شهدت السنة الماضية ولادة عدد من أسواق البورصة الجديدة في انحاء العالم7 وتميز بعض هذه المؤسسات المالية الذي يصنف في عداد اسواق البورصة من الدرجة الثانية، بميزات مدهشة7 اذ ارتفعت قيمة الاستثمارات بالدولار في سوق وارسو مثلاً بنسبة استثنائية بلغت 788 في المئة7 ما يعني ان مئة دولار استثمرت في تلك السوق في 1 كانون الثاني يناير 1993 صارت بعد سنة كاملة 888 دولاراً7 وخلال الفترة ذاتها سجلت سوق البورصة في اسطنبول ارتفاعاً بلغت نسبته 224 في المئة، بالدولار7 اما اسواق هونغ كونغ والفيليبين والبرازيلواندونيسيا فضاعفت قيمج استثماراتها أيضا ويعود هذا الارتفاع في جانب منه الى الاهتمام المحلي المتزايد بسوق البورصة والأسهم7 ففي البلدان التي تعاني من ارتفاع درجة التضخم مثل بولندا وتركيا، لاحظ المستثمرون المحليون أن وسيلة التغلب على هذه المشكلة تكمن في شراء أسهم في الشركات المحلية بدلاً من ايداع اموالهم في المصارف7 وبهذه الطريقة استفاد المستثمرون من النمو الاقتصادي السريع الذي تم تحقيقه آنذاك على رغم ارتفاع درجة التضخم المستمر7 ومع نهاية 1992، أدى الكساد الاقتصادي وهبوط درجة التضخم إلى وصول العائدات في اسواق البورصة التقليدية في أوروبا والولايات المتحدةواليابان، الى معدلات منخفضة اكثر من أي وقت مضى7 حتى أن سوق البورصة اليابانية التي شهدت اشد المضاربات اثارة في الثمانينات هبطت بنسبة 20 في المئة بالدولار7 وعانت أسواق بريطانيا وأميركا وألمانيا من تدن شديد ايضاً7 ونتيجة لذلك بدأ المستثمرون الدوليون بالتحول عن أسواق البورصة التقليدية الى تلك الناشئة التي فتحت أبوابها لهم شيئاً فشيئاً، ووفرت لهم فرصاً لتحقيق أرباح جيدة7 لكن لم يذهب المستثمرون أنفسهم للمضاربة في أسواق وارسو مثلاً، لأن ذلك ينطوي على مجازفة كبيرة بالنسبة الى المستثمر الذي يفتقر الى الخبرة والمراس7 كما أن الخروج من سوق ناشئة اصعب بكثير من دخولها7 وتجنباً لهذه المغامرة، لجأ معظم المستثمرين الأجانب إلى صناديق استثمار يديرها موظفون مختصون، كي يتمكنوا من الوصول الى أسواق البورصة الجديدة7 ومن أهم هذه الصناديق الاستثمارية تلك التي تملكها مؤسسات بارينغ وجاردين فليمنغ وغارتمور وفيدليتي7 ومثلاً، استقطب صندوق استثمار فيدليتي للسوق الجديدة في 1993 استثمارات زادت قيمتها عن بليوني دولار7 اذ اشترى هؤلاء اسهما في الصندوق الذي اشترى بدوره أسهماً في سوق البورصة7 صعود وهبوط وعدا عن النمو السريع للغاية، تتميز أسواق البورصة الناشئة بالتقلب وعدم الاستقرار، فالاسعار ترتفع وتنخفض على نحو غير منتظم في بوينس آيريس وبومباي، بخلاف أسعار سوقي البورصة في نيويورك وفرانكفورت7 وهذه الفوضى التي تعني منها الاسواق الجديدة قد تشكل خطراً على ثروة المستثمر خصوصاً اذا كان يفتقر الى الخبرة والحذر7 لكن، قد يسأل سائل: إذا حققت هذه الاسواق نجاحاً مرموقاً السنة الماضية فلماذا لا تعيد الكرة في العام الحالي؟ وكثيرون لم يطرحوا على انفسهم هذا السؤال، أو لم يفكروا في الاجابة ملياً، بل توقعوا أن النجاح المدهش مضمون هذه السنة فدفعوا الثمن غالياً، في بعض الحالات7 اذ هبطت اسعار سوق البورصة الماليزية، مثلاً، بنسبة 13 في المئة خلال اسبوع واحد من الشهر الماضي7 كما سجلت أسواق البورصة في تايلندة والفيليبين وهونغ كونغ هبوطاً زادت نسبته على 8 في المئة خلال اسبوع واحد7 وغالباً ما انخفضت الاسعار في هذه الاسواق الناشئة خلال هذه السنة بنسبة 5 في المئة في اليوم7 ولما كانت اسواق البورصة الأحدث عهداً تخلو من مخاطر هبوط وصعود الاسعار، لجأ كثير من المستثمرين الى الأسواق العذراء، مثل تلك الموجودة في سيريلانكا والصين7 وتحظى سوق البورصة الاردنية باقبال لا بأس به اذ يعتقد بعض المستثمرين أن الشركات العامة في الأردن ستفيد كثيراً من اتفاق السلام بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية7 لكن يعتقد كثير من المحللين أن أسواق البورصة الجديدة - القديمة في الشرق الأقصى وأميركا اللاتينية واوروبا الشرقية ستنمو في المستقبل7 فبعد توقيع اتفاق نافتا، صار مستقبل المكسيك، مثلاً، اكثر وضوحاً ومدعاة للتفاؤل7 وفيما لا تزال هذه الاسواق تشكو من عدم الاستقرار، ما قد يؤدي الى هبوط اسعارها على المدى القصير، يبدو انها ستشهد نمواً لا بأس به على المدى الطويل7 الأسواق الناشئة في 1993 النسبة المئوية للتغير في مؤشرات اسواق البورصة، بالدولار تركيا 223.7 الفيليبين 130.2 هونغ كونغ 121.8 البرازيل 115.9 اندونيسيا 113.6 ماليزيا 102.6 تايلاندة 95.9 جنوب افريقيا 73.9 تايوان 71.6 سنغافورة 65.3 الصين 50.8 بريطانيا 17.2 أميركا 14.6 اليابان 13.2 المصدر مجلة ذي ايكونوميست