفعل الأمر نفسه مع سورية. في لبنان نفذ عمليات ضد سورية. مصطفى عوض المسمى علاء، وهو مسؤول استخبارات الجماعة في لبنان، دفن حياً في شرق صيدا لأنه كلف مهمات ضد حلفاء سورية وتردد في تنفيذها. وخير دليل ان جماعته أبدت استعداداً لتوريط ليبيا في موضوع "لوكربي" وهو ما تسعى اليه أيضاً دول غربية.
مثله الأعلى عدوه!
لا تعوز "أبو نضال" البراعة في نسج العلاقات أحياناً. كنا نخاطب العقيد القذافي بالأخ معمر فيخاطبه بالأخ القائد، وأهدى اليه ذات يوم سيفاً مذهباً مصنوعاً في دمشق كتب عليه "سيف صلاح الدين الجديد". كان "أبو نضال" يقول ان القذافي هو مثله الأعلى، ولكن بين ليلة وضحاها تحول الليبيون أعداء!
وضع "أبو نضال" في نوع من الاقامة الجبرية في مصر؟
- وضع عملياً تحت الحراسة، وسجن الآخرون لفترة. في هذا الوقت نفت السلطات المصرية نفياً مطلقاً أن يكون دخل مصر وأنه موجود فيها. أنا اؤكد استناداً الى معلومات من داخل تنظيمه انه ذهب الى مصر. خصومه في الجماعة أبلغوا منظمة التحرير فوافقت مصر على خروجهم فذهبوا الى حيث استطاعوا ثم عادوا عبر مصر الى الأراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية، وكان هذا الملجأ الوحيد المتاح.
بقيت أسرة "أبو نضال" في مصر. وكان للجماعة حساب يبلغ 4 ملايين دولار، وكان الحساب موضوعاً باسماء عدة فاستطاع شخصان أن يسحبا مليوني دولار وأن يهربا بها والشخصان هما ج.خ و ع.م.س.ع، وحتى الآن لا يعرف مكان وجودهما.
اكتشفت ليبيا خديعة اقامة "أبو نضال" من دون علمها فاعتقلت الطاقم الرئيسي للجماعة ثم دهمت أماكنهم واحتجزت ما لديهم. استطاع فريق تحول مناهضاً ل"أبو نضال" ايصال الليبيين الى أسلحة ووثائق تدينه. جمّع الليبيون كل من بقي لديه في مزرعة السواني وسمحوا لمن يستطيع منهم بالعودة الى الأردن أو مناطق السلطة الفلسطينية. ذهب فريق كبير وبقي فريق في ليبيا لعجزه عن مغادرتها. وهناك مجموعة قليلة لا تزال على ولائها ل"أبو نضال".
من مصر الى إيران فالعراق
طبعاً سربت بالونات تحدثت عن خروجه من مصر. كثيرون من هؤلاء يميلون اليوم الى الاعتقاد بأن المصريين أخذوا منه كل ما يريدونه لكنهم لا يستطيعون احتمال وجوده على أرضهم وأن يكشف هذا الوجود لذلك سهّل له أن ينتقل الى خارج مصر.
هناك كادرات كانت معه تؤكد انها دخلت معه بتأشيرة سياحية الى ايران، من دون علم سلطاتها وأنه عبر من المنذرية عند الحدود العراقية - الايرانية الى العراق في ابريل نيسان 1999. اشك في أن يدخل العراق من دون علم سلطاته. هؤلاء يؤكدون أنه دخل ايران وكان معه أحد كوادره المدعو م.ه وهو أردني الأصل ويسمى في الجماعة ك.ع. وأنهما افترقا في طهران. ويقولون ان تأشيرة الدخول الى ايران حصل عليها من السفارة الايرانية في السودان بموجب جواز أردني مزور. اذا كان كلامهم دقيقاً فهذا يعني ان الاستخبارات المصرية أرادت التخلص من وجوده. هناك من يعتقد بأنه انتقل بموجب صفقة بين أجهزة الاستخبارات في البلدين. الغالبية الآن تقول انه دخل العراق وتؤكد ان كادرات أساسية تابعة له غادرت ليبيا الى العراق وبينها عضو اللجنة المركزية ع.ح. ... وكذلك عضو اللجنة المركزية ع.ج. اضافة الى آخرين. كذلك سحبت من لبنان بعض الكادرات وتوجهت بحراً الى العراق من طريق دبي.
الغالبية تقول ان "أبو نضال" ذهب الى العراق وهناك مظاهر تدل الى صحة هذا القول خصوصاً أن ثمة كادرات تقيم عادة حيث يقيم وهي موجودة في العراق. ما يحيّر المرء هو ماذا يستفيد العراق من شخص كان سلم خصومه بعد مغادرته هذا البلد في 1983، كل المعلومات التي كانت في حوزته.
حسب معلوماتك انه لم يقم في ايران؟
- نعم لم يقم في ايران. اما بالنسبة الى العراق فما الفائدة من استقبال "أبو نضال" مجدداً خصوصاً ان قوته تراجعت ولم يعد ورقة صالحة لإخافة الآخرين.
وهل أقام في السودان؟
- بعد عام 1993 نقل جزءاً من كادراته الى السودان ولكن لا علم لي بدخوله السودان. في 1997 طلبت السلطات السودانية من كادارته تخفيف وجودهم أو المغادرة. لا يزال لديه هناك عدد محدود بينهم عضو في اللجنة المركزية.
كارلوس ووديع حداد
هل التقى "أبو نضال" كارلوس؟
- لم يلتق كارلوس ولم يكن معجباً به. انه لا يطيق أي شخص تتسلط الأضواء عليه أكثر منه. الحقيقة كان لديه حياله نوع من الحسد، فقد كان كارلوس صاحب شهرة واسعة. أنا سمعت منه عبارات قاسية في حق كارلوس بينها وصفه له بأنه "مرتزق أممي". حتى على الصعيد الفلسطيني كان "أبو نضال" يلتقي السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية - القيادة العامة ويلاطفه ويمتدحه وكذلك الأمر مع السيد أبو العباس لكن لسانه كان سليطاً في غياب الآخرين.
هل التقى وديع حداد؟
- أقام وديع حداد في العراق خلال فترة وجود "أبو نضال" هناك. حصلت لقاءات ولكن لم يقم بينهما عمل مشترك. كان وديع حداد من قماشة أخرى. تم تسميم وديع حداد، على أيدي أجهزة عربية أرادت التخلص من العبء الذي شكله. أنا أفرق بين كارلوس و"أبو نضال"، فالأول لم يتلوث بالدم الفلسطيني ودفع ثمن قناعاته وما قاله كارلوس في "الوسط" يؤكد ثباته على موقفه على رغم ظروفه الصعبة في السجن. انه مناضل أممي وان انقسم الناس في الموقف منه. وديع حداد له تاريخ طويل في "حركة القوميين العرب" و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين". لم يتلوّث بقطرة دم فلسطينية واحدة.
هل ورث "أبو نضال" بعض المجموعات التي عملت مع وديع حداد؟
- بعد وفاة وديع هناك مجموعة ذهبت وعملت مع كارلوس، وعملت مجموعة أخرى مع ج.ا.ع وهو خبير متفجرات بارز ولا يزال في العراق. حاول "أبو نضال" سابقاً ولاحقاً التعاون مع هذه المجموعة ولم ينجح. المجموعة الثالثة، وهي التي سمت نفسها "المجال" ضمت معظم الأعضاء القياديين الذين عملوا مع وديع حداد، ولم يرث منها أي كادر. الحقيقة ان "أبو نضال" قدم مساعدات مالية الى بعض الأفراد الذين عملوا مع حداد واستفاد منهم في بعض الجوانب الفنية وكمية من السلاح.
هل زار "أبو نضال" عدن؟
- لم يزرها حين عملنا معاً ولا اعتقد بأنه فعل لاحقاً. قابل في ليبيا مسؤولين في جهاز أمن الدولة اليمني الجنوبي وكان يفكر في تحويل عدن قاعدة له كما كانت لوديع حداد فعرض اغراءات عدة، بينها انشاء مصنع مشترك للألبسة العسكرية واستثمارات وتعاون أمني ضد جماعة الرئيس علي ناصر محمد، ووصل به الأمر الى حد عرض تزويدهم عصياً تطلق رصاصاً أو نوعاً من السيجار المسمم أو القداحات المتفجرة. لم يلق العرض استجابة إذ على رغم خصومتهم لعلي ناصر لم يصل الخلاف الى حد التفكير في الاغتيال.
أنا ذهبت مرات عدة الى عدن وكنت التقي أعضاء في المكتب السياسي. التقيت وزير أمن الدولة المرحوم سعيد صالح ووزير الدفاع هيثم طاهر ووزير المواصلات صالح مثنى. سمعت من أكثر من شخص في اليمن الديموقراطي قولاً من نوع انت كعاطف أبو بكر نحترمك ونعرف تاريخك ونفتح لك الأبواب لأننا نعرف انك من قماشة غير قماشة "أبو نضال". لهذا فتحوا الباب بطريقة محدودة. وبسبب ذلك انقلب عليهم في 1987 و1988 وصار جاهزاً لمد خيوط مع خصومهم. وقد رتبنا له في ليبيا لقاء مع علي ناصر محمد. عرض على مجموعة علي ناصر أن يوفر لها غطاء في بيروت وان يدرب لها عناصر في معسكره في ليبيا.
حلقة ثالثة غداً


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.