مع وجود الصين في خضم ما يبدو بأنه تباطؤ اقتصادي كبير، تساور المستثمرين شكوك في إيمانهم بواحدة من قصص النمو الرائعة في القرن الجديد. لا ينبغي عليهم التخلي عن الصين، على الأقل ليس الآن. أولا، فيما يلي بعض المعلومات عن خلفية الموضوع. لم تكن تريد الصين قط أن تحقق بصورة متتالية سجلا غير منقطع من النمو السنوي المذهل. رغم كل المبالغة في السنوات الأخيرة حول براعة الصين والهيمنة العالمية القادمة، ليست حتى الصين معفية من دورة الأعمال التجارية. لكن الانكماش الحالي سيعقبه توسع آخر، ما لم تؤمن بأن الصين خارجة من دورة الأعمال - وليس هناك دارس جاد للصين واقتصادها يصدق هذا. علاوة على ذلك، تعتبر الصين قوة اقتصادية حقيقية. صحيح أنها تنشر نموا سنويا بأرقام من خانتين في الناتج المحلي الإجمالي انطلاقا من قاعدة ضئيلة، لكن هذا أمر مختلف تماما عن القيام بذلك عند الكتلة الحرجة. وفقا لصندوق النقد الدولي، كان الناتج المحلي الإجمالي للصين بالدولار الأمريكي في عام 1980 ما يعادل 304 مليارات دولار. تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للصين في عام 2015 سيكون 11.4 تريليون دولار، تقريبا بحجم الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة في عام 2002! قبل عقد من الزمان، لم يتوقع أحد بأن ينمو الاقتصاد الأمريكي بالمعدلات المطلوبة حاليا من الصين. حان الوقت للترحيب بالصين في الأندية الكبيرة، ووقف التظاهر بأن نموها واستقرارها ينبغي أن يشبه نمو واستقرار أحد الأسواق الناشئة. إذا قبِل مستثمرو الأمد الطويل بفكرة أن الصين ستظل موجودة دائما، فليس هناك ما يدعو للقلق، ناهيك عن الذعر. لكن بالنسبة للذين لا يزالون بحاجة إلى الإقناع، دعونا نقوم بالقليل من التحليل الاستثماري. على المدى الطويل، أسعار الأسهم هي علامة على نمو الأرباح، التي يمكن فصلها وتقسيمها إلى 3 مكونات: التضخم، والنمو الحقيقي في الإنتاجية، وعائدات الأرباح. (المكون الأول والثاني يمثلان القيمة الاسمية لإعادة استثمار الأرباح، أما المكون الأخير فيمثل جزء الأرباح المدفوعة لأصحاب الأسهم). هنا مرة أخرى، يجب علينا أن نتوخى الحذر في عدم الخلط بين الصين في الأمس والصين اليوم. حين ننظر إلى بيانات صندوق النقد الدولي، نجد أن متوسط معدل التضخم في الصين كان بنسبة 4.5 بالمائة سنويا من عام 1990 حتى عام 2014. وهذا يتفق مع كون الصين اقتصادا ناشئا سريع النمو. خلال السنوات الخمس المقبلة، يقدر صندوق النقد الدولي متوسطا تصل نسبته إلى 2.4 بالمائة سنويا، وهذا يتفق مع كون الصين من الاقتصادات الناضجة. وبالمثل، بلغت نسبة متوسط الإنتاجية الحقيقية 8.8 بالمائة سنويا من عام 1990 حتى عام 2014، لكن من المتوقع أن تكون عند نسبة أكثر تواضعا (وإن كانت لا تزال تحسد عليها) مقدارها 5.7 بالمائة سنويا خلال السنوات الخمس المقبلة. أخيرا، يكون الربح الحقيقي في أرباح الأسهم على الأجل الطويل مشابه لما نجده في الشركات الكبيرة في ظل اقتصاد ناضج - وأنا أتوقع أن يكون بنسبة 2 بالمائة. مجموع هذه المتغيرات، 10.1 بالمائة، يشمل كلا من نمو الأرباح السنوية طويلة الأجل وإجمالي العائدات على الاستثمارات التي ينبغي أن يطلبها المستثمرون من الشركات الصينية من منطلق الأوضاع الحالية. يتضمن معكوس 10.1 بالمائة قيمة عادلة لسعر السهم إلى الأرباح، ومقدارها 9.9 مرة. الآن، دعونا ننظر إلى كيفية تسعير الصين حاليا. لكن أي نوع من الصين ينبغي علينا تحديد الأسعار فيه؟ هل ينبغي علينا النظر إلى عالم الشركات الصينية المملوكة من قبل المستثمرين الصينيين (أسهم بورصة شنغهاي)، أم تلك المملوكة من قبل كل شخص آخر (أسهم بورصة هونج كونج)؟ إن السؤال أبعد من أن يكون سؤالا تافها. حيث إن أسهم (هونج كونج)، ممثلة بمؤشر هانج سينج، يجري تداولها بنسبة سعر السهم إلى الأرباح عند 9.4 مرة ، بينما يجري تداول أسهم (شنغهاي)، ممثلة بمؤشر سي إس آي 300، بنسبة سعر السهم إلى الأرباح مقدارها 14.6 مرة. هنالك اختلاف آخر. هوامش الربح الحالية لأسهم (شنغهاي) هي أعلى بمقدار 19.6 بالمائة عن متوسطها منذ عام 2006 (دورة أعمال كاملة)، بينما الهوامش الخاصة بأسهم (هونج كونج) هي فقط أعلى بنسبة 7.2 بالمائة. وهذا يشير إلى أن التباطؤ الذي يخشاه الناس في الصين عمل بالفعل على الضغط بشكل فاعل على ربحية أسهم (هونج كونج)، لكنه لم يفعل ذلك بعد بربحية أسهم (شنغهاي). وعندما يجري تطبيع الأرباح لتعكس دوريا هوامش الربح المعدلة، تقفز أسهم (شنغهاي) إلى نسبة 17.5 مرة لسعر السهم إلى الأرباح، في حين ان أسهم (هونج كونج) بالكاد تتحرك لتصل إلى نسبة 10.1 مرة من سعر السهم إلى الأرباح. لذلك، فإن الكثير من التباطؤ الذي يخشاه الناس في الصين يبدو بأن آثاره ظهرت بالفعل في الأساسيات وأسعار الأسهم للشركات الصينية المتاحة لمستثمري الولاياتالمتحدة. وحيث إن نسبة سعر السهم إلى الأرباح هي 10.1 مرة بالنسبة لأسهم (هونج كونج)، يمكن إقامة حجة قوية بأن التقييم يعكس بالفعل وبشكل تام مخاوف المستثمرين بشأن استمرار الضعف الاقتصادي. لا أرى أي داع لبيع أسهم (هونج كونج) في الصين بالمستويات الحالية، حتى لو افترضنا أن تلك المخاوف سوف تتحقق. الصين هي لعبة جيدة طويلة المدى والكثير من القلق بشأن اقتصادها في الوقت الراهن هو مجرد ضوضاء.