قبيل مغادرة وزير الخارجية المصري عمرو موسى القاعة الرئيسية للجامعة العربية في ختام أعمال مجلس وزراء الخارجية في شهر آذار مارس الماضي، قال لنظيره السوداني الدكتور حسين أبو صالح "لنكن على اتصال". ولم يجتمع الوزيران كما كان متوقعاً لترتيب موعد اجتماع الخرطوم للجنة المصرية - السودانية المشتركة في الخرطوم. وفي آخر تصريحات للوزير المصري قال انه سيزور السودان قريباً، من دون ان يحدد اي موعد. لكن السودان لجأ الى تصعيد التوتر في العلاقات مع مصر عندما صادر منازل يملكها مكتب الدفاع المصري وعدداً آخر من استراحات المصريين العاملين في الخرطوم. وبدا ان الهدف من وراء التصعيد السوداني هو التعجيل باجتماع وزيري الخارجية ومحاولة الضغط على القاهرة لتخفيف نشاط المعارضة السودانية فيها. واستدعت وزارة الخارجية المصرية القائم بالأعمال السوداني في القاهرة بشير محمد حسن وأبلغته احتجاجاً شديد اللهجة على قرار السلطات السودانية الاستيلاء على ثلاثة منازل مملوكة لمكتب الدفاع المصري وثلاثين استراحة يقطنها عاملون من وزارة الري المصرية ومقر النادي المصري الرياضي. كما طلبت من السفير المصري في الخرطوم حسن جاد الحق ابلاغ الخارجية السودانية ان مصر ستحتفظ بحقها في الرد على التصرفات السودانية على المستويين الثنائي والدولي ورفضها لهذه الاجراءات. وقال مصدر ديبلوماسي مصري لپ"الوسط": "ان القائمين على نظام الحكم في السودان لا يمثلون الشعب السوداني، وإنهم قلة لن تؤثر على العلاقات المصرية - السودانية". وأضاف "لقد ضاق صدرنا من تحمل تصرفات الخرطوم الصبيانية على مدى الاشهر الماضية، وتغاضينا عن كثير من هذه التصرفات حفاظاً على العلاقة بين البلدين"، وشدد على ضرورة تراجع السلطات السودانية عن قرارها الاخير لفتح اي حوار مع الخرطوم. ولوحظ ان قرار مصادرة المنازل المصرية في الخرطوم صدر في غياب وزير الخارجية السوداني حسين أبو صالح الذي كان موجوداً في السعودية لأداء مناسك الحج، وليست هذه المرة الأولى التي يصدر فيها قرار عن الرئاسة من دون ان يطلع عليه، حيث صدر قرار اغلاق القنصليتين المصريتين في بورسودان والابيض خلال وجوده في القاهرة للمشاركة في اجتماعات وزراء خارجية منظمة الوحدة الافريقية في حزيران يونيو الماضي. في الوقت نفسه ربطت مصادر في المعارضة السودانية بين اقدام الخرطوم على تصعيد التوتر مع القاهرة ومشروع البث الاذاعي الذي أعدته "الحركة الشعبية لتحرير السودان" مع "القيادة الشرعية للقوات المسلحة السودانية" المقيمة في القاهرة منذ انقلاب البشير. وكان الاعلان عن "اذاعة السوداني" في 20 أيار مايو الجاري، التي ستبث يومياً طوال 12 ساعة ولفترة خمسة أيام في الاسبوع، بمثابة أول عمل اعلامي منظم ومعارض لنظام البشير، ما ادى الى بلبلة في اوساط السلطة في السودان التي اعتقدت بصورة خاطئة ان "السوداني" ستبدأ بثها من الأراضي المصرية. وتفيد معلومات "الوسط" ان الاذاعة ستستخدم الاقمار الصناعية لتبث من الولاياتالمتحدة، حيث أجرت "الحركة الشعبية" وتنظيم "القيادة الشرعية" الاستعدادات اللازمة لاستئجار خمس موجات صوتية من شركة اميركية.