أدت وساطات بُذلت على هامش القمة الافريقية في القاهرة الى "تبريد" جبهة العلاقات المصرية - السودانية التي أشعلها قرار الخرطوم اغلاق القنصليتين المصريتين في الابيض وبورسودان. وبينما كانت القاهرة تدرس خيارات عدة للرد على التصعيد السوداني، بادر وزير الخارجية الليبي السيد عمر المنتصر بترتيب اجتماع بين وزيري الخارجية المصري السيد عمرو موسى والسوداني السيد سليمان ابو صالح، حضره ايضاً وزيرا خارجية كل من زيمبابوي وأوغندا، واتفق خلاله على عدم ادراج ازمة حلايب في جدول اعمال القمة الافريقية، في مقابل ان تسحب مصر مشروع قرار كانت تنوي ادراجه يرمي الى ادانة السودان بتهمة زعزعة الاستقرار والأمن في افريقيا. وكان قرار السودان اغلاق القنصليتين المصريتين في بورسودان والابيض والقنصليتين السودانيتين في الاسكندرية وأسوان ادى الى تصاعد حدة التوتر بين القاهرةوالخرطوم. وجاء القرار بعدما رفضت مصر التصريحات التي ادلى بها الوزير ابو صالح لدى وصوله الى القاهرة للاشتراك في اجتماعات المجلس الوزاري لمنظمة الوحدة الافريقية وطالب فيها بعودة الاوضاع في مثلث حلايب الى ما كانت قبل تشرين الأول اكتوبر 2199، كشرط لموافقة بلاده على استئناف اجتماعات اللجنة المصرية - السودانية المشتركة المكلفة درس سبل حل ازمة حلايب. واعترف وزير الخارجية المصري بأنه فوجئ بالقرار السوداني المتعلق باغلاق القنصليات، ووصفه بأنه "تصعيد يسيء الى العلاقات بين البلدين ويخدم اعداءهما ويحبط الجهود المبذولة لاعادة المياه الى مجاريها". وقال موسى، في تصريح الى "الوسط" انه كان التقى نظيره السوداني وبحث معه في الاساليب التي يمكن ان تؤدي الى انهاء التوتر، لكن اغلاق القنصليتين المصريتين شكل "ردة على ما تم التوصل اليه". وأكد "عدم صحة الادعاءات السودانية" باحتجاز القوات المصرية بعض السودانيين في منطقة حلايب. وكانت السلطات السودانية قالت إن قرار اغلاق القنصليتين المصريتين في الابيض وبورسودان هو "رد سلمي على العدوان المصري" على منطقة حلايب. وفسر مسؤولون سودانيون في القاهرة هذه العبارة بأن القوات المصرية "اجتاحت" الأراضي السودانية حتى خط عرض 22، وان مصر رفعت عدد قواتها في حلايب الى 5 آلاف جندي، فيما كان عددها قبل تشرين الأول الماضي 500 جندي فقط. وفي الاطار نفسه، اتهم الرئيس عمر حسن البشير مصر بقيادة حملة اعلامية وديبلوماسية ضد بلاده "مستفيدة من علاقاتها مع الغرب". وقال ان "الدول تأخذ ما تقوله مصر عن السودان كحقائق وتتعامل معنا من خلال مصر...". ولم يكن وزير الخارجية المصري الوحيد الذي فوجئ بقرار السودان اغلاق القنصليات، ذلك ان وزير الخارجية السوداني فوجئ هو ايضاً بالقرار. فعندما سأله الصحافيون في القاهرة عن اسباب القرار وانعكاساته رفض الاجابة امامهم وطلب مهلة لاستيضاح الموقف والاتصال بالخرطوم.